رئيس التحرير
عصام كامل

التاريخ يتغير اليوم وتحالف صيني مصري جديد !


ستون عاما على العلاقات المصرية الصينية.. قبل أي تفاصيل، فلن تمر الذكرى ولا ينبغي أن تمر من دون الإشارة إلى الزعيم العظيم جمال عبدالناصر، الذي قرر عام 56، ومصر الدولة الصغيرة وقتئذ، الاعتراف بالصين الشعبية، كأول دولة أفريقية وعربية وشرق أوسطية، وهو الاعتراف الذي أغضب الدول الكبرى، وبخلاف دول العدوان الثلاثي فقد غضب أمريكا وأوروبا، وما زلنا نستثمر هذه الأسبقية في أولوية مطلقة تمنحها الصين لمصر في أي تعامل يخص المنطقه!


اليوم، الرئيس الصيني في مصر، ومعه التوقيعات الختامية لاتفاقات مهمة، تتراواح بين الطاقة والتصنيع وبين المنح والقروض، وبين الاتفاقيات العسكرية، إلى تحمل مهام إنجاز مشروعات مهمة، وربما تصل في إجمالها إلى 51 مشروعا كبيرا، منها 15 سيتم التوقيع عليها في قصر الاتحادية، وسيترك الباقي لرئيس الوزراء.

ومن شأن هذه المشروعات المساهمة فعليا في تغيير وجه مصر، حيث تمتد من جبل عتاقة شرقا إلى مشروعات للصرف الصحي غربا وجنوبا، إلى توليد الطاقة الكهربائية المتجددة بطرق مختلفة، فضلا عن مشاريع لأبحاث الفضاء ومواجهة التصحر والتعليم والقطار الكهربائي بالعاشر من رمضان ومحيط العاصمة الجديدة، إلى مشاريع في المرحلة الأولى للعاصمة الجديدة ذاتها، إلى قطار القاهرة الإسكندرية السريع، إلى مشاريع أخرى في الطرق والنقل، ومن بينها نهضة شاملة لميناء الإسكندرية، والذي سيتم اعتباره ميناء الارتكاز الرئيسي للتبادل التجاري، وكذلك إطلاق طريق الحرير القديم!

مليار دولار ستضاف، اليوم، إلى الاحتياطي النقدي المصري، بقرض طويل الأجل وطويل فترة السماح، وما يقرب من 700 مليون دولار للمشاريع الصغيرة، ستذهب إلى بنكي الأهلي ومصر، وهي مع إشارات سابقة، منها التعاون مع بنك الإعمار الأوروبي، تحمل ردا مباشرا لمن يتهمون الدولة بتجاهل المشاريع الصغيرة، كما أن الصين هي البلد الوحيد الذي تأتي منه رحلات سياحية ثابتة، بعقد طويل الأجل، توصلت إليه شركة "إير ليجر" المصرية!

الصين تعتبر مصر مركزا لاستقرارها في الشرق الأوسط، وكذلك اعتبارها بوابتها لأفريقيا، والأهم على الإطلاق إدراك القيادة الصينية أن الدور السياسي للصين على الساحة الدولية، بعد دورها الاقتصادي، قادم لا محالة، ولا يتبقى لها إلا إعلان الصين الاقتصاد رقم واحد في العالم، بعد أن تحولت إلى خزانة لأكبر احتياطي نقدي في التاريخ، وهي تدرك أن مصر هي الأكثر تهيئة للعب دور الشريك الاستراتيجي الأمثل، ومصر تدرك أهمية التوازن في العلاقات الدولية، وأهمية التعاون مع شريك اقتصادي وسياسي قادر على أن ينجز لمصر في سنوات قليلة وبغير تناقضات تاريخية ولا سياسية ما يتطلب سنوات طويلة لإنجازه مع غيرها، وخصوصا أمريكا، وبغير كلفة سياسية أو شروط من أي نوع تسبب بعضها في الماضي إلى رهن مستقبل البلاد مع شريك أمريكي لا يستحق!

أهلا بالتنين الصيني.. أهلا بالانطلاقه الجديدة لبلدينا.. رحم الله مؤسس العلاقات المصرية الصينية، وحفظ من يعيد لها الاعتبار اليوم من جديد!

الجريدة الرسمية