اعتقال «الحمامصي» بسبب «الكتاب الأسود»
في شهر يناير 1988، رحل أستاذ الصحافة الكاتب الكبير (جلال الدين الحمامصى)، وتستعيد "فيتــو" نشر مقال كتبه الصحفى محسن محمد في مجلة "البوليس" عام 1957 تحت عنوان "الحمامصى يكتب قصة حياته الصحفية في السجن" يقول فيه:
قرر مجلس النواب الوفدى في جلسة عقدها برئاسة أحمد أبو الفتوح، وكيل المجلس إسقاط عضوية البرلمان عن النائب أحمد قاسم جودة بعد توقيفه عندما أعلن أن المجلس تلقى رسالة من النائب عثمان حماد يطعن فيها في عضوية النائب جلال الدين الحمامصى لأنه لم يبلغ الثلاثين عامًا السن القانونية للعضوية.
لم يستغرق الأمر سوى دقائق حتى فصل أحمد قاسم جودة من عضوية البرلمان عام 1942، إلا أن الحمامصى أسهم في طبع "الكتاب الأسود" وهو أول وثيقة أطلقها مكرم عبيد تفضح الفساد واستغلال النفوذ في الوفد، فقد عهد مكرم عبيد إلى الحمامصى طبع الكتاب باعتباره أمينًا للصندوق بحزب الكتلة، بالرغم من أن الحكومة رفضت طبع أي كتاب إلا بإذنها كتابيًا.
قسم الحمامصى عملية طبع الكتاب بين أعضاء حزب الكتلة بعضهم اشترى الورق والآخر جمع الحروف وتولى الحمامصى شراء المطبعة، لكن السكان شكوا في أمره كلما دارت المطبعة، فنقلها إلى عزبة بالزيتون ووضعها بجوار ماكينة ري حتى لا يظهر الصوت، كما ألزم العمال الذين تولوا عملية الطبع بالبقاء في المطبعة حتى يصدر الكتاب ودفع لهم أجرًا ووافق العمال.
استغرقت عملية طبع الكتاب سبعة أشهر كاملة لم يتسرب فيها كلمة واحدة إلى الحكومة، وفى مارس عام 1943 نقلت نسخ الكتاب داخل أقفاص الفاكهة إلى الأقاليم والصعيد.
وبعد أسبوعين علمت الحكومة بالكتاب فاعتقلت الحمامصى 9 شهور بمعتقل الزيتون دون أن يحقق معه أحد، وفى المعتقل وضع الحمامصى كتابين من تأليفه الأول بعنوان "كيف صدر الكتاب الأسود"، والثانى "يوميات سكرتير تحرير"، الذي يحوى قصة حياته الصحفية.