رئيس التحرير
عصام كامل

عصر الجنون!


سيقرر مؤرخ المستقبل أن السنوات التي يمر بها العالم اليوم، تمثل عصر الجنون الذي أصاب العالم في الشرق والغرب على السواء!..بعبارة أخرى، الحد الأدنى من العقلانية الذي ميز النظام العالمي، وخصوصا بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي، وبداية عصر التعاون الدولي، في ظل الدعوة لحوار الحضارات، بدلا من النظريات العنصرية عن صراع الحضارات التي قد سقطت للأسف الشديد.


ولو نظرنا إلى العالم اليوم، وخصوصا بعد انهيار العديد من الدول العربية بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، التي هي في الواقع انقلابات الخريف العربي، لأدركنا أن النتائج الكارثية التي ترتبت عليها أدت في الواقع إلى التفكك الكامل للنظام العربي.

فقد سقطت الدولة في ليبيا، وفي سوريا، وفي اليمن، وقبل ذلك سقطت الدولة في العراق..وهكذا تحولت الدول المنهارة إلى ساحات حربية، تتصارع فيها القبائل وتهيمن على مقدراتها الميليشيات العسكرية، وتتحكم في شعوبها التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة" وأخطر منها تنظيم "داعش"، الذي استطاع أن يحتل مساحات شاسعة تمتد من سوريا إلى العراق، تحت لواء الخلافة الإسلامية المزعومة.. ليس ذلك فقط، ولكنه تمدد ووصل إلى ليبيا، في محاولة لنقل قيادة الخلافة الإسلامية هناك، بعد الضربات الموجعة التي أصابته في سوريا، وخصوصا بعد التدخل الروسي، وفي العراق بعد نجاح الجيش العراقي في تحرير "الرمادي".

وشهد العالم لأول مرة، قطع تنظيم داعش لرقاب الرهائن على شاشات التليفزيون أو إحراقهم أو إغراقهم.. وفي نفس الوقت، نشأت تحالفات دولية اشتركت فيها عشرات الدول؛ لمحاربة داعش، ليس عن طريق الحرب البرية التي كان من شأنها أن تحسم المعركة ضد داعش لصالح الإنسانية، ولكن عن طريق الضربات الجوية، التي لا تفرق بين الإرهابيين والسكان المدنيين، ما ترتب عليه سقوط آلاف المواطنين الأبرياء.

وشهدنا بعد ذلك تحول الإرهاب ليصبح إرهابا معولما، يضرب في كل مكان، ووصل إلى باريس عاصمة الدولة الفرنسية، واستطاع أن يقتل مئات المواطنين الفرنسيين في هجوم إرهابي متزامن.

وإذا أضفنا إلى ذلك الحروب المذهبية التي اشتعلت بين السنة والشيعة، لأدركنا أن العالم في الواقع دخل بالفعل بعمق في دائرة الجنون المطلق، ما يجعلنا نقرر أنه يبدو أنه ليس هناك –في ظل الظروف الراهنة- ضوء يلوح في نهاية النفق!
الجريدة الرسمية