رئيس التحرير
عصام كامل

يا برلمان الهنا..


رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب، مأذون في السبعين من عمره، والنائب إلهامي وقضيته الكبرى هي وقف البوس داخل المجلس بين الرجال، والبوت الجلد والملابس الكاجوال للنائبات!.. لكن جنينة وتقريره يبقى هو المأساة والملهاة بحق.


هي إذن ثلاثة مشاهد صارخة في المسرح البرلماني للكوميديا السياسية الجارية، يهمنا منها المشهد الأول مكتسح الرأي العام، وهو المبارزة بين هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وتصريحاته نقلا عن دراسة أمر بها خبراءه في الجهاز، عن الـ٦٠٠ مليار جنيه تكلفة الفساد في مصر، والتقرير المضاد الموجع الذي وصف تقرير جنينة بالمضلل، وافتعال الأرقام، وتكرار جمعها وتوظيفها سياسيا، وتحميل سنة حكم السيسي وطأة وعار هذا المبلغ الضخم.

طبعا يمثل هذا المبلغ ثلثي موازنة مصر، وتقرير جنينة يريد القول إن سنة واحدة تحت حكم الرئيس عبد الفتاح، أدت إلى نهب البلد!!

على صفحة الجهاز المركزي للمحاسبات، يمكنك أن تستقي بعض المعلومات، في خضم معركة تبادل الاتهامات، ولسوف تعرف أن الجهاز يقول إن وزارة التخطيط هي التي طلبت في خطاب رسمي إلى الجهاز المركزي، عمل دراسة موضوعها "تحليل تكلفة الفساد في مصر"، وأضافت الصفحة أن المدة الزمنية التي طلبت الوزارة تغطيتها في الدراسة هي من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٤.

تريد بذلك أن تقول إن الهدف لم يكن التركيز على سنة ١٥، سنة السيسي، ومع ذلك فإن ما تقوله الصفحة أو الموقع الخاص بالجهاز، يختلف عما صرح به رئيس الجهاز وأوحى به إلى الناس عبر تصريحاته الصحفية، من أن فساد عام واحد من حكم الرئيس الحالي كلف البلاد ٦٠٠ مليار جنيه!

فما بالكم بتكلفة الأعوام التالية لحكمه؟!.. وفيمَ الإبطاء لوقف عجلة اللصوصية وإهدار أموال الشعب؟!

خطورة التصريحات أمران:-
المصدر القائل بها الذي منحها الصبغة العلمية المنهجية.. ثم عنصر التوقيت الذي يترافق مع حشد وتحشيد لفوضى في موعد فوضى ٢٥ يناير ٢٠١١.

بطبيعة الحال لم يغب عن الرئاسة فن الرد العاجل، وهو تشكيل لجنة من نائب رئيس الجهاز، نائب جنينة، وخبراء محاسبة ومالية واقتصاد، من داخل الجهاز وخارجه، وممثلين لوزارات العدل والتخطيط والمالية والداخلية، ويرأس هؤلاء جميعهم رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وقد أنفقت اللجنة أربعة عشر يوما، وانتهت إلى أن تقرير ودراسة وتصريحات جنينة مضللة وتثير الريبة في الوطن وتستعدي العالم، متمثلا في مؤسساته المالية التي تقرضنا.

وعلى الجملة، يمكنك أن تحس بروح المكايدة في تقرير لجنة الرد والتقصي، وهي روح ربما كان مبعثها الضيق من هول الافتراء الذي وضعت اللجنة يدها وعقلها عليه، واكتشاف حجم الادعاء والمغالطة والأكاذيب والأرقام والحقائق المفتعلة، التي يعود بعضها إلى عصر الملك فؤاد، فيما يخص الفساد في أراضي الأوقاف وعصر السادات فيما يخص المجتمعات العمرانية والمدن الجديدة، وحكاية الـ٥ كيلومترات الواجب أن تكون حرما محيطا بتلك المدن يتيح لها التوسع لاحقا!

ولما لم تحافظ عليها الدولة وأضاعتها حسبت قيمتها المالية وعدت فسادا هناك أيضا، ونحن نتريث ونتمهل في القراءة والتحليل، نقطة غامضة، أشارت إليها لجنة الرد، وهي اشتراك شركة أجنبية في عمل الدراسة التي طلبتها وزارة التخطيط عن تكلفة الفساد في مصر، والسؤال المنطقي هو: ما جنسية هذه الشركة؟، ومن هي؟، وهل هناك ضمانات تحول دون تسريب شركة أجنبية تطلع على دقات وأعصاب قلب وجسد وطن، للمعلومات لطرف ثالث؟!

وهل يسمح قانون عمل الجهاز بإدخال طرف أجنبي تحت مسمى الخبرة؛ لدراسة وتحليل قضية خطيرة مثل الفساد؟!.. ولو كان القانون ولائحة عمل الجهاز تسمح، فما هي حدود الإتاحة والتمكين من جانب الجهاز؟.. وما هي حدود وضوابط التدخل من جانب الشركة؟!.. وما هي نوعية الملفات التي يسمح لها بفتح أسرارها والاطلاع عليها؟!

هي أسئلة تحتاج إلى الرد العاجل لكي يطمئن الرأي العام، ولكي يعرف الناس الحقيقة، وأظن أن مثول طرفي الادعاء أمام محكمة مجلس النواب، سيوفر الرؤية الكاملة، للقطع بمن صدق ومن كذب وادعى.

عندئذ يحاسب جنينة أو تحاسب لجنة الرئيس!

أظن ذلك أفضل من انشغال النائب إلهامي عجينة بملف تبادل القبلات بين الرجال، وتركيزه على حشمة ملابس النائبات والأحذية الجلد للعضوات الفاتنات.
الجريدة الرسمية