رئيس التحرير
عصام كامل

برامج النصب الطبي!


كان مساعد مخرج فاشلا، في قناة مغمورة، اليوم أصبح صاحب خمسة مراكز طبية ومحتكرا لمعظم البرامج الطبية المعلنة في أهم القنوات الفضائية، وأرصدته في البنوك تقدر بعشرات بل مئات الملايين، نموذج آخر لصيدلي من خلال البرامج الطبية المعلنة وكلامه عن الطب البديل واستغلاله لحاجة الناس للعلاج فتح فروعا في كل المحافظات تقدر أيضا بعشرات الملايين، وبعد أن هرب خارج البلاد عاد نائبا برلمانيا ومالكا لقناة فضائية يعمل لديه مشاهير الصحافة والإعلام والرياضة، نموذج ثالث لطبيب حديث التخرج اشترى وقتا في إحدى القنوات الفضائية خلال شهرين رفع قيمة الكشف في عيادته من 25 إلى 750 جنيها، وبعد أن كانت خاوية من المرضى أصبح الحجز عنده بالشهور.


نموذج رابع كان ضيفا دائما في كل البرامج الطبية، فجأة أنشأ أكاديمية للطب البديل، وبعد سنين طويلة اكتشفت وزارة الصحة أنه ليس طبيبا بل خريج تربية رياضية، أيضا وفي مصر فقط تشاهد على الهواء مباشرة شيوخا ودجالين يستخرجون الجن والعفاريت ويفسرون الأحلام ثم يفتحون عيادات خاصة حجزها بالشهور، أما عن أغرب إعلانات لا يمكن أن تشاهدها أيضا إلا في مصر فهي إعلانات عن أخصائيين روحانيين لعلاج السحر والشعوذة وجلب الرزق والحبيب والصديق ورد المطلقة، كذلك إعلانات أدوية الضعف الجنسي وما تحتويه من ألفاظ أقل وصف لها أنها أفلام إباحية أو أفعال فاضحة، أيضا إعلانات الأدوية والأعشاب التي تعالج كل الأمراض ويتم توصيلها إلى المنازل بمصاريف الشحن.

نماذج النصب الطبي كثيرة جدا، لا يتسع المقام لذكرها، البرامج الطبية مدفوعة الأجر تتاجر بآلام المواطنين وتستغل حاجتهم للشفاء من الأمراض الخطيرة خاصة السرطانية، وكذلك لهفتهم إلى الإنجاب والتخسيس، حالات وفاة وكوارث كثيرة حدثت بسبب هذه البرامج، فكل من هب ودب حتى لو كان بدون مؤهل وبفلوسه يقول ما يريد ويفتي بما يعلم وما لا يعلم، الإعلانات عن الأدوية والبرامج الطبية مدفوعة الأجر أصبحت أكثر من عدد السكان.

الطبيب الذي يظهر على الشاشة وينصب على الناس ويكتب أرقام تليفونه وعنوان عيادته على الشاشة مشهد لا يوجد إلا في مصر فقط، وللأسف الضحية هو الشعب الذي يعاني من الفقر والجهل والمرض، وما زال يصدق كلام هؤلاء النصابين في الفضائيات باعتبارها مصدرا للثقة، كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر كل أجهزة الدولة، ولا أحد يحاسب أحدا، ولا يهمه صحة هذا الشعب المسكين، ووزارة الصحة تلقي بالمسئولية على الفضائية والهيئة العامة للاستثمار، باعتبارها هي الجهة التي تملك منح أو سحب تراخيص الفضائيات.

لذلك فإنني أناشد رئيس الجمهورية أن يصدر قرارا بوقف الإعلانات عن الأدوية وكل البرامج الطبية المعلنة وبرامج السحر والأحلام والشعوذة في كل وسائل الإعلام، خاصة الفضائيات، ويتم إغلاق القناة التي تخالف ذلك رحمة بالمواطن المغلوب على أمره.

يجب وقف هذه المهزلة التي لا تحدث في أي دولة في العالم إلا في مصر، وعلى الهواء مباشرة، وبمباركة مسئوليها، فهل يفعلها الرئيس؟

الجريدة الرسمية