رئيس التحرير
عصام كامل

الدولة والأزهر.. وكارثة الجيل الصاعد في الخارج!


كلنا سعداء باحتراف نجوم الكرة محمد صلاح ومحمد الننى في أوروبا، ولكن لا نعرف أن هناك ملايين من المصريين في أنحاء العالم لا نعرف عنهم شيئًا، وهؤلاء يمكن أن يكونوا قوة للارتقاء والتقدم في مصر لو أحسنا الاستفادة منهم بأسلوب علمى متحضر، هذا على المستوى العلمى، ولكن هناك مستوى ربما أهم أو على الأقل لا يقل أهمية، وهو المستوى الإنسانى والحالة الاجتماعية التي يعيشها الملايين من أبنائنا في الخارج، ماذا يكسبون وما هى الأضرار التي يجب أن تنتبه إليها الدولة!؟


لقد أثار الصديق الفنان عبدالرازق عكاشة الذي يعيش في أوروبا ولكنه يقيم في باريس ربما أكثر من عشرين عامًا قضية مهمة، كتب عكاشة يقول:
قضية خطيرة يا مصري من أجلك؛ لأنك انت الوطن كيف تعيش عليلًا وتريد تحطيم التابوت دي قضية مليون مصري في فرنسا، قضية بصدق أصبحت تؤرق الأسر المصرية في المهجر.. البنات كبرت في أوروبا "اتقلمت" هنا خلاص.. الأولاد لا يريدون العودة، فشلت مشروعات الأب والأم في زواج البنات والأولاد من ولاد العم والخالة، الأولاد كبرت هنا في مجتمع منفتح بطريقة غير معقولة خاصة ضد الدين، الأسر القبطية عندهم مجال للقاء في الكنائس..

المشكلة التي تواجه الأسر المسلمة هي أين يذهبون؟ بالإضافة إلى وجود شباب قادم من مصر شغال وجدع وابن حلال، ولكن بلا أوراق إقامة ولن يعود إلى مصر إلا متزوجًا.. والذي يجد أي فرصة مع فتاة أو امرأة من جنسية أخرى حتى لو قابلها في المترو يتزوج بلا أي تحفظات وفورًا، ولكن المشكلة في بناتنا..

لماذا نفرط في شباب مصر وبدل ما يكون لدينا جاليات حقيقية مصرية المائة المائة في المهجر يغلق الأهل على أنفسهم، وهنا نسأل أين الدور الحقيقي للتجمعات المصرية الهادفة وليس تجمعات المتاجرة والنصب!؟ إننى أطرح القضية وأبحث عن الحل اللي مع أهلنا في مصر وفرنسا التي بها مليون مصرى، هناك جاليات مثل "الصين بنجلاديش والهند والجزائر والمغاربة" وجدوا الحل ونحن أصحاب حضارة السبعة آلاف سنة ندفن رأسنا في التراب ونهرب من المشكلة..!!

انتهت كلمات الفنان عبدالرازق عكاشة ليعلق عليه أيضًا الكاتب الصحفى مجدى صادق الذي كان له تجربة الغربة، ولكنه استقر في مصر الآن، يقول: لو كانت هناك جاليات مصرية بجد-مقبولة من الجميع ويقودها ناس تدرك جيدًا حجم مشاكل المصريين وهمومهم ولها قنوات مفتوحة مع كل الأجهزة والمؤسسات التي تهم قطاع المصريين في الخارج، وهناك قاعدة معلومات ولجان ونوادٍ ولقاءات واهتمام من القنصليات والسفارات ووزارة الهجرة وتفعيل دور الجاليات وإلا تصبح مجرد شو إعلامي ووسيلة لتحقيق مكاسب شخصية، أعتقد أن هذا سيكون بداية الطريق، علاوة على دور للأزهر الشريف وأن يكون هناك مفتي للمسلمين من المسلمين الموجودين في أوروبا وليس مفتيًا من قلب الصعيد ليفتى في أوروبا!

انتهى تعليق الكاتب الصحفى مجدى صادق الذي روى تجربة مع شباب مصر المغترب ربما منذ أكثر من عشر سنوات، عندما علمت من الصديق عكاشة أن الجيل الصاعد من المصريين في الغربة لا علاقة لهم بالوطن، حتى إجازاتهم يعودون منها محملين بسلبيات الوطن، وجاءتنى فكرة سبق وعرضتها على د.صفى الدين خربوش وقت أن كان رئيسًا للمجلس القومى للشباب وطلبت أن نقيم لمدة أسبوع برنامجًا جذابًا ومفيدًا، وبالفعل ولمدة أسبوعين تم إعداد برنامج يتضمن الورش في كل الفنون الرسم والموسيقى والغناء والشعر والمسرح والإعلام، بالإضافة إلى عدد من الندوات عن الشباب ودوره في التغيير ولقاءات نجوم الفنون المختلفة.

الرائع أن هؤلاء حفظوا أغانى سيد درويش وفؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى، وكانت التجربة مدهشة للجميع ولأول مرة يشعر هؤلاء الشباب بحب بلدهم، وعرفوا لأول مرة أن مصر انتصرت في أكتوبر 73 لأنهم درسوا في فرنسا أن الكيان الصهيونى المنتصر، وكان محكى الشباب وهو اسم الورش رائعًا وجعلنا نكتشف أن التاريخ مزور لأبنائنا، وأيضا اكتشفنا أنهم يتكلمون العربية ولكنهم لا يعرفون كتابتها أو قراءتها، وكان هناك أحلام للاستمرار في المشروع، ولكن الفاشلون والموظفون على أيديهم تحول إلى سبوبة وأوراق يتم ضبطها بأن كل شىء تمام!

المشكلة تحتاج اهتمام الدولة، ملايين الشباب عرضة للانقطاع عن وطنهم ونخسرهم للأبد، الذي أعاد اليابان للحياة اليابانيون المهاجرون أثناء الحرب وكل من خرج من اليابان عاد ليؤسس طوبة في مجد بلده!

أولادنا في رقبة الدولة.. وليت الأزهر يستوعب الأمر وعليه إعداد الإمام الذي سيعيش في الخارج بما يتناسب مع ظروف البلد الذي سيكون فيه ! الجيل الثالث من أبنائنا في أعناقنا!
الجريدة الرسمية