رئيس التحرير
عصام كامل

عجز أن يكون جاهلا.. فشل أن يكون كافرا!


ما تريد لنفسك أن تكون؟!.. فحتى الحيوانات تأبى أن تنتمي لهم، وهم بالقطع أكثر مروءة وشهامة و(إنسانية) ورحمة منك، بعد أن تخليت تماما عن إنسانيتك ولفظت منحة الله لك بأن خلقك إنسانا!

عن تلك الكائنات الأدنى في الكون، التي تشمت في بشر محاصرين في إحدى المدن السورية، على يد عديم الإنسانيه أتحدث.. عن هذا المغني الذي يخجل سجل الفن من ذكر اسمه، الذي ظهر في إحدى الصور ملتذذا بعلفه، ساخرا من بني وطنه المحاصرين جوعا وذلا في مضايا السورية، عن كل كائن وضيع يدعي انتماءه للبشر سواء كان مشهورا أو مغمورا عاديا، شاهد هياكل عظمية متعلقة بالحياة التي وهبهم الله إياها، رغم إجرام النظام السوري الذي لا يفرق بين مدني ومسلح ولا بين إرهابي ومسالم.. عن تلك الأشكال الحقيرة التي لم تتأثر بتلك المأساة أكتب، التي تجد نفسك معها مرددا الآية الكريمة (الذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم)، حتى بدون أن تكون مسلما، فقط أن تكون إنسانا فهؤلاء كفروا بالإنسانية وبالرحمة وبكل قيمة عرفها البشر!

ندعي جميعا أننا مسلمون، ونبتهل لله الذي جعل إيمان المسلم على المحك، إذا بات شبعانا وجاره جائعا كما أخبرنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.. كم نحن وقحون ومذنبون وضالون وكاذبون ومنحطون، نعم نحن كذلك عندما نرى بشرا يتضورون جوعا ونسكت ونصمت أو نكتفي بـ(أعجبني) على صفحات التواصل الاجتماعي.

ندعي أننا نتبع المسيح!!.. وهل يرضى يسوع بذلك؟، هل من جلس ليغسل أرجل حوارييه واقتسم معهم عشاءه الأخير ولم يضن حتى على يهوذا الخائن بجزء من طعامه يقبل بأن تموت خرافه الضالة جوعا؟.. بالقطع هؤلاء ليسوا خرافا بل أبناء الله وأحباؤه، ولكن للظالمين والقاتلين، ومن سار في ركبهم الضال رأيا آخر!

بكل وضوح أسأل فضيلة شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب.. أين أنت من تلك الجريمة ومن تلك الوضاعة والدناءة التي يقوم بها مسلمون متجبرون طغاة ضد مسلمين آخرين عزل ضعاف مقهورين؟، أين دورك كإمام للمسلمين في كل المعمورة؟!.. أين صاحب القداسة البابا تواضروس الراعي الصالح لكل المؤمنين بالمسيح؟، أين هو بحضوره الروحي المؤثر وهناك بشر يعذبون بالجوع في إحدى البقاع العربية التي تمتد لها خدمتكم الرسولية، حتى إن لم يكونوا مسيحيين فهم بشر خلقهم نفس الإله الذي نعبده وندعي أننا عباد له سبحانه وتعالى؟!

أين ضمير العالم من تلك المأساة، أين الدبلوماسية العربية والمصرية؟.. أين الأشقاء العرب الذين يتبرعون لحدائق الحيوانات في العالم بملايين الدولارات بينما أشقاؤهم في العروبة والدين يتضورون جوعا؟، أين جامعة الدول العربية وأمينها العام الذي ينفق في رحلات عديمة الجدوى ما يكفي لإنقاذ مضايا وكل مكان موبوء بالظلم والقهر والاستبداد في عالمنا العربي الأسوأ والأدنى في العالم؟!

جريمة مضايا أكبر بكثير من أن توصفها اللغة أو أن تدونها صفحات هنا أو هناك، هي جريمة إبادة جماعية على البطيء، قتل يسبقه تعذيب، إبادة قوامها الجوع، فقد كان كفار قريش أكثر مروءة وإنسانية وتحضرا ورقيا من النظام السوري القمعي الفاشل الذي لا يستطيع البقاء بدون الدب الروسي، عندما كسروا حصار المسلمين في شعب أبي طالب وقدموا لهم الطعام والشراب.. كان ذلك في عصر نصفه بالجاهلي قبل خمسة عشر قرنا من الزمان، فكيف نوصف من يرتكب تلك الجريمة الآن، ولا يكف عنها ولا يعتذر ولا يرجع عنها؟.. عجز حتى أن يكون جاهليا، فشل حتى أن يكون كافرا.. يا الله ما هذه الوضاعة التي نحياها في عالمنا العربي!

ملعون كل من يؤيد قتل البشر بالسيف أو الرصاص أو بالتعذيب أو بالجوع، لا تملك إلا أن تسب من يقوم بذلك قائلا (يا ابن...) ثم ما تلبث أن تتراجع وتعتذر للحيوان.. بالطبع هو أرقى وأوفى بكثير من هؤلاء القتلة الذين لا فرق بينهم وبين داعش سوى الاسم فقط.

fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية