رئيس التحرير
عصام كامل

مؤامرة الميليشيات الدينية!


اتّضحت ملامح الصورة وانكشف المخطط الإرهابى الذى يهدف بكل وضوح إلى إسقاط الشرطة، حتى تحتل مكانها الميليشيات الدينية!

وإسقاط الشرطة ظهرت ملامحه فى الفترة الأخيرة على الأخص، والتى تتسم بالصمت المطلق لرئيس الجمهورية إزاء الأحداث الصاخبة التى تحدث فى البلاد، من أول العصيان المدنى فى بورسعيد حتى المظاهرات والاحتجاجات فى كل عواصم الأقاليم، والتى كانت وما زالت زاخرة بالمصادمات الدموية مع الشرطة من قبل أطراف متعددة، وهى فى الحقيقة مواجهات لا يمكن على الإطلاق أن تفرّق فيها بين الثوار والبلطجية وأطفال الشوارع، والمشاركون فى هذه المظاهرات بعضهم ليس له أى هدف واضح ولا مطالب معقولة، ويهاجم الشرطة بقذف الطوب عليها وقنابل المولوتوف.


وإذا استخدمت الشرطة القنابل المسيّلة للدموع لمنع المتظاهرين من اقتحام المنشآت الحكومية أو الخاصة، فإن الانتقادات تتصاعد ضدها على أساس أنها تستخدم العنف المفرط!

وهكذا نتيجة لتبلّد الحس لقادة الإخوان المسلمين والعجز عن اتخاذ القرارات فى الوقت المناسب لمواجهة الاحتقان السياسى والغضب الجماهيرى الواسع المدى، وُضِعَت الشرطة ظلمًا فى مواجهة الجماهير.

بعبارة أخرى، تُرِكَت الشرطة دون أى غطاء سياسى لمواجهة الجماهير الغاضبة، وقد أدّى هذا التقصير المعيب والذى يدل على فشل سياسى ذريع، إلى إضراب أعداد كبيرة من ضباط وأمناء الشرطة، احتجاجًا على وضعهم هكذا بين المطرقة والسندان! بالإضافة إلى ضعف تسليحهم فى مواجهة البلطجية الذين يستخدمون الأسلحة البيضاء والخرطوش، بل والرصاص الحى فى الهجوم على أقسام الشرطة.

وقد انتهزت الجماعة الإسلامية فى أسيوط هذا الإضراب وقرّرت أنها – هكذا- ستحل محل الشرطة، وقامت باستعراض قوة فى شوارع أسيوط لتثبت أنها قادرة على الحفاظ على الأمن، وسار أعضاؤها فى الشوارع وهم يحملون الأعلام ابتهاجًا بهذا اليوم الميمون!

ومعنى ذلك بكل بساطة بداية تشكيل ميليشيات دينية، وهو الهدف الذى تسعى جماعة الإخوان المسلمين إلى تحقيقه عبر إثبات أن الشرطة عاجزة عن مواجهة الجماهير الغاضبة.

ومما يؤكد هذا الاتجاه الإخوانى التخريبى، التصريحُ الذى تورّط فيه المستشار المتحدث باسم النائب العام، والذى قرّر أنه اكتشف مادة "أثرية" مدفونة فى تلافيف قانون الإجراءات الجنائية، وأضيفت إليه عام 1950 تبيح لأى مواطن أن يقبض على أى مواطن ويتّهمه بارتكاب جريمة ويسلّمه إلى الشرطة وكأنه يمتلك الضبطية القضائية!

وهذا التصريح شبهة فى جبين المستشار الذى أصدره؛ لأنه تفسير منحرف للمادة، والتى تتحدث، كما يفهمها أى طالب فى كلية الحقوق، عن حالة "التلبّس"، بمعنى أنك لو شاهدت شخصًا يسرق أو يقتل، فمن حقّك أن تمسكه وتسلّمه إلى الشرطة.

أما أن يُقال للمواطنين انطلقوا واقبضوا على المخربين، فهذا يعد أخطر دعوة فوضوية تصدر من مسئول قانونى، وهى لا سابقة لها فى التاريخ الاجتماعى المصرى.

وإذا أضفنا إلى ذلك إصدار تشريع يقنّن وضع شركات الأمن الخاصة ويتيح لأفرادها حمل السلاح، ويعطى لهم صفة الضبطية القضائية، فمعنى ذلك خصخصة مؤسسة الأمن، وهو اتجاه بالغ الخطورة.

ونصل أخيرًا إلى "مهاويس" التيارات السلفية، الذين أعلنوا عن قيام حركة "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" لمطاردة الناس فى الشوارع بغير سند من القانون، بزعم حماية الأخلاق العامة! ومعنى ذلك كله أن حكم الإخوان المسلمين هو بداية نشر الفوضى الاجتماعية فى ربوع البلاد.

لا بد للقوى السياسية المختلفة ومؤسسات المجتمع المدنى وكل فئات المثقفين أن تقف صفًّا واحدًا لمقاومة تحويل المجتمع المصرى من مجتمع يسوده حكم القانون، إلى مجتمع تتحكّم فيه القوة الباطشة.

قال الإخوان من قبل: "نحمل الخير لمصر"، وهم يعملون فى الواقع على نشر الإرهاب فى البلاد، حتى ينفردوا بالسلطة إلى أبد الآبدين!
غير أن الشعب لن يقف متفرجًا، ولا بد له أن يخوض المعركة الحاسمة فى سبيل التحرر.

eyassin@ahram.org.eg

الجريدة الرسمية