د. جودة عبدالخالق وزير التموين الأسبق: حكومة شريف إسماعيل «على قد الحال»
- رئيس البرلمان الجديد يحتاج كورسات في اللغة العربية والنحو والصرف
- أطالب الرئيس بمخاطبة الشعب مرة أسبوعيا ولا يترك الأمر للمناسبات
- مرسي ومبارك لم يخاطبا الشعب والوحيد الذي فعل ذلك هو عبدالناصر
- لا بد من الإفراج عن كل من لم يرتكب جريمة من الشباب المحبوس
- لا مجال لمقارنة عبدالعال مع الوجوه التي ترأست البرلمان في السابق
- المصريون أدركوا أن خلط الدين بالسياسة خطر كبير
- الاقتصاد المصري قارب بلا ربان ودمه متفرق بين القبائل
- الاعتماد على المعونات الخارجية يجعلنا ملطشة للجميع
- السيسي اجتاز مرحلة صعبة ولا يزال أمامه مراحل أصعب
- تجربة البرلمان الحالي نقلت المصريين من رعايا إلى مواطنين
- وصلنا لمرحلة الفقر المائي والأمور أسوأ بعد بناء سد النهضة
- الديمقراطية ليست وثائق مكتوبة على الورق
- لا توجد مقارنة بين البرلمان الحالي والبرلمانات السابقة
هو واحد من أبرز المعارضين اليساريين في مصر، انضم إلى جبهة الإنقاذ الوطني بعد تكوينها، اختير في الوزارة التي أسسها أحمد شفيق أثناء ثورة 25 يناير 2011، كوزير للتضامن والعدالة الاجتماعية، ليكون أول وزير من تيار اليسار بعد غياب عن ذلك المنصب منذ 34 عاما، وعلى الرغم من اعتراضه على وزارة شفيق، فإنه أكد عند توليه الوزارة، أنه قَبِل بهذا المنصب لأنه يشعر بما يعانيه المواطن، ويجب أن يساعده على تجاوز الأزمات.
وبعد تشكيل الحكومة الجديدة في زمن المعزول مرسي، برئاسة الدكتور هشام قنديل، اختير وزيرا للتضامن والعدالة الاجتماعية، غير أنه لم يستمر في المنصبين أكثر من ثمانية أشهر، وسرعان ما قدم استقالته مبررا ذلك بعدم رغبته في العمل في حكومة يديرها الإخوان، وذلك لاختلافه السياسي معهم، وعندما بدأ الدكتور هشام قنديل في إدخال بعض التعديلات على وزارته، طلب منه أن يعود لمنصبه فرفض.
إنه الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التموين الأسبق وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع، الذي يؤكد أن الاقتصاد المصري عليل وأشبه بالقارب الذي ليس له ربان، ويرى في حوار لـ"فيتو"، أن الاعتماد على معونات الدول الخليجية أصبح أمرا صعبا، خاصة بعد انخفاض أسعار البترول.
وأضاف أن الاقتصاد المصري تفرَّق دمه بين القبائل، ولا بد من تحديد جهة معينة منوطة به، وأكد أن الاعتماد على المعونات الخارجية يجعلنا ملطشة للجميع، وأن السيسي اجتاز مراحل صعبة، لكن لا يزال أمامه مراحل أصعب، ويصف حكومة شريف إسماعيل بأنها حكومة "على قد الحال"، ويرى أن تجربة البرلمان الحالي تُحول المواطنين من رعايا إلى مواطنين، ويؤكد أن سد النهضة أصبح أمرا واقعا، لافتا إلى أن السد هو إحدى جرائم مبارك التي لم يعاقب عليها حتى الآن.
* بداية.. كيف ترى الوضع الاقتصادي الآن؟
الاقتصاد المصري عليل، يعاني من مشكلات كبيرة جدا، حيث إنه أشبه بالقارب الذي ليس له ربان، بمعنى أننا كل يوم نسمع عن مشروع كذا وكذا، لكن كل ذلك مثل حبات السبحة التي لا تتيح لك أن تسبح إلا بعد إلزامها بالخيط، هناك تخبط كبير ونوع من العشوائية، وفي كل الأحوال الأمر خطير، نظرا لأنه لا يوجد من يمسك بزمام الأمور، من الناحية الاقتصادية والأمر مشتت، البنك المركزي وعدة وزارات، منها المالية والتخطيط والاستثمار والتموين، والتعاون الدولي، أشبه بالجزر المنعزلة، الدول الأخرى لديها طرق أفضل من ذلك، مثل اليابان، التي يوكل أمر الاقتصاد فيها لجهة محددة، وهي وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، حيث تعد الجهة المنوطة بالاقتصاد، لكن في مصر الأمر مختلف، نظرا لتدخل البنوك والوزارات الأخرى.
في اليابان، الوزارة هي المتحكم الأول والأخير في الاقتصاد، لكن في مصر لا يوجد مسئول عن إدارة الاقتصاد، ودمه متفرق بين وزارات عدة، لذلك فإن المطلوب حاليا أن تحدد جهة معينة لإدارة الاقتصاد، ويمهد ذلك لإعادة هيكلة الوزارات، الأمر الثاني أن نعيش في حدود مواردنا، وأن ننظر للاقتصاد على أنه اقتصاد حرب.
* كيف ترى الدعم الخليجي لمصر؟
لا بد أن يدرك الجميع أننا لا يمكن أن نعتمد على المعونات إلى ما لا نهاية، الوضع الاقتصادي للدول الخليجية أصبح صعبا جدا، وخاصة بعد انخفاض أسعار البترول، وأيضا الرهان على معونات الدول هو رهان خاسر، نظرا لأن المعونات مرتبطة بشروط، ولا تعطى من أجل سواد العيون، فلا بد ألا يكون الاعتماد دائما على المعونات، وأن نلغي هذا الرهان الخاسر، الذي يجعلنا دائما في مهب الريح.
* كيف ترى الوضع الحالي؟
الوضع الحالي أفضل بكثير مما مضى، وخاصة بعد مضي 30 عاما من حكم مبارك، وفي حالة سؤال المواطنين عن مدى رضاهم عن الوضع الحالي، ربما يكونون غير راضين عن بعض الأمور، لكن الوضع أفضل بكثير من عهد مبارك، وما يشكل ضغطا حاليا هو الوضع الاقتصادي فقط، وأطالب الرئيس بأن يتحدث للشعب مرة كل أسبوع ولا يترك الأمور تتراكم للمناسبات.
* ما رأيك في حكومة شريف إسماعيل؟
من الصعب الحكم على حكومة شريف إسماعيل، لكنها من الواضح أنها حكومة على قد الحال، والشعب المصري ضحية التجريف السياسي منذ ثلاثين عاما من عهد مبارك.
* هل ترى أن السيسي اجتاز مراحل صعبة حتى الآن؟
بالطبع اجتاز السيسي مراحل صعبة، لكن لا يزال أمامه مراحل أصعب، وتخليص الدولة من حكم الإخوان كان أصعب المراحل، وكان لها تكلفة كبيرة، وأيضا انفتاح مصر على العالم الخارجي وأفريقيا، نظرا لأننا كنا نعيش في حالة من العزلة عن العالم الخارجي، واستعادة مصر لمكانتها في المجتمع الدولي، من خلال المقعد غير الدائم في مجلس الأمن، كل ذلك مؤشرات إيجابية، تذكر للسيسي، لكن لا يزال أمامه التحدي الأكبر، وهو النهوض بالاقتصاد المصري.
لا بد للرئيس أن يخاطب الشعب، نظرا لأن عدم مخاطبة الشعب كانت أزمة كبيرة في عهد مرسي ومبارك، والرئيس الوحيد الذي خاطب الشعب هو جمال عبدالناصر، فلا بد للسيسي أن يخاطب الشعب دائما، ويعرض الوضع عليهم، وأيضا هناك شباب محبوس داخل السجون لا بد من تحديد موقفهم، من أجرم يُعاقب، ومن لم يجرم يجب الإفراج عنه، والرئيس الأمريكي باراك أوباما يخاطب شعبه مرة في الأسبوع، ويعرض عليهم ما حدث خلال الأسبوع، نحتاج إلى حديث الرئيس بشكل منتظم وليس في المناسبات فقط، وأيضا مخاطبة الشعب من منصة القوات المسلحة ليس أمرا جيدا، بالطبع القوات المسلحة جزء من الشعب المصري، لكن السياسة تختلف.
* هل مصر تعيش مرحلة الديمقراطية؟
يتوقف ذلك على تعريف الديمقراطية، لا يوجد بلد في العالم تقوم بثورة كل ثلاث سنوات، الثورة الفرنسية، قالت إخاء حرية مساواة، ولم يتحقق ذلك إلا بعد عشرات السنين، الديمقراطية ليست كلاما أو وثائق مكتوبة على الورق، لكنها ثقافة وسلوك، ولها في الواقع المصري معوقات، أهمها الأمية والفقر، التجربة في دولة كوبا أثبتت النجاح في محو الأمية من خلال التعبئة الوطنية على مستوى المدارس والجامعات، وكل الأمور هناك تحولت لتعبئة، حتى التليفزيون، وهي تجربة صحيحة، ولم تستخدم الشعارات.
* ما رأيك في البرلمان الحالي.. وفي الدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس؟
نحن في مشهد مختلف، إذا تأملت في وجوه الحاضرين بالقاعة، سترى تشكيلة جديدة من مختلف الأعمار والفئات، لا يوجد مقارنة بين هذا البرلمان والبرلمانات السابقة، نظرا لوجود عناصر كثيرة من مختلف الفئات والأعمار، وخاصة الشباب، وهذه التجربة الديمقراطية هي بداية لتحول المصريين من رعايا إلى مواطنين.
وانتخاب الدكتور علي عبدالعال رئيسا للمجلس، أمر إيجابي، لكنه لا بد أن يهتم أكثر باللغة العربية، وقواعد النحو والصرف، نظرا لكونه أستاذا جامعيا، ولا مجال للمقارنة بين عبدالعال وبين الوجوه الأخرى التي ترأست البرلمان في السابق.
* هل هناك فرق بين حزب النور وداعش والإخوان.. وهل كنت تتوقع نتائج حزب النور في الانتخابات البرلمانية؟
ربما يكون هناك فروق في الدرجة، ولكن ليست في النوع، باعتبار أن الوسيلة التي تحكم هؤلاء هي تطبيق شرع الله، حتى إن كان بوسيلة العنف، لذلك لا يوجد فرق في الدرجة، لكن اللون الذي ينتمون له هو لون دموي، ونتائج حزب النور في الانتخابات البرلمانية مؤشر إيجابي على تطور الأوضاع في مصر، وبداية مشجعة في فصل الدين عن العمل السياسي.
حزب النور كانت أمامه فرصة في الانتخابات مفتوحة، لكن المواطنين لم يصوتوا له، نظرا لأن الشعب أدرك أن خلط الدين بالسياسة خطر كبير.
* كيف ترى الحروب في المنطقة والوضع في اليمن وسوريا وليبيا؟
المنطقة العربية سارت لفترة طويلة خارج التاريخ، بمعنى أنه حدث جمود في نظم الحكم وفي المجتمعات، إلى أن أصبحت النظم الرئاسية وراثية، سواء ملكية أو جمهورية، وأصبح الحكم استبداديا يفرز أمورا غير جيدة، تخلق قوى ضاغطة للتغيير، تشبه غليان الماء الذي وصل لمرحلة الانفجار.
* هل الإدارة المصرية فشلت في مفاوضات سد النهضة وما هو القادم؟
لا بد أن ندرك أن بناء سد النهضة قائم منذ عدة سنوات، وإذا أردنا إلقاء اللوم على أحد، فهو مبارك، نظرا لأن بناء السد يعد إحدى جرائم مبارك التي لم يحاسب عليها حتى الآن، ونحن في مأزق حقيقي حاليا، نظرا لأن المرحلة التي يجرى فيها التدخل انتهت بالفعل، ونسعى الآن لتقليل الأضرار فقط، وقد وصلنا للفقر المائي حاليا، وبعد بناء السد ستكون الأمور أسوأ، وسيزداد افتقادنا للأمن المائي، ما لم نتخذ تدابير مناسبة.