رئيس التحرير
عصام كامل

«أوسكار» بياض الثلج


تعودنا على إثارة الجدل بالتزامن مع بث حفل «الأوسكار» أهم المكافآت السينمائية في العالم، حيث يطلق نجوم الحفل العنان لأنفسهم بإبداء آراء سياسية أو فنية مثيرة للجدل خلال استلام جوائزهم.. لكن الوضع اختلف هذا العام وباتت أكاديمية فنون وعلوم السينما المانحة لجوائز «الأوسكار» موضع سخط وانتقاد الجميع منذ إعلان الترشيحات النهائية للجوائز التي سيجري توزيعها في الثامن والعشرين من فبراير المقبل.


ما إن أعلنت الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار، وقد خلت من الممثلين والممثلات السود، حتى انفجر بركان غضب في وجه أكاديمية فنون وعلوم السينما، التي اتهمت بالعنصرية والتمييز ضد السود من فناني هوليوود والانحياز الكامل إلى نظرائهم البيض وكأن المجتمع الأميركي يفتقد التنوع.

وبما أن النجوم البيض يسيطرون على كامل ترشيحات «الأوسكار» هذا العام، فإن الجوائز ستكون مثل «بياض ثلج» فيلم الصقيع والعواصف الثلجية «ذا ريفننت» الذي تربع على العرش بـ 12 ترشيحا في فئات عدة.. وهذا لم يرق لكثير من الفنانين السود أولا وبعض البيض ومن ركب موجة الاحتجاج لسبب أو لآخر نرصد بعضها هنا.

أول المحتجين كان المخرج الأسود سبايك لي، الذي نال «أوسكار فخرية» عن مجمل مسيرته قبل أسابيع، ومع هذا اتهم هوليوود بالعنصرية والتمييز ضد السود وأعلن مقاطعته حفل «الأوسكار» مفضلا عليه حضور مباراة كرة سلة، وزاد سبايك من إثارة الجدل بمطالبته الأكاديمية بـ«تطبيق نظام للحصص في الجوائز بهدف تعزيز التنوع»، ونسى سبايك أن المحاصصة وتحديد نسبة معينة من الجوائز بشكل مسبق للفنانين السود ستمنع ذهاب الجوائز إلى المتميز والمستحق سواء أسود أو أبيض وبالتالي يفقد الأوسكار قيمته ورمزيته.

تشدد سبايك لي قابله موقف مختلف من قبل الممثلة جادا بينكت سميث وزوجها ويل سميث، حيث أعلنا عدم حضور حفل الأوسكار احتجاجا على عدم ترشيح ويل سميث لجائزة أفضل ممثل ما يعد تمييزا ضد السود.

انتقدت الممثلة السوداء لوبيتا نيونغو الأكاديمية مطالبة بالتغيير في أداء أعضائها وفي أوساط الإنتاج الهوليوودي ككل بعد تغييب الفنانين السود عن الترشيحات للعام الثاني على التوالي، رغم أنها فازت العام 2014 بجائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم «12 عاما من العبودية» الذي نال كذلك أوسكار أفضل فيلم للمخرج الأسود ستيف ماكوين.

أما عن الفنانين البيض المتضامنين مع نظرائهم السود، فإن جورج كلوني هاجم تراجع الأكاديمية عن دعم الأقليات، مشيرا أن الفنانين من أصول أفريقية ويل سميث وإدريس إلبا يستحقان الترشيح للأوسكار هذا العام، داعيا الأكاديمية إلى إعادة النظر في اللوائح.. واستغلت الممثلة والمخرجة جولي ديلبي الفرصة لاتهام الأكاديمية بممارسة العنصرية ضد المرأة وأنها دفعت ثمن وصفها للأكاديمية بأنها «ذكورية وبيضاء»، قائلة: «من الصعب أن تعمل امرأة في هوليوود لأنهم يكرهون النساء».. وهذا الرأي أعاد إلى الأذهان انتقاد كل من جنيفر لورانس وباتريشيا آركيت لهوليوود باستغلال النساء والتمييز ضدهن على صعيد الأجور وطالبتا بالمساواة مع الممثلين الرجال!!

أما أغرب من ركب موجة انتقاد الأكاديمية فكان الممثل إيان ماكلين، الذي طالب بحصة كافية من العمل للفنانين «المثليين الجنس» وهي الفئة التي ينتمي إليها.. بينما اكتفى الفنان روبرت ريدفورد بالإشارة إلى أن مشكلة الأكاديمية أنها غير مستقلة بشكل كاف، وبالتالي يغيب عنها التنوع.

وأمام الهجمة الشرسة على الأكاديمية التي تترأسها السوداء شيريل بون ايزكس، اضطرت إلى الرضوخ وأعلنت عن اتخاذ سلسلة من التدابير التاريخية لتحقيق التنوع في صفوفها عبر «مضاعفة عضوية النساء والأقليات الإثنية بحلول 2020»، لأن أعضاء الأكاديمية البالغ عددهم 6261 تبلغ نسبة الرجال بينهم 76 % ونسبة البيض 93 %.

نخلص من كل هذا إلى أن أكاديمية «الأوسكار» لا تختلف عن أميركا ككل، فهي عنصرية قلبا وقالبا، وأن الديمقراطية فيها نسبية وترتبط بالمصلحة، فعندما انحازت للفنانين السود ومنحتهم أوسكارات كانت «ديمقراطية» وحين أدارت لهم ظهرها وغيبتهم عن الترشيحات باتت «عنصرية»!!
الجريدة الرسمية