رئيس التحرير
عصام كامل

«الغباوة» في الدفاع عن أحمد مالك وشركاه!


مبررات مدهشة.. مستفزة.. يسوقها المدافعون عن أحمد مالك والذين معه.. أكدوا فيها دون أن يدروا أنهم لا يؤمنون بمبدأ ولا يدافعون عن قيمة، وكان بإمكانهم الإقرار بالخطأ ـ لأنه خطأ ـ ثم طلب العفو ودعم فكرة قبول اعتذار أحمد مالك.. إلا أنهم أكدوا أيضا أن الموضوع أكبر من مجرد فيلم، وأن الموقف من الشرطة وأجهزة الدولة كلها لن يتغير حتى لو تغيرت الشرطة، ففي الدفاع عن مالك وشركاه كان المنطق إعادة إنتاج الاتهامات الموجهة للشرطة في أحداث يناير!! وهذا يؤكد المنهج الثأري في الأمر وليس الرغبة في تجاوز الماضي لمصلحة المستقبل والدفع بمبدأ أن علينا تجاوز كل ما جرى، وأنه إن كان هناك من دفع الثمن فليس مطلوبا ولا مفيدا أن نظل ندفعه أو تظل تدفعه البلد دائما وإلى ما لا نهاية!


كما أن الدفع بأن أحمد مالك صغير السن وقد تجاوز العشرين! علما بأن هذه السن أكبر من السن التي يلتحق فيها المجندون في الأمن المركزي، وهو سن التعيين في الشرطة، وهو سن أغلب من قاموا ببطولات وتضحيات، ثم إن كان هذا مبررا للعفو عن أحمد مالك، فماذا عن شريكه شادي، وهو أكبر سنا من مالك بكثير؟! هل يوافقون على عقابه؟ لا طبعا، إذن ليست السن هي المشكلة!!

آخرون راحوا يرددون أن الشرطة هي من قتلت المحامي في قسم المطرية! ولم يقولوا إن أحدًا يقبل بتجاوزات الشرطة ولا أحد يرضى بقتل أحد، لكن الأهم أنهم لم يقولوا أن الضابطين المتهمين قبض عليهم وأوقفوا عن العمل بل وحوكموا وعوقبوا وفي السجن الآن! ومنهم من قال إن الشرطة قتلت شيماء الصباغ! ودون أن يقولوا إن قاتلها هو أول ضابط في تاريخ الشرطة المصرية، يتم القبض عليه بعد التحري عنه بسبب إطلاقه للنار على متظاهرين!! ولم يسبقه إلا قناص العيون، لكنه كان معروفا بشكل يقيني وبفيديوهات كشفت عنه.

أما قاتل شيماء الصباغ فقد كشفته التحقيقات والتحريات دون إخفاء شيء والأهم أنه يقضي أيضا العقوبة في السجن الآن! كما أن هناك من يسخر من عبارة أحداث وتجاوزات فردية من الشرطة، وهي عباره تعني أن ما يجري ليس منهجا يتم بتعليمات ورؤية وضعتها الداخلية وأن الأهم أن الأخطاء واردة لأن الضباط والأمناء بشر، ولكن الأهم أنه لا يمر خطأ بغير عقاب حتى يأتي الوقت الذي تستقر قيم الثواب والعقاب وقيمة محاسبة المخطئ، وعندها ستختفي الظاهرة كلها..إلا أن السخرية هي أيضا ذات دلالة!

ورغم أن مبدأ "واحدة قصاد واحدة" مبدأ غير متحضر، ومن دون الدخول في تفاصيل فلا توجد جريمة لضابط أو أمين شرطة إلا ويعاقب بسببها.. والدفع أن العقوبة لا تكفي فلا دخل للشرطة به، إنما السبب في التشريعات الموجودة، وكلها قديمة، كما أن الدفع بأن هناك من لم يعاقب حتى الآن إلا نهم لا يقولون إن التحقيقات أو المحاكمات جارية دون مجاملة لأحد!

السؤال: هل المعلومات السابقة خافية على أحد؟ بالطبع لا، ولذلك فتعمد إعادة إفساد العلاقة بين الشرطة والمصريين لا تتوقف، وكلها تتم في إطار إشعال الصدور بالغضب وبالطبع إعلام الشر الإلكتروني المسئول عن ماكينة الإحباط والغضب والشائعات هو المسئول، حيث يتأثر به الكثيرون بنظرية السلوك الجماعي والتأثر بالمحيط القريب!

الآن.. ما الحل أن رفعت الشرطة أيضا شعار الثأر لضحاياها؟ وماذا لو رفعوا شعار أن الكثيرين يجب أن يدفعوا ثمن تحطيم وإحراق مؤسسات الداخلية وممتلكاتها وسياراتها؟ هل سيكون هذا حال بلد يسعى للتقدم؟ هل هذه حال بلد يريد أن ينطلق للأمام؟ هل من العقل والمنطق والحكمة أن يقف بلد ما في مكانه بل يجد من يشده إلى الخلف باستمرار؟ وما دور القانون إذن؟ وإن كان الشلل التام والارتباك الكبير والعودة الدائمة للوراء وعدم التقدم ورفض دولة القانون وإفساد الحاضر وتدمير المستقبل، من أجل الماضي كلها أهداف للإخوان، فلماذا يساعدهم غير الإخوان؟ نكرر: لماذا يساعدهم غير الإخوان.. ذاك هو السؤال الذي نترك لكم الإجابة عنه!!

الجريدة الرسمية