رئيس التحرير
عصام كامل

" العشوائيات " ..أزمة صنعها الفقر ..خبراء : خطر يهدد مصر والحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤلية كاملة ..الانفجار قادم لا محالة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"إن العشوائيات في مصر (قنبلة موقوتة) تنتظر الانفجار فى وجه المجتمع، وفشل الحكومات المتعاقبة فى التعامل مع المشكلة وإيجاد حلول عملية لها على أرض الواقع يزيد المشكلة تفاقمًا، ولابد من وضع منظومة شاملة وخطة واضحة المعالم محددة بجدول زمنى للقضاء على هذه الظاهرة الكارثية".

هذا ما أكده وشدد عليه خبراء التخطيط في مصر، الذين أشاروا إلى أن الإحصائيات تقدر عدد المناطق العشوائية فى مصر بألف منطقة عشوائية موزّعة على المناطق المختلفة؛ منها 85 منطقة عشوائية تمثل (حِـزامًا ناسفًا) ملفوفًا حول العاصمة.

وأن 18 مليون نسمة من المصريين يعيشيون في هذه العشوائيات، وأن خريطة العشوائيات بالقاهرة شملت: شبرا الخيمة، المطرية،‏‏ عين شمس‏‏، دار السلام، ‏‏البساتين،‏‏ حلوان، التبين‏،‏ الفسطاط، اسطبل عنتر‏،‏ منشية ناصر، والزبالين‏.‏

وتشير الدراسات إلى أن ‏81‏% من سكان العشوائيات يعملون بالقطاع غير الرسمي، وأن 20%‏ من رجالها عاطلين و38%من أسرها دخلهم أقل من ‏200‏ جنيه شهريًا، وأن 58%من سكانها يتنافسون على دورات مياه مشتركة، فيما قدر الخبراء تكلفة تطوير المناطق العشوائية بـ‏220‏ مليار جنيه.

الدكتور محمد عبدالباقى رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية, يرى ان العشوائيات من أهم مشكلات العمران المصرى التى ظهرت منذ الخمسينيات فى القرن الماضى، وذلك نتيجة لعدة اسباب رئيسية؛ منها قيام الدولة بتخفيض وتجميد القيمة الايجارية للوحدات السكنية، ما ادى الى احجام القطاع الخاص عن المساهمة فى البناء بالوحدات السكنية، ومن ثم ارتفع حجم الطلب على الاسكان دون وجود عرض لتلبية هذه الحاجة ولجأ المواطنون للعشوائيات.

فيما أكد أن الحكومة تسببت في تفاقم المشكلة بعدم حسمها لقانون الايجار القديم، ما جعل من القاهرة نقطة تمركز لـ25% من سكان مصر، فضًلا عن أن القاهرة تستحوذ على نحو 40% من استثمارات الدولة، الامر الذى يعظم عناصر الجذب فيها، ما شكل عنصر للهجرة الداخلية ازدات معه معدلات الهجرة من الريف الى الحضر، علاوة على تدهور الخدمات على مستوى محافظات الجمهورية، فيما لم يقابل ذلك مخططات عمرانية تتزامن مع الزيادة المضطردة للسكان بما أدى الى انتشار العشوائيات.

وأوضح أن العشوائيات تتنوع ما بين مناطق غير آمنة تمامًا مثل "الدويقة"، ومناطق عشوائية من صفيح وكرتون مثل "الشرابية"، ومناطق اسكان عشوائى خرسانية سليمة انشائيا بدون تراخيص، علاوة على سكان القبور واسفل السلالم، والاسطح.

وشدد عبدالباقي على ضرورة التعامل مع هذه الحالات وفقا لظروفها وحالتها الخاصة، فيما تساءل عن نتائج أعمال صندوق تطوير العشوائيات، وطالب بضرورة اعطاء الفرصة كاملة للمجتمع المدنى للمشاركة فى حل المشكلة، "لكن لابد ان يكون ذلك وفق منظومة شاملة ورصد وتقييم لهذه التجارب وتعظيم ايجابياتها وتلافى سلبياتها، منتقدًا سطحية نظر الدولة للمشكلة.

أما المهندس على بيومى الخبير العقارى, فإنه يرى ان القضاء على العشوائيات قضية ملحة وضرورية وأن تاخرنا فيها يزيد من تعقيد الأمور، فيما طالب العلماء والخبراء بتكثيف جهودهم لوضع خريطة لحل المشكلة، مؤكدًا  اهمية طرح منظومة شاملة لعلاج العشوائيات.

فيما علق الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى بأن مشكلة العشوائيات تراكمت لسنوات طويلة نتيجة سوء السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وأنه تركزت اعمال التنمية فى العاصمة، وأن تدهور الاوضاع الاقتصادية فى الصعيد والريف دفع سكانها للهجرة إلى القاهرة ليعيشوا فى اطراف المدينة، مشكلين حزام فقر بالمحافظة يهددها في كل لحظة.

ويؤكد ان مشكلة العشوائيات ارتفعت حدتها بعد الثورة، وأن الانفلات الامنى ساعدها في ذلك، ما جعل من هذه المناطق بؤرًا جديدة للخارجين عن القانون، قائلًا: "غياب الامن ساهم فى انتاج بطلجية جدد مستفيدين من المناخ العام السائد فى الشارع المصرى حاليا مع ارتفاع معدلات البطالة وتدنى مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر".

ويلفت الشريف الى ان القضاء على العشوائيات ليس بالموضوع السهل، وأنه لابد من عمل خطة شاملة لتطوير العشوائيات، "ويزيد الأمر صعوبة أن الحكومة محاصرة باوضاع اقتصادية صعبة وارتفاع في عجز الموازنة العامة للدولة"، متسائلًا عن مصير صندوق تطوير العشوائيات.

الجريدة الرسمية