رئيس التحرير
عصام كامل

ما الذي تغير بعد ٢٥ يناير؟


هل مصر تسير في طريق سوف يفضي بها إلى تحقيق الديمقراطية أو الدولة العصرية الحديثة الديمقراطية؟

هذا هو السؤال الذي طرحه عليّ أكاديمي عربي يعيش في الولايات المتحدة.. وقبل أن أجيب عليه حرصت على بيان صعوبة الإجابة عليه، في ظل الانحيازات العديدة والمختلفة المسبقة، التي تصوغ إجابات متعارضة على السؤال الواحد، خاصة الذي يتعرض للمستقبل السياسي لبلد كبير وعريق مثل مصر.


ورغم هذه الصعوبة، حاولت أن أجتهد في صياغة إجابة، تتسم بقدر مناسب من الموضوعية، وذلك بعيدا عن الانحيازات المسبقة، وبعيدا أيضا عن التفاؤل والتشاؤم الذي يلقي بظلاله أحيانا على المواقف السياسية لبعض الأشخاص والقوى أيضا.

وابتداءً يجب أن نتذكر ما شهدته مصر في ٢٥ يناير ٢٠١١، فقد أدى رغم الاختلاف الدائر الآن حول طبيعته، إلى تغيير واضح وملموس فيما يخص عملية الانتقال السلمي للسلطة، وتداولها في البلاد مستقبلا.. رغم أن هناك من يعتبر أن ما حدث في مصر كان ثورة عظيمة، وأن ما حدث في يونيو ٢٠١٣ هو استكمال أو ربما تصحيح لها، وأن هناك من يراها انتفاضة شعبية ثورية ضخمة، اقترن بها مؤامرة أمريكية وإخوانية؛ لتمكين الإخوان من السيطرة على حكم البلاد، وأن هناك من يراها مجرد مؤامرة ألحقت الأذى بالبلاد.

رغم هذا التباين، فإن مصر بعد ٢٥ يناير لن تشهد الحاكم الذي يبقى في موقعه مدى الحياة.. الآن صار هناك تداول للسلطة، وأي رئيس لن يكون في مقدوره تولي الحكم أكثر من فترتين متتاليتين فقط، ومن خلال انتخابات مباشرة وتنافسية.. وهذا في حد ذاته تغيير مهم وكبير، يضعنا على بداية الطريق لتحقيق الدولة الديمقراطية العصرية، مثل الانتخاب الحر لمجلس النواب، ومثل استقلال القضاء أيضا، وكذلك مثل الدستور الذي يعد أفضل دستور حظيت به مصر منذ أن عرفت الدساتير، وخاصة في باب الحقوق.

غير أن الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة لها مقومات عديدة أخرى، تبدأ بالمحافظة على حقوق المعارضة، ومثلما نقر بحق الأغلبية في إقرار القوانين والسياسات، ولا تنتهي بإقرار وإشاعة وتطبيق القيم الإيجابية في المجتمع «قيم المواطنة والعيش المشترك واحترام الآخر والعدل والمساواة وسيادة القانون».

خلاصة الأمر، أن إنجاز الديمقراطية التي نطمح إليها يحتاج لجهد كبير وضخم، في مواجهة تحديات ومعوقات تعطل ذلك.. إنها معركة نخوضها ولا سبيل لنا سوى أن نربحها.
الجريدة الرسمية