رئيس التحرير
عصام كامل

قصور× «قصور الثقافة».. ساقية الصاوى تحتل المقدمة في اكتشاف المبدعين.. ومؤسسة ساويرس تسهم في دعم العقول المفكرة.. الكيانات الثقافية «غير الرسمية» استطاعت تعويض جانب من التقصير

 ساقية الصاوى
ساقية الصاوى

في الماضى القريب وقبل سنوات ليست ببعيدة كان ينظر لمصر على أنها قبلة الأدب حيث تخرج فيها كبار الأدباء مثل عميد الأدب العربى طه حسين وتوفيق الحكيم وصاحب نوبل نجيب محفوظ والعقاد والعديد من الأسماء التي لا يمكن حصرها في بضع كلمات.


كانت الدولة ومؤسساتها الثقافية دائما في المقدمة في إنجاب المواهب الادبية واحتوائها، وكانت هي التي تنشر لكبار الكتاب وتساهم في دفع الحركة الثقافية وفتح منشآتها أمام المواطنين وهو ما،لايحدث في غياب واضح للأجهزة الثقافية الحكومية، وأدى ذلك إلى ظهور العديد من المؤسسات والهيئات الخاصة التي تودى دورا كبيرا أصبح ملموسا لدى المهتمين بالشأن الثقافى من إقامة معارض فنية وندوات أدبية وعروض للأعمال الروائية، وإتاحة الفرصة لكثير من الشباب لعرض أعمالهم الإبداعية في الوقت الذي يغرق فيه المبدع في البيروقراطية من أجل توفير إحدى القاعات الحكومية لإقامة عرض مسرحي.

وتحتوى وزارة الثقافة على الكثير من المواقع الثقافية التابعة للمجلس الأعلى للثقافة الذي يضم على 14 مسرحًا و6 فرق للفنون الشعبية والسيرك القومى وأيضا قصورًا للثقافة تتخطى 600 قصر ثقافة في جميع المحافظات وأنشئت عام 1945 تحت مسمى الجامعة الشعبية وتحولت إلى اسمها الحالى في عام 1989 ومقرها الرئيسى بالقاهرة وتتبع وزير الثقافة.

وتعانى قصور الثقافة من تهالك في البنية التحتية، وعزوف من المواطنين عن الاشتراك في الأنشطة الثقافية التي تقيمها الهيئة رغم كثرتها، ويعتب كثير من المهتمين بالشأن الثقافى على غياب دور الهيئة في الحركة الثقافية التي تضم 16 وكيل وزارة و76 مديرًا عامًا و17000 موظف بالإدارات والهيئات التابعة لها ويعول كثير من المثقفين عليها لاستعادة دور الدولة في الحفاظ على الهوية المصرية وتوعية الشباب للابتعاد عن الأفكار المتطرفة.

ويرى سعد عبدالرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة السابق أن أي مقارنة بين المؤسسات الثقافية الحكومية والمؤسسات الثقافية الخاصة تعد ظالمة للمؤسسات الخاصة لكثرة المراكز الثقافية الحكومية وانتشارها في كل محافظات مصر بمراكزها وقراها وان مواقع هيئة قصور الثقافة تخدم أكثر من 6000 قرية، بـ600 موقع ثقافى ولكن للأسف نصف تلك المواقع أكاذيب صنعها الفساد السياسي قبل ثورة يناير، حيث كان عضو مجلس الشعب يطالب بإنشاء قصر ثقافة في دائرته ويستأجر شقة ويحصل على الموافقة على إنشاء قصر ثقافة ليكون بابًا خلفيًا لتعيين أقاربه ومؤيديه ليدينوا له بالولاء، وتصبح تلك المواقع على الورق ولا تملك الميزانية الكافية لشراء حتى أدوات نظافة وتساءل: «ازاى بنطالبها بالتطوير».
وأضاف هناك بعض المواقع الثقافية تقدم من 60 إلي70 عرضا مسرحيا في العام، وتقدم مئات الأنشطة ولكن لا تجد صدى لدى وسائل الإعلام وماينشر يعد قطرة في بحر.

ورحب «عبدالرحمن» بظهور المؤسسات الخاصة قائلا: "ليس من المفروض أن تكون الثقافة معلقة في رقبة الأجهزة التنفيذية فقط، وأتمنى أن يتضاعف عدد تلك المؤسسات الخاصة لأن المؤسسات الحكومية مكبلة بالبيروقراطية وكثرة العاملين بها ولذلك لا يجب أن نبكى على اللبن المسكوب ويجب مشاركة الجميع من كيانات ومؤسسات، وأشاد بمؤسسة ساويرس للتنمية وجائزتها الثقافية وطالب كل رجل الأعمال بالسير على خطى جائزة ساويرس والمساهمة في دفع الحركة الثقافية".

ومن أهم المؤسسات الثقافية الخاصة ساقية الصاوى التي أنشئت في ديسمبر2001 بقرار شجاع من محافظ القاهرة عبدالرحيم شحاتة بتخصيص تلك القطعة التي كانت خرابة للنفايات فأصبحت منبرا ثقافيا مهما، وواحدة من المؤسسات الثقافية الخاصة التي حققت نجاحا كبيرا في استقطاب شريحة كبيرة من الشباب من المثقفين والمبدعين بمختلف المجالات وجمهور كبير لمشاهدة حفلاتها ومعارضها.
وتقيم الساقية العديد من الندوات والأمسيات الثقافية للعديد من رواد االثقافة والأدب في مصر والوطن العربى كما تتيح الفرصة لشباب المثقفين في تقديم إبداعاتهم من ندوات وأمسيات شعرية وحفلات موسيقية بدون أي مقابل.

وأسست الساقية أوركسترا الساقية الوترى كما تقدم لمحبى الموسيقى العربية عددًا من الحفلات الشهرية ومن المطربين الذين شاركوا في تلك الحفلات المطرب على الحجار كما تقدم حفلات المولوية للشيخ عامر التونى والإنشاد الدينى للمنشد على الهلباوى وتنظم الساقية حفلات لفرق الأندر جراوند مثل «كايروكى وشارموفرز، بلاك تيما ومسار إجبارى» وتنظم الساقية العديد من المهرجانات مثل مهرجان الساقية للشعر العامى ومهرجان الساقية للأفلام التسجيلية ومهرجان الأفلام المتحركة.

ريم الوزير مديرة فرقة كايروكى تقول إن الساقية اخرجت الكثير من الفرق الغنائية التي لم تكن تصل إلى الجمهور لولا الساقية التي تفتح ابوابها مجانا لتلك الفرق، واصبحت مكانا ثابتا لحفلات فرق الأندرجراوند.

وبعيدا عن الساقية وما تقدمه من جهود في نشر الثقافة والفنون هناك الكثير من المراكز الثقافية الخاصة التي تستضيف الكثير من الندوات والاحداث الثقافية والحفلات الموسيقية مثل الوكالة والربع وتعد تلك الموسسات منبرا لكثير من شباب الأدباء والمثقفين والشعراء.

وتفتح مكتبة ديوان بابا آخر للكثير من القراء والمهتمين بالشان الثقافي، وأحدثت المكتبة رواجا كبيرا في توزيع الكتاب بشكل مختلف عن الفكرة السابقة للمكتبات، حيث اتاحت الفرصة للكثير من مشترى الكتب للجلوس بالمكتبة واحتساء مشروب مع موسيقى هادئة وفتحت أبوابها لحفلات توقيع ومناقشة الكثير من الأعمال الأدبية.
نفس الدور تقوم به مكتبة ألف التي استطاعت أن تنقل أهم الكتب إلى محافظات مصر جميعا مع عقد الكثير من الندوات لكبار الكتاب لمناقشة الأعمال الروائية بتلك المحافظات وهو ماعجزت المكتبات الحكومية عن القيام به. كماتوجد أيضا مكتبات فيرجن والكتب خان واطياف التي تستضيف الكثير من المعارض الفنية والندوات الثقافية.

ويرى الكاتب أدهم العبودى أن على الدولة أن تتبنى المؤسسات الخاصة فهى تتيح الفرصة لكثير من المثقفين في الالتحام مع المواطنين وطرح أعمالهم الابداعية بكل مرونة في غياب الروتين الحكومى ن مشيرا إلى أن تلك المؤسسات نجحت في إعادة الكثير من القراء إلى الرواية المصرية.
وتأتى مؤسسة ساويرس للتنمية لتتصدر المشهد الثقافى بجائزة الموسسة الثقافية التي تمنح في يناير من كل عام لتدعم الحركة الادبية، بدأت المؤسسة في تقديم جائزتها منذ عام 2005 لأفضل الأعمال الأدبية المتميزة لكبار وشباب الأدباء والمبدعين في مجالات الرواية والقصة وتهدف المؤسسة إلى تشجيع الابداع الفنى وأيضا إلقاء الضوء على المواهب الجديدة الواعدة وتطوارت المسابقة في خلال عشرة سنوات لتشمل الكثير من الإبداعات الأدبية.

وأضاف مجلس أمناء الجائزة فروعًا أخرى للمسابقة ومنها كتابة السيناريو السينمائى والكتابة المسرحية وفى عام 2013 تمت إضافة جائزة في مجال النقد الادبى كما تزايد عدد الأعمال المشاركة في المسابقة من 267 في عام2005 إلى 386 في 2014وتختار الأمناء لجنة التحكيم لكل دورة التي تضم افضل الأدباء والمثقفين والشخصيات العامة وهى لجان مستقلة تؤول إليها مسئولية اختيار الأعمال الفائزة يتم استقبال الأعمال للمسابقة في شهر يونيو من كل عام وتستمر حتى اوائل شهر أغسطس من كل عام وتعلن النتيجة في حفل بدار الأوبرا واطلقت المؤسسة جائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية تقديرا لدور الشاعر الراحل في الثقافة المصرية ويتشكل مجلس أمناء الجائزة من « عماد أبو غازى، صلاح عيسى،محمد العدل، مجدى أحمد على،إبراهيم داوود، نجيب ساويرس» ويحصل صاحب العمل المنضم للقائمة القصيرة للجائزة على 10 آلاف جنيه والفائز بالجائزة على 50 ألف جنيه وهى من أكبر الجوائز الأدبية.

ويحسب لمؤسسة ساويرس أن مسابقاتها لا تشوبها أساليب المجاملات والشللية التي تتحكم في المسابقات التي ترعاها وزارة الثقافة.
الجريدة الرسمية