رئيس التحرير
عصام كامل

والدة أول شهداء الثورة: البراءة قتلت أبناءنا والثورة كأن لم تكن

فيتو


تعتبر محافظة السويس هي الحاضنة لشعلة ثورة يناير 2011، وفي الوقت الذي انتهت فيه مظاهرات 25 يناير في أغلب محافظات مصر كانت السويس تشهد عمليات كر وفر بين المتظاهرين الغاضبين وبين قوات الأمن.


التعامل الأمني العنيف مع المتظاهرين ساعد على اشتعال المظاهرات، حتى سقط الشهيد الأول برصاص قوات الأمن، وقتها أيقن المتظاهرون أنه لا سبيل عن التراجع.

مصطفى رجب أول شهيد يسقط في مصر خلال ثورة يناير، والذي استشهد عن عمر 21 عاما، برصاص قوات الأمن، وبالرغم من أن حياته قضاها بشكل بسيط ولم يكن مسببا لمشاكل أو أزمات إلا أن وفاته كانت شرارة ثورة يناير التي اسقطت نظام حكم مصر لمدة 30 عاما.

والدة مصطفى رجب أعلنت يأسها من اللقاءات الصحفية في ذكرى كل ثورة، مشيرة أن الثورة تحولت إلى مجرد ذكريات لا يتذكرهم أحد قبل 25 يناير، مشيرة أن ابنها توفى لكي تكون البلد أفضل وانها لا تبحث عن احاديث صحفية أو لقاءات إعلامية ولكنها تبحث عن القصاص العادل، كما انتقدت الأداء الإعلامي الذي حول الشهداء إلى مجرمين.

إلا أن والدة مصطفى رجب قررت أن تفتح قلبها لفيتو لتروى ما حدث وقت استشهاد ولدها، الذي تذهب كل عام إلى قبره لتذكره، وتعتذر له انهم لم يتمكنوا من القصاص من قاتليه.

تصف والدة أول شهداء الثورة، ابنها بأنه لم يكن مجرد ابن لها بل كان رجل البيت منذ وفاة والده قبل استشهاده بثماني سنوات، فهو الولد على 3 شقيقات، ويتحمل مسئولية المنزل، حيث كان يعمل مع مقاول في أحد مصانع الأسمنت ليصرف على اسرته.

وقد فوجئت أم مصطفى في مساء يوم 25 يناير 2011، باتصال هاتفي يخبرها بمصرع ابنها بالرصاص في اشتباكات مع قوات الأمن في شارع الجيش في السويس.

وبمجرد ما ذهبوا إلى المشرحة وجدوا المسئولين هناك يخبرونهم أن ابنهم توفي نتيجة اختناقات بالغاز في اشتباكات بين الشرطة والمواطنين.

تفقد زوج شقيق الشهيد الجثة في المشرحة،حيث وجد اثار طلقات نارية بالصدر والفخذ واخرى بساقه،بالإضافة إلى ضربة سونكى في ذراعه الايمن.

وهناك وجد الطب الشرعي يحاول اقناعه أن الوفاة كانت بسبب الاختناق، مما دفعه للمشاجرة مع أكثر من شخص هناك، قبل أن تحيط بهم قوات الأمن وتمطرهم بعشرات قنابل الغاز، ليتحول فجأة الأهالي المنتظرين جثامين ابناءهم إلى مطاردين من قوات الأمن.

وفي الصباح الباكر فوجئ أهالي الشهداء الثلاثة الاوائل في السويس بأن قوات الأمن تعطيهم الجثامين لدفنها في الصباح قبل أن يتجمع المواطنون، وكان الشيخ حافظ سلامة أحد رموز المقاومة الشعبية في السويس هو أحد من توجدوا في الجنازة، التي تمت في الخفاء، وأحد 10 أشخاص فقط حضروا عزاء مصطفى رجب أول شهيد في الثورة المصرية.

قالت والدة أول شهداء الثورة أن السويس شهدت مجزرة من قوات الأمن التي كانت تطلق الرصاص على كل من يمر في الشارع، ولهذا ظنت أنه فور سقوط النظام سيكون هناك قصاص عادل لما شاهدوه انتقاما للدماء التي أسيلت في المحافظة.

وأوضحت الام أنه عقب سقوط النظام بدأت موجه تكريم اسر الشهداء ثم التعويضات المالية، إلا أن كل هذا لم يكن يرضيها، فهي تبحث عن الثأر ممن قتل ابنها، فأموال الدنيا كلها لا تساويه، مقدمة عرضا أن تقدم كل ما تملك مقابل أن تحرق قلب مبارك والعادلي ومن تستر عليهم على عزيز لديهم وترى ما يشعرون به، وهى تذكر أن مصطفى رجب كان الاب والاخ لاخواته الذين تيتموا مرتين مرة يوم وفاة والدهم ومرة يوم وفاة اخيهم.

وترى الام أن مشهد مبارك في قفص الاتهام لم يكن وحده يرضيها، فهذا الرجل الذي قتل ابنها،ومصر كلها تعلم أنه أصدر أوامر إطلاق الرصاص، وكان يتم نقله في طائرة حربية إلى مقر المحكمة ليقف وهو في أزهي صوره وشعره المصبوغ وكأنه يخرج لسانه لأهالي الشهداء، وسريعا ما جاءت البراءة لقتلة شهداء ثورة يناير.

وفي النهاية تري والدة مصطفى رجب أن مصر كأنها لم تمر بثورة ولم تقم بثورة، فبعد كل هذه السنوات يبقي الوضع كما هو وثورة يناير لم تحقق أهدافها حتى الآن.
الجريدة الرسمية