رئيس التحرير
عصام كامل

25 يناير 2011.. وانتفاضة يناير 1977


مرة أخرى أؤكد أن شهر يناير أصبح إحدي علامات التاريخ المصرى لا يمكن تجاهله، خاصة الذاكرة الوطنية، تحدثنا من قبل عن 25 من يناير 1952، يوم المعركة المجيدة التي خاضها أبناء مصر في الشرطة في مواجهة غرور وصلف المحتل الإنجليزى، والذي تم اختيار هذا اليوم عيدا للشرطة، وعيدا قومي لمحافظة الإسماعيلية التي كانت أرض المعركة، ولكن حدث في 18 و19 من يناير 1977 حدثا مهما لا يمكن تجاهله أو التقليل منه، فقد سادت مصر في جميع المحافظات مظاهرات أدهشت النظام وخاصة الرئيس السادات الذي تصور أن انتصارات حرب أكتوبر 73 ستكون بمثابة مناعة دائمة أمام أي مشاكل تحدث، ولكن بمجرد الارتفاع المفاجئ للأسعار والذي أعلنه د.عبد المنعم القيسونى نائب رئيس الوزراء في ذلك الوقت، خرجت الملايين في جميع المحافظات، على يومين متتاليين، وطبيعى حدثت فوضى وحرائق خاصة في القاهرة، وتوقفت الحياة، وأصدر الرئيس السادات قرارا بإلغاء جميع قرارات الزيادة في الأسعار، ونزل الجيش في الشوارع وتم فرض حظر التجول وقرار آخر ببدء إجازة نصف العام قبلها بعدة أيام ومد إجازة نصف العام وجعلها ثلاثة أسابيع بدلا من أسبوعين، وحدث اختلاف بين الشارع المصرى والسياسي من جانب والنظام من جانب آخر، فقد أطلق على ماحدث انتفاضة شعبية، في حين أطلق عليها الرئيس السادات وحكومته وإعلامه، انتفاضة حرامية، وللأسف ارتبكت القرارات الحكومية لتزيد الأوجاع لدى المواطن.


هذه الحادثة التي تسببت في قرارات مهمة، منها حل مجلس الشعب وعمل استفتاء، وكان الهدف التخلص من بعض المعارضين بالمجلس، ولا نستطيع أن ننسى تعبير اللواء سيد فهمى وزير الداخلية وقتها تعليقا على أن نسبة الاستفتاء 99% فقط فقد برر للرئيس السادات، أن من قال لا أنها القلة المندسة المخربة! وتم عزل سيد فهمى وجاء النبوى إسماعيل!

نأتى إلى الأكثر حداثة وأكثر إثارة بين الخبراء وأيضا بين البسطاء، نحن نردد حديث سيدنا رسول الله "أن ماء زمزم لما شرب له".. أي بنية الإرتواء من ماء زمزم، نفس الأمر يمكن أن يكون 25 من يناير 2011، فقد نزل الشارع الملايين بضمائر نقية وبقلوب صافية طلبا للتغيير وعلى أمل تحسين الوضع المتردى، ولابد من الاعتراف أن المظاهرات في الأيام الثلاث الأولى كانت شيئا وبهدف محدد وهو تغيير وزارة الداخلية من تعاملها مع المواطن على خلفية موت أكثر من مواطن داخل السجون أشهرهم خالد سعيد، وفى الأيام الثلاث لم تحدث مشاكل جمة، وكان يمكن الأمر أن ينتهى تماما لو كان هناك ذكاء وحيوية في تفكير الإدارة السياسية ولكن ترهل النظام والغرور الذي تعامل به مع الموقف كان من أهم أسباب التصعيد الذي حدث.

وكل منصف عليه الاعتراف أن خروج المظاهرات يوم 25 من يناير لم يكن ضد حسنى مبارك، ومع دخول الإخوان المجرمين لأول مرة في المظاهرات يوم 28 من يناير، ظهر الدم في الشوارع والتخريب، بل أن حادثة الجمال والتي أطلق عليها موقعة الجمال، بنظرة موضوعية نكتشف أنها كانت ضد حسنى مبارك وليس معه، لأن الأغلبية من الشعب عندما شاهدت الخطاب الأول العاطفى لحسنى مبارك، طالبت المتظاهرين إخلاء ميدان التحرير، بل أن البعض كان يخشى فقط الخروج تحسبا للقبض عليه، وحدث ماحدث من تداعيات وتنحى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وتوالت الأحداث.

من تعريفات الثورة أنها فعل غير مشروع وضد القانون والنظام، فإذا نجحت أصبحت ثورة وفى حالة الفشل يحاكم من قام بها بتهمة قلب نظام الحكم ويكون الإعدام في انتظاره..

كان هدف 25 من يناير 2011 إزاحة وزير الداخلية ولكنها أزاحت رئيس الجمهورية، ومن حق الملايين التي تركت بيوتها ومنها من بات في برد الشتاء وكانت فعلا نواياهم نقية ووطنية ولا مزايدة عليها، هؤلاء من حقهم بالتشبث بأن 25 يناير ثورة حقيقية، وإن كانت بلا قيادة وكأنها جسد بغير رأس، وبالتالى سيطر عليها التنظيم الوحيد الإرهابى، ولم تحقق الأهداف التي رفعتها كشعارات في ميادين مصر"عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"...

وطبيعى بالإضافة إلى التنظيم الإخوانى الإرهابى كانت هناك عناصر تعبث بالوطن لمصلحة أعداء الوطن، من هؤلاء من انقلب حالهم من الشح إلى الملايين، من الفقر إلى التنقل بين دول العالم وكأنهم رؤساء دول، لأنهم كانوا ينفذون أجندات ضد الوطن، وهؤلاء لا يمكن يكونوا هم رموز ثورة بسطاء الشعب فهم كانوا أساس الثورة على ترهل وفساد نظام ظل 30 سنة في التوهان وعدم قدرته إلى نقل مصر من مرحلة إلى أخرى أفضل.
تحية إلى بسطاء الشعب المصرى وقود والعمود الفقرى لـ25 يناير 2011..!
الجريدة الرسمية