رئيس التحرير
عصام كامل

ورغم ذلك.. بلدنا فيها حاجات حلوة!


رغم (هلفطة) البعض من كارهي هذا الوطن بأن السلطة خوفت الناس من الاحتفال بـ25 يناير، وأرعبت الجماهير الحاشدة التي كانت تنتوي النزول للاحتفال في ميادين مصر!


ورغم الغيبوبة التي ما زالت تسكن عقول فئة قررت أن تسجن نفسها في 25 يناير ولا ترى غيره، وما زالت تتحدث عن السلمية وروعة ونقاء شباب يناير، ولا ترى ما حدث في جمعة الغضب وما تلاها من حرق وتدمير وتخريب بشكل عمدي وليس عفويا، حتى كادت أن تسقط الدولة بعد سقوط النظام!

ورغم أن البعض منهم ما زال يصدق ويفخر بشهادة أوباما التي قال فيها: نحن نتعلم من المصريين، وكذلك بعض الأصوات من الغرب الذين رددوا هذه المقولة التي كانت طعما ابتلعه هؤلاء.. ثم بعد ذلك راهن أوباما والغرب وأطراف عربية وإقليمية على سقوط الدولة، عندما دعموا حكم الجماعة الإرهابية ودفعوا لهم المليارات لتنفيذ مخطط صهيوني أمريكي بامتياز وهم في غفلة لا يتأملون!

ورغم تجاوز المتحدث الرسمي باسم حزب البرادعي، خالد داوود، ومعه شاب آخر على رجال الشرطة والشهداء منها في برنامج البيت بيتك، مع مذيعة فقدت القدرة على التوقف أمام الحالة الإنسانية للشهداء وأسرهم عندما قالوا (وإيه يعني لما يموت ضابط ولا عسكري.. مش هي دي شغلته!).. ورغم كل هذا القبح لم يحركا ساكنا ولم تستطع المذيعة أن ترد غيبة شهداء أبرار راحت أرواحهم لتجلس هي وغيرها أمام الكاميرات تتحدث عن شباب يناير!

ورغم خروج بعض الخبث في ذكرى الاحتفال بعيد الشرطة، عندما نشر ممثل مغمور اسمه أحمد مالك فيديو أثار حالة من الاستياء العام، حيث خرج فيه عن كل قواعد الأدب وأثار اشمئزاز الجميع، حيث قام بنفخ عدد من "العوازل الطبية" ليبدو على شكل بالون وحتى لا يتعرف عساكر الشرطة على شكله الأصلي، وكتب عليه عبارة: "من شعب مصر إلى الشرطة في 25 يناير"، ونزل ميدان التحرير برفقة شادي حسين وهو مراسل لبرنامج المسخرة "أبلة فاهيتا"، وقدما هذه البالونات المزيفة كهدية إلى عساكر الشرطة الموجودين لتأمين الميدان في يوم 25 يناير، وقاما بالتقاط بعض الصور مع العساكر على أنهم يحتفلون بأعياد 25 يناير معهم، ونشروا الفيديو على موقع التواصل، كما كتب شادي حسين على موقعه بفيس بوك: "نزلنا نحتفل بعيد الشرطة أنا ومالك في عز البرد عشان محدش يزايد علينا".. رغم هذه القذارة وهذا الانحطاط الخلقي رد عليهم الشرفاء من أبناء هذا الوطن بما يكفي على صفحاتهم وعرفوا قدرهم جيدا.. لكن هذا لا يكفي ويجب التحقيق معهما، كل في مجاله، ولا يقبل لهما عذر أو تقبيل أقدام رجال الشرطة!

ومع ذلك ورغم كل هذا الشذوذ السلوكي والفكري.. بلدنا فيها حاجات حلوة.. بلدنا فيها الخير في الناس إلى قيام الساعة.. بلدنا فيها أب لثلاثة أبطال شهداء دفعوا حياتهم ثمنا قليلا من أجل مصر.. أب فخور بما قدمه لوطنه.. بلدنا فيها جيل من أبناء الشهداء كبر قبل الأوان وعرف الطريق دون أن يوجهه أحد.. جيل تعلم من الألم على فقد العزيز الغالي أن يكون محبا لوطنه.. بلدنا فيها أمهات صابرات محتسبات لا تقول غير الحمد لله أن رزق أبناءهم الشهادة.. أمهات فرحات بلقاء فلذات أكبادهن في جنة الخلد.. الجنة تحت أقدام الأمهات، والشهيد يشفع في سبعين من أهله.. بلدنا فيها آباء لم يجزعوا لفراق الأبناء.. يقولون: ولدينا مزيد من الأبناء فداء لمصر وشعبها.. بلدنا فيها ناس قدمت الورود لرجال الشرطة في عيدهم.. وفيها ناس تنفطر قلوبهم على شهداء ليسوا أبناءهم.. وناس تعرف بالكلمة الطيبة كيف تضمد الجراح، وكيف تطبب المريض حتى يتعافى.

بلدنا فيها حاجات كتير حلوة.. فيها رئيس سقطت دموعه رقة وتعاطفا وتأثرا إنسانيا.. فيها رئيس عاب عليه البعض من قساة القلوب وأعداء المشاعر الإنسانية من خطابه العاطفي، وهم لا يدركون أن الإنسان الذي لا تدمع عيونه ليس إنسانا.. خطاب الرئيس العاطفي مشاركة وجدانية تجبر الخاطر وتزيح الهم وتضمد الجرح وتجفف الدمع.. لو يفقهون!

بلدنا فيها حاجات كثير حلوة.. فيها ناس بتحب البلد من غير صخب ولا مقابل.. فيها ناس عارفين إنهم حراسها وفيها جيش في رباط إلى يوم الدين.. بلدنا محروسة بوعد من الله ولو كره الكارهون.. وتحيا مصر.

الجريدة الرسمية