رئيس التحرير
عصام كامل

«أبوعلي» يرصد 10 مشاهد في «مجزرة بورسعيد»

مجزرة بورسعيد
مجزرة بورسعيد

منعتني ظروف عملي من التواجد بمباراة الأهلي والمصري وقتها، وكانت السنه الثانيه لي التي لم ارافق جماهير النادي الأهلي إلى هناك، بالرغم من حضوري اغلب مباريات الأهلي امام المصري من داخل المدرجات.


تحدثت صباح يوم 1 فبراير 2012، مع العديد من اصدقائي بمجموعة ألتراس "اهلاوي وديفيلز"، حول كيفية الوصول لاستاد بورسعيد،مقرر إقامة مواجهة الأهلي والمصرى، والذي شهد أحداث مجزرة بورسعيد، فأكدو لي أنه لم يستطيعو أن يتوجهو إلى هناك بالاتوبيسات، وانهم يشعرون بان هناك من يسعى لعدم حضورهم المباراة أو من يخلي مسئوليته عن رحلتهم إلى مدينة بورسعيد فقررو التوجه إلى محطة مصر والسفر إلى هناك بالقطار كما حدث الموسم الماضي فبدأت اشعر بالقل عليهم وطالبتهم بعدم تكرار الاحداث التي وقت قبل عام بالمدينة هناك عندما توجهو اليها بالقطار حفاظًا على الشباب الصغير المتواجد معهم خاصة وان كل الاخبار الوارده من بورسعيد توكد وجود حالة شحن غير طبيعيه هناك.

وأثناء طريق السفر، لم تنقطع الاتصالات بيننا، واخبروني أن الأمن قام بانزالهم من القطار قبل مدينة بورسعيد، وسوف يوفر لهم اتوبيسات تتوجه بهم إلى ملعب المباراة وانه تم توفير سيارات تأمين لهم فاستراح قلبي قليلا خاصة وانني كنت على يقين بان جماهير المصري ستنتظرهم عند محطة القطار، ولكني بدأت اشعر بأن هناك شئ غريب يحدث وبالفعل تم تحطيم أول عدد من الاتوبيسات تم وصوله إلى الملعب ليقرر الأمن أن يتم نقل الجماهير الاهلاويه داخل سيارات الأمن المركزي التي لم تسلم هي الاخرى من اعتداءات الجماهير ووصل الجميع إلى الملعب.

جماهير الأهلي تشعر بوجود حالة شحن غير عاديه، ولكنهم نظرًا لحضورهم العديد من المباريات بمدينة بورسعيد يعلمون أن هذا الطبيعي دائمًا ولكن يوجد شئ ما في الصدور مختلف عن كل اللقاءات السابقه فالألعاب الناريه تقذف على اللاعبين من كل ارجاء الملعب السباب المتواصل للأهلي ولجماهيره والتهديد والوعيد بالقتل بعد المباراة يزداد جماهير المصري وأعضاء سوبر جرين وجرين ايجيلز يتواجدو داخل الملعب بكثرة عدد من الجماهير يتوجه إلى مدرجات الأهلي في حالة هيستريا غريبه مهددين بالذبح باب الدرجه الثانيه يفتح ويدخل منه عدد كبير من أعضاء السوبر جرين المنتمي للنادي المصري إلى أرض الملعب ويقوموا بالتوجه إلى مدرجات الأهلي ويقومو بقذف شماريخ وألعاب ناريه على جماهير الأهلي التي تقوم بالدفاع عن نفسها ورد هذه الشماريخ اليهم.

بعد إطلاق الحكم "فهيم عمر" انتهاء احداث اللقاء، زحفت جماهير المصري إلى المدرجات الاهلاويه، وقبلها قامت بالاعتداء على اللاعبين في أرض الملعب، وأصيب شريف اكرامي حارس مرمى النادي الأهلي في عينه وقتها، فما كان من جماهير الأهلي الا وصرخت في اللاعبين "اجرو اجروا"، "اللاعيبه اللاعيبه هيضربو اللاعيبه"، وهو الصوت الأخير لهم التي اظهرته إحدى كاميرات التصوير من داخل المدرجات الاهلاويه ليفاجئو بعدها بصعود اعداد كبيرة من جماهير المصري إلى مدرجهم في ظل صمت رهيب من الأمن الذي اتخذ موقف المشاهد رافضا التدخل وترك جماهير الأهلي تقتل امام عينيه دون محاولة ابعاد جماهير المصري عنهم وارى من وجهة نظري أن تدخل الأمن كان سيقلل من حجم الكارثة وكان من المؤكد أنه كان سيمنع وقوعها الا أنه القدر الذي حدث وسقط 72 شاب من خيرة شباب البلد كان كل جرمهم الذي اقترفوه هوا تشجيع ناديهم وحرصهم على مؤازرته فقط لا غير.

بدأت الاتصالات تنهال عليا "في ايه بيحصل عندكم"، وكان ردي انا ما روحتش الماتش، احاول جاهدًا الاتصال بالمئات من اصدقائي هناك، ولا أحد يجيب وبعد نصف ساعه اجابني أحد الاصدقاء:
في ناس ماتت في ناس ماتت
فكان ردي انتا بتهزر ماتت ايه عمرها ما توصل لكده
والله العظيم زي ما بقولك يا ابوعلي، والله انا شفت ناس ماتت امام عيني داخل المدرج
طيب انتا فين ؟
انا في غرف ملابس اللاعيبه
وانتهت المكالمة
حتى تاكدت من وجود ضحايا من صديق آخر، ولكنه لم يكن يعلم العدد، وأكد لي أن في عدد كبير مات وانه شاف "رشدي " رحمة الله عليه ميت انتابتني حالة من الصدمه وبدء عدد الشهداء يزيد مع مرور الوقت.

الاتصالات الغاضبه تنهال عليا "هنعمل ايه؟"، "قلتلهم نروح النادي كلنا نتجمع هناك، وناخد قرار فالاتصالات مقطوعه مع الجميع والصفحه الرسميه للمجموعه تؤكد وجود حالات وفاة والعدد غير معلوم".

وصلت إلى مقر النادي، التف حولي المئات من أعضاء الجروب وبعض الاهلاويه، وبدات التساولات "ايه إلى هيتم دلوقتي ؟"،
وقفت عاجز امام ما اسمعه من اخبار من هناك، ومن أسماء القتلي، فكثير منهم اصدقائي، ومع ذلك اسعى للاتصال بهم ولا أحد يجيب وجدت بعض عمال الأمن بالنادي يستنجدون بي اتصرف في ناس عايزه تخش النادي تعتصم جواة وبعضهم بيطالب بتحطيمه حاولت اتحدث معهم وجدتهم لا يعلمون من انا فتيقنت بأنهم ليسو من المجموعه وانهم شباب اهلاوي غاضب وعلمت بعدها بدقائق أن بعض الحركات السياسيه طلبت الاعتصام داخل النادي بالفعل وهو الأمر الذي قمت بمنعه انا وبعض أعضاء المجموعه الذين لم يتوجهو إلى بورسعيد يومها حتى اتصل بي أحد الاصدقاء تليفونيا من هناك واخبرني بتوجه جماهير الأهلي إلى محطة القطار وانهم سيصلو القاهره في خلال ساعات.

اخبرت الجميع بما سيحدث، وأ الجماهير في طريقها إلى محطة مصر واجريت تليفون باحد البرامج الفضائيه وقتها اخبرتهم باننا متوجهين إلى محطة مصر نظرًا لعودة الجماهير المصابه بعد ساعات إلى هناك ويجب على الجميع أن يكون في انتظارهم وبالفعل توجهنا إلى المحطة سيرًا على الاقدام في مظاهرة غضب بعد مقتل اصدقائنا لنفاجئ بعد اقل من ساعه بالعدد المهول والضخم جدا الذي امتلئت به المحطه وان هناك ثورة غضب عند جميع الاهلاويه البعض طالب بالتوجه إلى بورسعيد والبعض الاخر طالب بضرورة الانتقام وبدءت الحركات السياسيه ورموزها في التواجد بالمحطة وكذلك بعض اللاعبين والممثلين وأهالي الشهداء وأهالي الجماهير التي كانت هناك.

وصل قطار الجماهير في ظل مظاهره عارمه من الغضب انتابت جماهير الأهلي/ فور تأكدهم من العدد الكبير الذي مات ورأيت بعيني حجم المأساه الجميع مصاب بحروق وكسور وكدمات وجروح تيقنت بعد مشاهدة الجماهير وهي تنزل من القطار أن المأساه كبيرة وان ما قيل في وسائل الاعلام حق وان الاعداد التي نسمع عنها حقيقيه والتقيت "كريم عادل " كابو المجموعه وقتها والذي اجهش في البكاء ولم يكن على لسانه الا "انس " مات يا ابوعلي "انس " مات الناس ماتت قدامنا ومعرفناش نعمل حاجه الوضع كان صعب ومكناش متخيلين أن ده هيحصل واجهش الجميع في البكاء بدأت سيارات الإسعاف في نقل المصابين إلى المستشفيات وبدات اعلم أسماء الشهداء.
"محمد على مات، الغندور مات، انس مات، أحمد وجيه مات، جونيور مات، رشدي مات".

علمنا بعدها بوصول الشهداء بطائرة عسكريه من بورسعيد إلى القاهره وستصل إلى مطار الماضة، وان هناك مجموعه من الأهالي تقوم الآن بنقل ابنائهم بسياراتهم إلى القاهره وان الجثث بمستشفيات بورسعيد سعينا للتواصل ببعض الأهالي إلا أن حجم الكارثة وضخامة الموقف منعتنا منذ ذلك.

لم ينم أحد وقتها، فالجميع يشعر بالمراره ويشعر بحالة من الغضب لا يعلم مداها إلا الله، لينتهي اسوء يوم في تاريخ البشرية.
الجريدة الرسمية