رئيس التحرير
عصام كامل

امنعوهم عن إبهارنا.. أرجوكم


حينما نتحدث عن الإرهاب، يجب ذكر أعداد الضحايا والمصابين، ومقارنتهم بالنسب المئوية لجموع القتلى في مصر حتى نعطي العدد النسبة التي يستحقها من الاهتمام والخوف والحذر من تلك الأيادي الغادرة للوطن والسالبة لأرواحه البريئة.


ولنكون منصفين في الرصد، يجب ذكر أن ضحايا الطرق في مصر تفوق أعداد ضحايا وقتلى الإرهاب! وذلك بعد مقارنة تلك النسب مع ضحايا الطرق كونها أكبر النسب في إهدار الأرواح على الإطلاق، والتي توفيت نتيجة أخطاء تتحمل معظم مسئوليتها الحكومة، من خلال مسئوليتها الكاملة عن سلامة الطرق وتذليلها، بما يعمل على حفظ وسلامة المواطنين.

تقول الإحصائية، حسب "منظمة الصحة العالمية"، إن عدد الوفيات جراء حوادث الطرق في مصر يتجاوز الخمسة عشر ألفا، فيما قد يصل عدد المصابين إلى خمسين ألف مواطن!

فتتغير الحكومات ويرحل المسئولون، وتظل مصر الأسوأ عالميا في شبكة النقل، سواء بالقطارات أو بالسيارات، بسبب الطرق غير المجهزة، وشبكة مواصلات لم تنلها يد الاهتمام والمتابعة والرقابة والتطوير منذ عقود، مما يجعل طرقها غير صالحة للسير على الأقدام لا لسير الناقلات والقطارات والسيارات الخاصة أو النقل الجماعي.

حتى تحافظ الدولة على سلامة مواطنيها، يجب أن تتأكد من تنفيذ عوامل السلامة المرورية على الطرق، فتكون أدت مهامها في الدور الإنشائي والرقابي وتكون على قدر المسئولية المنوطة بها.. يجب عليها تمهيد ورصف الشوارع طبقا للمواصفات الهندسية العالمية، والتأكد والمحافظة على طرق خالية من المعوقات، وتحقيق عوامل الأمن والسلامة، ولا نغفل الجودة أيضا.

بالرغم من الوضع الجلي لأي عين راصدة ومحتكة يوميا بالشارع المصري من موظفين وطلاب علم وربات بيوت وحتى السياح الأجانب، نجد المسئولون عن شبكة المواصلات ينكرون عوار شبكة النقل ويحملون السائق المصري المسئولية عن وفاته أو إصابته!

فيخرج علينا مسئول بهيئة الطرق والكباري معلنا أن إصلاح الطرق سيرفع معدل حوادث الطرق، لأن الطرق ستكون أكثر نعومة وتغري السائقين بزيادة السرعة، مؤكدا أن الحواث ستزيد ولن تقل، مذيلا تصريحه بجملة أبهرتنا: أنا دكتور في الطرق وبقول دا ورزقي على الله!

ويرد لسان حالنا: إحنا اللي عوضنا في الطرق على الله، إذا كان هذا فكر المسئول عن سلامة الطرق!

ولا يرحمنا المسئول الذي أعقب المسئول الأول من أن يدلوا بدلوه هو الآخر في الطرق والسلامة والإبهار.

يخرج علينا المسئول عن الطرق، في تصريح أشد إعجازا في فكره وتعامله مع أمن وسلامة المواطن، مصرحا ومؤكدا أن الحوادث عندنا سببها عدم الانضباط والشبورة!

وحتى يتأكد سيادة المسئول من تعميق فكرة تأنيب الضمير لدى السائق المصري، أضاف قائلا: كلما زاد سوء حالة الطريق قل عدد الحوادث، لأن الطرق المكسرة بتجبر السائق يخفض سرعته، وبالتالي تقل نسبة الحوادث!

يا راجل!

كم الإبهار في تصريحات المسئولين يجعلنا نطالب بإزالة الطرق من أساسها لنضمن أكبر قدر من سلامة المواطنين من الحوادث، لأنهم أصبحوا يحتاجون رعاية صحية نفسية "لنكن دقيقين"، بعد سماعهم لتصريحات رجال مسئولين منوط بهم حفظ وسلامة أرواحنا بناء على القدر العالي من المحصلة العلمية الحديثة لهم في قيامهم بدورهم المهم في قيادة مصالح الدولة والمواطن.

سيدي، نحتاج لتخطيط على أحدث مستوى علمي للطرق والكباري.. نريد طرقا بمنحنيات هندسية دقيقة الزوايا.. واتساع منطقي لمرور أعداد المركبات، بما يتناسب مع الكثافة المرورية لتلك الطرق والمناطق.. بحاجة ماسة لشركات إنشاء تكون مراقبة من جهات صارمة لتنفيذ الطرق من مواد الخام "كالأسفلت" عالية الجودة التي يمهد ويسفلت منها الطرق لضمان جودة التمهيد وعدم تعرضها لهبوط أو تكسير مع أمطار أو قاطرات ذات حمولات كبيرة.

نريد إبهارنا بفكر علمي مواكب لحداثة العالم في جعل الحياة أكثر أمنا وأكثر حرصا على التطور، لا على العودة لعصور ركوب الجمل وامتطاء الحمار.

الجريدة الرسمية