رئيس التحرير
عصام كامل

«حريتي في شغلي»


كان هذا الشعار هو الذي رفعه المتظاهرون في تونس مؤخرا.. وهو شعار يحمل رسالة للجميع... رسالة للذين يهتمون أكثر بالسياسة على حساب الاقتصاد أو بالإصلاح الديمقراطي دون اهتمام بالإصلاح الاقتصادي.. ورسالة أيضا لمن يعتقدون أنه في مقدور العاطلين الصبر طويلا على ذلك الحال الصعب الذي يعيشون فيه.. ورسالة كذلك لمن لا يدركون أن غاية أي ثورة هو تحسين أحوال عموم الناس وجعل حياتهم أفضل ولن تتحسن هذه الأحوال وهم عاطلون ويعانون العوز والفقر وضيق ذات اليد، ولا يقدرون على تلبية احتياجاتهم الأساسية.


نعم أنا أدرك أن منطقتنا وشعوبنا مستهدفة بمؤامرات خارجية يستهدف فيها المتآمرون علينا تقويض كيان دولنا الوطنية وتقسيمها وإضعافها ليسهل الهيمنة عليها خارجيًا..ولكنني مؤمن أيضًا أن المتآمرين يستغلون الثغرات الموجودة في مجتمعاتنا ودولنا لينفذوا إلينا منها، ويستثمروا مشاكلنا وأزماتنا وعيوبنا وتقصيرنا لكي ينفذون مؤامراتهم ضدنا..أي أننا إذا كنا نبغي حماية أنفسنا من هذه المؤامرة التي تحاك ضدنا لا بد أن نسد الثغرات في مجتمعاتنا وأن نسعى بكل قوة للتخلص من مشاكنا وأزماتنا أو على الأقل نقوم بجهد من أجل إيجاد حلول ناجحة وواضحة لها، وأن نفتح باب الأمل أمام عموم الناس في أن الغد سوف يكون أفضل.

فإن للصبر مهما طال دومًا حدودًا لا يستطيع بعدها الناس تحمله، خاصة إذا كان صبرًا لا يقترن بأمل تحسن الأحوال وانتهاء أو على الأقل حدوث انفراجة في المشاكل والأزمات.

ومن يتابع ما حدث ويحدث في تونس عن كثب سوف يكتشف أنه كان له أسباب موضوعية تتمثل في زيادة حدة مشكلة البطالة وسوء الأحوال المعيشية مع اختفاء الأمل في إمكانية حل في المستقبل لهذه المشكلة، أي إمكانية حدوث تحسن في الأحوال المعيشية، وأيضا مع وجود من يتربص بتونس ويسعى لفرض سيطرته السياسية عليها، أو بالأصح استعادة نفوذه السياسي الذي فقده في الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية.

وأعتقد أننا ندرك ذلك كله في مصر.. غير أن هذا الإدراك يجب أن يترجم باستهداف مباشر أكثر للفقراء وأصحاب الدخول المحدودة؛ لفتح باب الأمل لهم بتحسن أحوالهم.
الجريدة الرسمية