رئيس التحرير
عصام كامل

احذروا من اشتعال النيران.. تونس تثور من جديد!


أود في البداية أن أؤكد أنه مهما حاول البعض تشويه ما حدث في تونس ومصر منذ خمس سنوات فيما عرف بثورة الياسمين بتونس وثورة يناير بمصر فأنهما سيظلان ثورتين حقيقيتين في إطار كل ما حدث من مؤامرة على الأمة العربية تحت مسمي الربيع العربي والذي هو بالأساس ربيع أمريكى صهيونى وعبرى بامتياز.


فما حدث في ليبيا مثلا مؤامرة واحتلال للاستيلاء على نفطها وخيراتها، وما حدث في سوريا هو أيضا مؤامرة للنيل من استقرارها واستقلال إرادتها السياسية والوطنية واكتفاءها الذاتى ودعمها للمقاومة، وبالتالى ما نطلق عليه ثورة ليس بالطبع كل ما حدث في الوطن العربي، وما نطلق عليه مؤامرة هو أيضا ليس كل ما حدث في الوطن العربي، لذلك يجب التفرقة بين ما حدث ويحدث داخل كل قطر عربي على حدة.

فمقولة الربيع العربي كلمة مضللة ومقولة الربيع العبرى ردا عليها مضللة أيضا إلى حد كبير فالتعميم خاطئ لذلك وجب التنويه والتفرقة. ومع اعترافنا وتأكيدنا على أن ما حدث في تونس ومن بعدها مصر هي ثورات حقيقية لها أسبابها ودوافعها وبواعثها إلا أن هاتين الثورتين لم يخلوا أيضا من محاولات إفسادهما بواسطة القوى الإمبريالية العالمية الأمريكية الصهيونية حيث استخدمت هذه القوى بعض الجماعات الإرهابية بالداخل التونسي والمصرى من أجل ركوب الثورة والاستيلاء عليها وهو ما حدث بالفعل وسعت بعد ذلك القوى الثورية ومعها الجماهير الشعبية لتصحيح مسار ثورتيهما التي ركبتها جماعات الإسلام السياسي الممارسة للعنف والتطرف والإرهاب.

إن الثورات لا تحدث من فراغ بل هي نتيجة طبيعية لقهر الشعوب بواسطة حكامها، وفشل الحكومات في تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطن، واتساع الفجوة بين المواطنين فيما نطلق عليه عملية الفرز الاجتماعي حيث يزداد الفقراء فقرا مقابل ازدياد الأغنياء غنى، وحين يشعر المواطن بأنه لم تصبح له كرامة في وطنه هنا يبدأ البحث عن بديل وعندما تغلق أمامه كل البدائل المتاحة وينفذ صبره تبدأ النيران تشتعل في نفسه ومن هنا تبدأ الثورة على القهر والظلم والاستبداد، وهو ما حدث للشعبين التونسى والمصرى تحت حكم زين العابدين بن على وحسنى مبارك، لذلك كان الانفجار الشعبي الذي خرج في ديسمبر 2010 في تونس ويناير 2011 في مصر مطالبا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالفعل تمكنا في غضون أيام قليلة من الإطاحة برموز النظامين في إطار ثورتين سلميتين أذهلا العالم ومن بعدها بدأت المخططات والمؤامرات تحاك ضد الشعبين والبلدين لإفساد ما حدث وحرمان الشعبين من تحقيق مطالبهما المشروعة في العيش الكريم داخل وطنهم.

لكن وعلى الرغم من مرور خمس سنوات على الثورتين التونسية والمصرية ما زال الشعبان يشعران بمرارة شديدة ومعاناة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وحتى اللحظة لم يتحقق للمواطن البسيط الحد الأدنى من الحياة الكريمة ولا توجد بالآفاق بوادر انفراجة لتحقيق أحلام الفقراء والكادحين والمهمشين والمظلومين والمكلومين في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

جاءت الذكرى الخامسة للثورة التونسية ووجدنا النيران تشتعل من جديد نتيجة لبقاء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية كما هي بل تزداد سوءًا، لذلك لا عجب أن نجد الشباب التونسي العاطل عن العمل والذي كان وقود ثورة الياسمين في نهاية 2010 يثور من جديد في وجه السلطة الحاكمة.

وبالطبع ومع تجدد الثورة التونسية وجب علينا التنبيه والتحذير من إمكانية اشتعال النيران بالداخل المصرى في ظل تردى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للغالبية العظمى من المصريين، وفى ظل عودة رموز فساد نظام مبارك لتصدر المشهد السياسي والاقتصادى والإعلامي والتشريعى، وفشل الحكومة في تبنى سياسات منحازة للفقراء والكادحين.

وعلى الرغم من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي انحيازه الكامل لثورة يناير وللفقراء والكادحين في كل خطاباته إلا أن الحكومة تعمل عكس ما يقول الرئيس، لذلك لابد من التحرك السريع لمواجهة رموز فساد نظام مبارك والإطاحة بهم من المشهد ووضع سياسات اجتماعية واقتصادية تأتى بنتائج سريعة يشعر بها المواطن قبل أن يصل لحد الانفجار الذي وصل إليه الشعب التونسي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية