رئيس التحرير
عصام كامل

«العائدون من داعش» قنبلة تهدد مصر والعالم.. «فيتو» انفردت بالتفاصيل.. 27 ألف إرهابي يستعدون للعودة إلى بلادهم.. ليبيا هدف جديد لرجال «البغدادي».. والقاهرة في قائمة العواص

تنظيم داعش - صورة
تنظيم داعش - صورة ارشيفية

مع تكثيف الضربات الروسية في سوريا ضد عناصر تنظيم "دعش" الإرهابي، وفرض القوات العراقية حصار هائل على فرع التنظيم في العراق، بدأت العناصر الإرهابية في الهروب.. وأصبح "العائدون من داعش" الخطر الأكبر على دول الجوار العربي في ظل حالة الفرار الجماعى، للبحث عن وسيلة للعودة إلى الوطن الأم، أو البحث عن فرصة للانتقال والتمركز في بقعة جديدة تمثل نقطة ارتكاز لبناء التنظيم مجددا وتجمع عناصره من أرض الشتات بعد تكثيف الضربات في سوريا والعرق.


ورجح مراقبون إلى تتحول ليبيا إلى قبلة للعناصر الهاربة المنتمية لتنظيم "داعش" نظرا للفوضى العارمة التي تشهدها البلاد، وعدم وجود سلطة قادرة على مجابهة طوابير الإرهاب التي تتدفق عبر البر والبحر بمعاونة دول إقليمية تمهد للتنظيم أرضا جديد تتوافر بها الموارد النفطية وتشهد غياب للدولة.

تحذير أردنى

وتأكيدا لهذه النظرية حذر وزير الأردنى الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، أن هناك معلومات توفرت لدى الأردن أن من بين العالقين على الحدود الأردنية السورية ممن ينتمون لتنظيم الدولة الإرهابي "داعش" وان هناك متعاطفين معهم وأن الأردن يتعامل مع هذا الملف بشكل أمني حيث إن لهذا البعد أولوية، مع عدم اغفاله وإسقاطه الجانب الإنساني.

وأكد الدكتور المومني أن المعابر الحدودية الرسمية مع سوريا ستبقى مغلقة حتى يصل الأردن إلى قناعة بأنها باتت آمنة ويمكن استخدامها وسلوكها دون أن تفرض أي تهديد أو خطر على المواطنين والبضائع وأن التنسيق الأردني مع روسيا يشدد دائمًا على ضرورة عدم شن عمليات عسكرية تؤدي إلى مزيد من اللجوء السوري إلى الأردن.

تحذير فيتو

وأكدت تصريحات وزير الإعلام الأردنى ما انفردت به "فيتو" بعددها الصادر في 12 يناير الجاري في تقرير لها جاء تحت عنوان " العائدون من داعش.. قبنلة تهدد العالم" اعده الكاتب والأكاديمى د.عبدالغفار الدويك.

وقال الدويك: إن البعض ينتقد حالة الفصل بين النظرية والتطبيق وهو نقد في غير محله على إطلاقه ويكفي أن نطالع مراكز الدراسات التي تعالج القضايا الوطنية والعربية، تركز في الأساس على صناعة المستقبل وترد على هذا النقد، وأهم سؤال يطرح فكريا هو ماذا بعد داعش وفي الصورة الذهنية ما جرى بعد أفغانستان، حيث تم إرسال متطوعين لمحاربة الشيوعية وعادوا لأوطانهم إرهابيين والمتابع للأحداث في سوريا والعراق يلحظ تراجع قوة داعش بالتوازي مع تراجع دور الجهات الداعمة لها، وفي هذا السياق يمكن رصد بعض المؤشرات التي تمهد لسيناريو لم يعد غرائبي، فالأحداث الإرهابية باتت متسارعة من سقوط طائرة فوق سيناء إلى مذبحة باريس وأخيرا وليس آخرا في مالي أو كاليفورنيا، وهذه العمليات تدبير منظم ومحكم ضد القوى المشاركة في العمليات ضد الإرهاب في سوريا والعراق وسيناء، ويعد التدخل الروسي فاعلا حاسما على الأرض، إلى جانب التحالف الأمريكي القائم، وقد زادت ضربات روسيا لداعش بعد حادث سيناء، وجاءت أحداث يوم الجمعة الأسود في باريس، لتضع الغرب في مأزق حصره فيه الموقف الأمريكي بعدم الحسم سواء في سوريا أو في ليبيا، إلا أن الموقف الفرنسي كسر القيد الأمريكي فزادت القوة الضاربة الفرنسية، وجاء القصف الصاروخي الروسي مدمرًا للبنية التحتية من مستودعات وآبار البترول كما زاد من تكثيف الجهود الأمنية الأوربية الأمريكية منافسة للأداء الروسي في سوريا لتنسحب جماعات داعش الإرهابية من مناطق عديدة من ريف الحسكة وحلب إضافة إلى خسائر كبرى في الرقة.

الجيش العراقى

لقد حققت بعض وحدات الجيش العراقي وقوات البشمرجة الكردية انتصارات على الأرض سواء في بيجي وسنجار وديالي وكركوك وأخيرًا نينوى، كما تستعد قوات عراقية لهجوم جديد بغطاء جوي ومستشارين أمريكيين تجاه الرمادي وبعدها الفالوجا، ومن ثم تحولت داعش إلى الدفاع وازداد معدلات الخسائر وقتل القيادات الإرهابية، وغير خاف أن تنظيم داعش قد قام بأعمال قتل جماعية للعناصر الراغبة في الخروج من التنظيم وهو ما يزيد فرص تفكيك داعش على إثر خسائره ويعجل بالاقتراب من المراحل الأخيرة من مؤامرته على المستوى الإقليمي.

وكان لقرار الدول العربية والإسلامية، تشكيل تحالف عسكري من 34 دولة بقيادة المملكة العربية السعودية واستجابة لمبادرتها، وتعد هذه المبادرة نقطة تحول إستراتيجي في مكافحة الإرهاب ولها مدلولها السياسي الكبير من أن الإرهاب الذي يعاني منه العالم وتمارسه عصابات جمعت المرتزقة من الشتات تحت زعم خلافة وهمية.

الهروب الكبير

البداية المتوقعة للهروب الكبير من شرق سوريا والحدود الملاصقة للحدود العراقية والانهيار بات وشيكا لداعش وأخواتها للأسباب سالفة الذكر، ومعلوم مصادر قواتها البشرية من المرتزقة متعددة الجنسيات وشركات دولية، وشباب من بلدان عربية غرر بهم تحت زعم الجهاد، وفي تقارير لمؤسسات استشارت أمنية: بلغ تعداد المرتزقة الأجانب نحو 27 الفا، كما نشرت مجلة الإيكونيميست أنهم من جنسيات مختلفة، تأتي فرنسا في المقدمة، يليها بريطانيا فإيرلندا والسويد، وعربيا تأتي تونس الأولى يليها السعودية فالأردن، ثم تأتي كل من مصر والجزائر والمغرب، والأعداد الأكبر بطبيعة الحال من سوريا والعراق وتمتد جذورهم إلى القاعدة والنصرة، وتؤكد بعض التقارير أن 20/30% من المرتزقة بدءوا يعودون إلى بلادهم.

أطرح هذه الرؤية في شكل سيناريو بات محتملًا وغير بعيد ونتاج موقف دولي وإقليمي، بعد أن داعش فشلت في تحقيق ما خطط لها في سيناريو الفوضى، ومن الطبيعي بعد السقوط أن يفر الآلاف من كوادرها الإرهابية.

سيناريوهات الفرار

هناك سيناريوهين، الأول الفرار الجماعي غير المنظم إلى بلادهم والثاني أن ينقلوا للعمل في مسرح آخر، على مستوى السيناريو الأول من المحتمل أن يخرجوا في ثلاثة اتجاهات الأول الفرار إلى الداخل للإرهابيين المحليين نحو مدن وقرى العراق وسوريا أو إعادة الانضمام إلى فصائل إرهابية أخرى وهو بداية مرحلة لحرب أهلية، الثاني من المتوقع أن يكون الفرار عبر تركيا ولبنان وإسرائيل خاصة المرتزقة الأجانب ومستشاري الشركات الدولية، يبقى الاتجاه الثالث للإرهابيين المغرر بهم من البلاد العربية نحو الحدود الأردنية، وتسليم أنفسهم لنقاط الحدود الأردنية السورية، أو الحدود العراقية السعودية والحديث هنا على أقل تقدير: عشرات الآلاف من المسلحين، والمسئولية جسيمة وأكبر من عبء إقامة وإدارة معسكرات للاجئين – بل استقبال إرهابيين مدججين بالسلاح وفرزهم وتصنيفهم واستجوابهم ونقلهم إلى معسكرات أقرب ما تكون إلى مستشفيات ميدانية كبرى، وهذه المعسكرات ليست كالتي عهدناها في حالة السلم بل لمن احترف القتل وهنا يقع على علماء النفس عبء ترويض هذه النفس المتوحشة ومحاولة إعادة استئناسها.

قوة حفظ سلام عربية

وهذه العملية لا تقل خطورة عن المواجهة المسلحة لتنظيم داعش الإرهابي ولا ينبغي ترك الأردن منفردا في هذه العملية، فهناك اتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب بموجبها تلزم الجميع بالوقوف مع الأردن ودول التحالف العربي الإسلامي قادرة على أن تشكل قوة حفظ سلام عربية على الحدود الأردنية دعمًا للجيش العربي، وتأمينا للحدود للحد من انتشار سرطان العائدين والفارين من التنظيمات الإرهابية من سوريا والعراق، لدرء خطر قادم سبق الفشل في إدارته عند التعامل مع العائدين من أفغانستان ولأن الفشل يعني دخول منطقة الشرق الأوسط ككل في دوامة إرهابية فليس بعيد أن من صنع داعش قد حدد لها أهداف لمرحلة ما بعد الخروج من سوريا والعراق استكمالا لسيناريو الفوضى، يبقى السيناريو الثاني وهو الخروج المنظم إلى مسرح آخر والأقرب هو ليبيا لغياب الدولة ولإصرار منظري الفوضى على بقاء المنطقة مشتعلة بآليات جديدة واستمرارًا لسيناريوهات التهديد للأمن العربي.
الجريدة الرسمية