رئيس التحرير
عصام كامل

حمادة إمام.. وفتنة الرئيس السادات الأهلاوي!


"بص.. شوف.. حمادة بيعمل أيه" كان نشيد الزملكاوية في الستينيات، الفترة التي جعلت للزمالك شعبية حقيقية، ومن أهم أسباب هذه الشعبية اللاعب الفذ محمد يحيى الحرية إمام، ابن كابتن مصر والزمالك يحيى إمام، هذا المهاجم الفذ كان أسطورة زمانه، فهو أقل اللاعبين تحركا ولكنه أكثرهم إيجابية وتهديفا، وأطلق عليه ثعلب الستينيات وخليفة المصري والأهلي "الضظوي" الذي كان اسمه ثعلب الكرة، عندما تعلقت أنظارنا وقلوبنا بالكرة وبالزمالك كانت بسبب انتصاراته، وأهم أسبابها الهداف الماكر حمادة إمام.


ويشاء الله أن تبدأ علاقتي بالزمالك في النصف الثاني من السبعينيات، لأتعرف عن قرب على نجوم الزمالك بشكل خاص والرياضة المصرية بشكل عام، أما عن حمادة إمام فهو الإنسان الذي ليس له أعداء، علاقته بالجميع على أعلى مستوى من الحب والمودة والاحترام، لاحظت شيئا قلما نجده في الأندية، وهو عشق النجوم لحمادة إمام، فاروق جعفر، طه بصري، علي خليل، المأمور، محمد توفيق، طارق غنيم، هشام عزمي، سمير محمد علي، الخواجة، حمامة، وحيد كامل، أتحدث عن اللاعبين الذين مازالوا في الملعب، أما حسن شحاتة فهو ابن حمادة إمام، ولهذا كان يعتبره حسن شحاتة المثل الأعلى محليا؛ لأن حمادة هو الذي استقبله 1967 ووقف يدعمه، أما الشباب محمد صلاح وعبد الرحيم وأحمد عبد الحليم ومحمد سعيد وشلبي فحدث ولا حرج، كان حمادة لهم الأستاذ والأب والأخ والصديق.

أذكر هنا موقفا حدث عام 1980، عندما تولى حمادة منصب مدير الكرة مع المدرب الإنجليزي مايكل إيفريت، وكان الكروم له مقالب سخيفة مع الزمالك، التقيت بعد المباراة معه ووجدته حزينا، ولكن فجأة قال: لو ذهبت اتحاد الكرة لو سمحت اسأل كابتن محمد حسام لماذا أعطى عادل المأمور إنذارا فجأة وبلا مقدمات؟!!

وكانت الجماهير فوجئت بهذا الإنذار والكرة متوقفة والمأمور سيلعب ضربة مرمى، وبالصدفة التقيت بالكابتن محمد حسام في اتحاد الكرة وسألته فانفعل وقال: يرضيك المأمور يقول لي بكرة ييجي رئيس جمهورية زملكاوي عيب.. كنت هاطرده لولا أني تمالكت نفسي!!

وكانت السيدة جيهان السادات قد صرحت للتليفزيون في برنامج النادي الدولي مع سمير صبري، بأن بيت الرئيس كله أحمر أهلاوي، وهذا خلق فتنة مع كل فوز للأهلي وهزيمة للزمالك، لدرجة أن شعورا بدأ يتسرب للاعبي الزمالك بأن الفوز بالدوري لن يكون طالما رئيس الجمهورية السادات أهلاوي، الطريف أنني أخبرت الكابتن حمادة إمام بما قاله الحكم محمد حسام، فابتسم وقال: هو حسام لازم يعمل عقله بعقل المأمور!

من المواقف التي أعتبرها تاريخية أن حمادة إمام هو من جعل محمود الجوهري يدرب الزمالك، قبل اجتماع مجلس برئاسة المستشار جلال إبراهيم، اتصل بالكابتن محمود الجوهري وبعد حوار طويل وافق الجوهري، في الاجتماع ترك الأعضاء يقترحون ويختلفون، ثم قال: فيه مدرب كبير بس مش هايوافق للعمل في الزمالك!، قالوا معقول الجوهري يدرب الزمالك؟، هو لن يوافق وجمهور الزمالك لن يوافق!

قال حمادة إمام: أنا هاكلم الكابتن الجوهري وأشوف رأيه وحكاية الجمهور، وطبيعي تم استكمال السيناريو ووافق الجوهري على تدريب الزمالك، وأما حكاية الجماهير فقال حمادة: الجوهري واثق في جمهور الزمالك!.. وفي اليوم التالي قاد الجوهري التدريب وسط أكثر من 20 ألفا في استاد حلمي زامورا، وابتسم حمادة إمام؛ لأن خطته نجحت وحقق الجوهري مع الزمالك إنجازات هائلة، منها أول سوبر أفريقي وكان على حساب الأهلي.

ومن الأسرار أن الجوهري وحمادة إمام أقنعا حسام وإبراهيم باللعب للزمالك في تلك الفترة، وجاء النجمان للتوقيع وإذا بالمستشار جلال إبراهيم يتراجع في اللحظة الأخيرة، وكاد يجن حمادة والجوهري بسبب الموقف الغريب الذي أضاع أفضل لاعبي مصر، والمدهش أن السبب كما قاله جلال إبراهيم أنه لا يريد مشاكل مع الأهلي!.. وبعدها بأيام خطف الأهلي رضا عبد العال، ولم يراع الأهلي سوى مصلحته فقط.

حمادة إمام كان أقل المرشحين دعاية وكان يكتسح الانتخابات سواء كعضو أو على وكالة النادي، باستثناء المرة التي تقدم فيها للرئاسة ولم يوفق، قرر بعدها عدم خوض الانتخابات مطلقا، وهي المرة الوحيدة التي رأيته حزينا، ولكن يحسب له أنه لم يهاجم لاعبا أو مدربا أو مجلس إدارة في يوم من الأيام، بل كان دائما يقدم خدماته بكل حب في أي وقت وبدون تردد. 

رحم الله "حمادة" الإنسان النجم المتواضع لأقصى درجة، حمادة إمام.. أسطورة الفن والهندسة!
الجريدة الرسمية