مصر فوق الجميع
في الوقت الذي تحارب فيه "الدولة المصرية" على عدة جبهات خاصة ضد الإرهاب والفساد، وتناضل من أجل النهوض بمواطنيها والسير على طريق الديمقراطية وإعلاء شأن دولة القانون، يتعمد عدد من أبنائها في الداخل، ناهيك عن العملاء والمأجورين والهاربين في الخارج –عن عمدٍ أم جهل أو قصدٍ وسوء نية– العمل على عرقلة المسيرة الوطنية والسعي لمحاولات هدم الدولة تحت دعاوى زائفة وشعارات كاذبة ولافتات مضللة.
وقد حفل شهر يناير المنصرم بالكثير من الشواهد والصور التي تؤكد وتبين غياب "المصلحة العُليا للبلاد" عن أعين الكثيرين من المصريين، نوابًا ومسئولين وصحفيين وإعلاميين ورياضيين ومواطنين عاديين.
لقد كشر النواب عن أنيابهم نحو الحكومة، ورفضوا بأغلبية 332 نائبًا مقابل 150 وامتناع 7 عن التصويت، قانون الخدمة المدنية، خاضعين في ذلك لضغوط الرأي العام ولمصالح وأصوات ناخبيهم، متجاهلين كل التحذيرات من رفضه، وقد أعلنوا رفضهم هذا، مصالحهم ومصالح ناخبيهم فوق المصلحة العُليا للدولة، وإذا كان من حق النواب وواجبهم الدفاع عن مصالح الناخبين والعمل على تحقيق رغباتهم، فإن الحفاظ على الدولة يجب أن يكون الهدف الأول والأسمى للجميع.
"الحكم هو عنوان الحقيقة".. فقد أصدرت محكمة القضاء الإداري الأحد 27 ديسمبر 2015 حكمًا بحل مجلس إدارة النادي الأهلي للألعاب البدنية، وبطلان الانتخابات التي فاز فيها المهندس محمود طاهر بمنصب رئيس النادي، وماطلت الجهة المسئولة في تنفيذ الحكم شهرًا كاملًا من أجل محاولة الخروج من هذا المأزق القانوني، وأخيرًا قام وزير الشباب والرياضة يوم الثلاثاء 26 يناير 2016 بتنفيذ الحكم شكلًا والالتفاف عليه موضوعًا؛ بتعيين مجلس الإدارة المنحل مرة أخرى لمدة عامٍ أو لحين إجراء انتخابات جديدة، رافعًا بذلك شأن النادي الرياضي فوق الدولة وفوق القانون وروحه، معترفًا بأن النادي فوق الجميع كما يتشدق أعضاؤه وتتفاخر بذلك جماهيره!
أسهب الكثيرون من الصحفيين والإعلاميين وأشباههما قبل 25 يناير في الحديث عن المخاوف المرتقبة لأحداث ذلك اليوم، والتوقع بأحداثٍ جسام يقوم بها الإرهابيون، وذلك على غير الواقع والحقيقة، فالمصريون أدركوا وأيقنوا أن زمن الانفلات قد ولى وأن هناك عيونًا ساهرة لا تنام - حماها الله - تحمي البلاد والعباد من شر الإرهاب والإرهابيين، وأن رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة يقدمون أرواحهم ودماءهم فداءً للوطن.
لا يزال المرء مندهشًا ومتعجبًا من أولئك الذين يلاحقون المفكرين والمثقفين وكل صاحب رأي لا يروق لهم، بالقضايا أمام المحاكم، وليس بالرد والتعليق والمنطق والحجة! ألا يكفى القضاء ما أمامه من مئات الآلاف من القضايا في المحاكم المختلفة في البلاد!
حرية النقد مكفولة لكل مواطن، أما جرائم السباب والإسفاف وإهانة الآخرين، فهي مقيدة بالقانون إن لم تكن مُحرمة بالدين والأخلاق، ولا نوجه الحديث إلى أولئك المنفلتين أخلاقيًا والمرضى نفسيًا فالقانون أولى بهم، ولكن الدهشة والعجب لأولئك الذين يدافعون عن سوء الخُلق وسوء الأدب ويعملون على نشر "القبح" في المجتمع تحت زعم حرية الرأي.
وأخيرًا.. إن مصرَ فوق الجميع، فوق أي سلطة ومؤسسة وهيئة ونادٍ رياضي.