رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب والأكاذيب الكبرى !


التعذيب في سجون جمال عبدالناصر هو سبب التطرف!! هكذا يتحدث بعض المتفذلكين من أصحاب الثقافة الببغاوية ممن يرددون ما يسمعونه بلا أي جهد من تفكير أو حتى احترام النفس.. فأي تفكير بسيط يدفعنا إلى السؤال: وإن كان ذلك كذلك، فمن السبب في جرائم قتل النقراشي والخازندار وعلي ماهر ونسف محكمة الاستئناف وتفجير دور السينما والمحال الكبرى وحارة اليهود واغتيال السيد فايز، القيادي الإخواني، الذي اختلف مع الجماعة، ومن وراء حادث السيارة الجيب الذي فضح التنظيم المسلح الخطير، وكلها أحداث قبل ثورة يوليو كلها وليس قبل تولي ناصر السلطة؟!


وسيقولون أن الفقر وراء التطرف والإرهاب؟ ونقول: يلعب الفقر دورا مهما فعلا لكنه ليس هو العامل الغالب الحاسم فايمن الظواهري من عائله ثريه وهكذا أسامة بن لادن وهناك عائلات ثريه كلها تنتمي في غالبها لحركات متطرفه ولا داع لذكرها حتى لا نحرج أحد من غير المتطرفين منها !

وسيقولون، وهذا هو الأخطر، إن الإسلام نفسه دين متطرف، وإن هؤلاء المتطرفين يتبعون تعاليم الإسلام، لكننا لا نريد الاعتراف بذلك! ولهؤلاء نقول: لماذا سيدعو الإسلام للقتل إن كان يمنح الحرية في أصل الخلاف كله، وهو الحق في الايمان أو الكفر؟ هل هناك أبعد من ذلك؟ لماذا سيدعو الإسلام للقتل والإسلام ينهى عن الإكراه في الدين ويعلمنا أن النيات محلها القلب وأن الإكراه على شيء حتى الزواج يبطله؟

سيردون على الفور بقوله تعالى، وهي الآية التي يستندون إليها دائما، وهي قوله تعالى: " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد"، وهذا الذي يعتقدون أنه دليل فهو للحق دليل عليهم وليس لهم.. حيث أولا يقتطعون الآية ليس من سياقها فحسب ولا من تفسيرها فحسب، وإنما يقتطعونها من نفسها فالآية كاملة لمن لا يعرف هي كالآتي ولاحظوا الفرق: "براءةٌ من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله، فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئًا ولم يظاهروا عليكم أحدًا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين، فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم، وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون". 

فمثلا عن مراجعة قوله "إلا الذين عاهدتم من المشركين"، توضح التوجيه بالالتزام بالعهود مع المشركين وخصوصا لأنهم لم يظلموا المسلمين ولم يحاربوهم ولم يتحالفوا ضدهم، وهو ما يعني أيضا الاعتراف بوجودهم كمشركين لم يجبروا على الدخول في الإسلام، ثم ننظر إلى ختام الآية الذي يوصي بحماية المشرك إن طلب الحماية، وإغاثته وتهريبه إن طلب ذلك!

المدهش أن هؤلاء، وفي خطأ يقع فيه حتى كثير من المفسرين، لا يعرفون الفرق بين آيات التشريع وآيات القصص.. فآيات التشريع مثل أي تشريع تتسم بالعمومية لا تتقيد بزمان ولا مكان والآية المذكورة تتحدث عن الحرم وعن الأشهر الحرام، وبالتالي فهي ليست من آيات التشريع أصلا وإلا فكيف سنتصرف مع المشركين بعيدا عن المسجد الحرام؟ وكيف سنتعامل معهم بعيدا عن الأشهر الحرام؟ أما آيات "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" و"إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم" و"لست عليهم بمسيطر" و"إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا"، وغيرها كثير، فهي غير ملتزمة بأي شرط وتتصف بالعمومية، وهي التشريع لا غيرها، وفيها من حرية العقيدة ما ينفي أي سبب يدعو للاختلاف والخلاف مع غير المسلمين!

أن أردتم الحرب على الإرهاب، فشخصوا الحالة جيدا و... وإلي الجمعة القادمة!

الجريدة الرسمية