تصريحات جنينة حول الفساد.. باطلة
لا أحد يكابر في أن الفساد بكل أشكاله وألوانه قد تجذّر وتوغل وانتشر في جنبات المجتمع، وفي العديد من مؤسسات الدولة منذ بضعة عقود، وأنه ليس وليد السنوات القليلة الماضية.
ويجب الاعتراف بأن هذا الفساد ساهم بقدر كبير في تدهور حياة المصريين وانخفاض مستوى معيشتهم وارتفاع خط الفقر، وتراجع معدلات الصحة وانهيار التعليم وانتشار الإرهاب، وليس أخيرًا في تدني الأخلاق في الأوساط الاجتماعية المختلفة.
غير أن تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، التي نشرتها وسائل الإعلام في 24 ديسمبر 2015، عن اكتشافه وقائع فساد خلال عام 2015 تجاوزت 600 مليار جنيه، صدمت وأحبطت الشعب المصري كله، في الوقت الذي كان المواطنون يتمنون فيه ويأملون أن يروا على أرض الواقع نتائج الحرب التي تخوضها الدولة ضد كل أشكال الفساد المستشري، وضد جميع الفاسدين والمفسدين وتقديمهم للعدالة واسترداد "غنائم الفساد" من بين أياديهم.
وقد أحسنت صنعًا لجنة تقصي الحقائق التي أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارًا بتشكيلها عقب تصريحات المستشار جنينة، في إنجاز مهمتها في أسبوعين، وخرجت ببيانٍ إلى الرأي العام الثلاثاء الماضي، بعنوان واضح وتأكيد صريح لا لبس فيه، بأن تصريحات المستشار جنينة "تضليل وإغفال متعمد للحقائق"، وأن الدراسة التي اعتمد عليها سيادته تفتقد المصداقية، وأفضت إلى تأثيرات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد.
وتدور التساؤلات العديدة بين الأكاديميين والمتخصصين في الشئون المحاسبية وبين البرلمانيين وفي الأوساط الشعبية وبين المواطنين العاديين وكاتب السطور واحد منهم:-
- لماذا لم يتوجه المستشار جنينة للنائب العام مباشرة ويقدم المستندات التي بحوزته وتؤكد صدق تصريحاته باعتباره رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، والقانون يعطيه هذا الحق؟!
- لماذا بادر السيد المستشار بالإعلان عن حجم هذا الفساد عبر وسائل الإعلام وفي ذلك التاريخ بالذات؟!
- ما هي أهداف نشر مثل هذه الأرقام غير الصحيحة والبيانات غير الدقيقة من أرفع جهاز رقابي ومحاسبي في البلاد يتمتع المسئولون فيه بالمهنية العالية والدقة العملية؟!
إن القضية برمتها ستعرض على اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، برئاسة رئيس الوزراء وعلى مجلس النواب، ولعلنا نجد عندهما القول الفصل.
وأخيرًا.. ما يؤسف له أنه في الوقت الذي نضع فيه أقدامنا على الطريق الصحيح ونخطو بخطوات ثابتة نحو الديمقراطية والمواطنة الكاملة، وننهض للعمل، ونصبو للتقدم والازدهار، يخرج من بين ظهرانينا من يريد جرنا للخلف وعرقلة المسيرة الوطنية وتدمير الاقتصاد المصري.