رئيس التحرير
عصام كامل

حوار صريح عن إشكالية «السيسي - جنينة» !


سألني صديقي: بدون زعل، لماذا تهاجمون الرجل الوحيد الذي يواجه الفساد في مصر وتريدون إزاحته عن موقعه؟
قلت: تقصد من؟
قال: المستشار هشام جنينة!

قلت: وهل ستسمعني للنهاية وبدون زعل؟
قال: طبعا
قلت: أولا المستشار جنينة ليس أكثر من يواجه الفساد في مصر، إنما هو أكثر من يتحدث عنه.. إنما أكثر من يواجه الفساد حقيقة في مصر هو الرجل الذي تعهد باسترجاع فروق أراضي الدولة في طريقي القاهرة الإسكندرية والاسماعيلية الصحراوي، وأعاد إلى الآن مبالغ كبيرة، تخطت مليارات عديدة، وهو نفسه من طلب تعديل قانون الكسب غير المشروع ليطال أصحاب مواقع أخرى، وهو نفسه من رفع الحصانة الافتراضية عن شخصيات متنفذة بما سمح بتفتيش مصانعهم وشحناتهم القادمة من الخارج، ومصادرة منتجات لهم لا تطابق المواصفات، والتحفظ على أموالهم بما كان في السابق مستحيلا من المستحيلات، وهو نفسه من أمر بوضع وزير في السجن ومعه كل شركائه!
قال: إن كان ذلك كذلك فلماذا تريدون إقالة جنينة من موقعه؟
قلت: لو هناك أي نية لإقالة جنينة لتمت إقالته، لسبب بسيط جدا، وهو تعيينه بقرار من محمد مرسي.. و30 يونيو ثورة تقبل إطاحة كل أركان النظام الذي هدمته.. كله وبكامله وبلا استثناء.. وأولهم الموجودون في الأجهزة العليا الحساسة وأولها الجهاز المركزي للمحاسبات، وهذا لم يحدث.. وبالتالي فسوء النية ضد هشام جنينة غير موجود.. تمام؟
قال: تمام، لكن الهجوم عليه لا يتوقف؟
قلت: وهل الهجوم على رئيس الحكومة وبعض وزرائها توقف؟ بل هل الهجوم على الرئيس السيسي توقف حتى من إعلاميين محسوبين على 30 يونيو؟ لكن السؤال الأهم يا عزيزي هو: من الذي أعطى الانطباع بأن هذا الرجل ضد ذاك الرجل؟ أكثر من يشيد بالرئيس السيسي هو هشام جنينة، ولا تتوقف الإشادة، ولا يتوقف حتى هجومه على الإخوان ومرسي، بما يوحي برغبته في تقديم نفسه أو التأكيد على أنه معاد للإخوان.. فقاطعني:
كل هذا الهجوم على الرجل وتقول إن جنينة ليس له مشكلات مع النظام؟
قلت: لم أقل أصلا في كلامي أعلاه إنه ليس له مشكلة مع النظام.. أنا قلت كلاما حقيقيا عن مدح جنينة الدائم للسيسي، وليس للنظام، والفرق كبير، لأنه أصلا رقيب محاسبيا على كل أركان النظام.. ومؤكد لديه خلافات هنا وهناك معهم.. ولكن الرئيس السيسي يملك دستوريا حق إقالة جنينة، ولم يفعل، رغم أنه أقال بجرة قلم رئيس الحكومة وعددًا من كبار المسئولين في أجهزة مهمة طالت الصف الأول منها، مثل المخابرات العامة والأمن الوطني، بل لا ننسى أنه بعد رئيس جمهورية في السجن بجماعته وأركان حكمه فلا أحد فوق الاستبعاد.. وبالتالي فلا كبير على الإقالة في مصر.
إنما سؤالي الذي قاطعتني قبل أن أسأله هو: من الذي أعطى الانطباع بأن جنينة يحارب الفساد والسيسي لا يحاربه؟ كيف تم ترسيخ هذه الفكرة في أذهان الكثيرين، بما ساهم بترسيخ فكرة أن كل ما يقوله جنينة صحيح ولا يقبل الشك، وكل إجراء ضده أو حتى أي رأي ضده يصب للدفاع عن الفساد وفي خدمته؟ كيف تم تسريب ذلك إلى البعض؟
برغم أن السيسي إجرائيا، وكما قلنا أعلاه يتقدم - ونكرر إجرائيا وليس شفهيا - يتقدم بخطوات طويلة جدا عن جنينة؟ كيف صدق البعض هذه الفرضية واعتبروها حقيقة ويتعاملون على أساسها؟ هل تعرف الإجابة؟ إنه وقبل الإعلام المعادي للسيسي المنظم والفعال للأسف لكنه هو بعض الإعلام الذي يعتقد أنه يخدم السيسي ويدعمه ويسانده، وهو السبب في الإشكالية الموجودة حاليا عند هذا البعض، أوحى إليهم بأن هناك شخصًا واحدًا يحارب الفساد ورئيس لا يريده.
وهي إشكالية تحتاج إلى حل يقول للناس إن الخلاف بهذه الفرضية غير صحيح، وإنه ليس على محاربة الفساد ولا على إنكار وجوده، فهو موجود وكبير، لكنه متأصل وليس وليد فترة السيسي، كما أنه يحتاج وقتا وهناك جهد كبير يُبذل فعلا لمواجهته، وسوف ننشر لك وللناس الأسبوع القادم بعضا من ذلك، ستذهل الكثيرين وبالأرقام، وربما بالأسماء والتواريخ أيضا - نكرر بالأرقام والأسماء والتواريخ - إنما الخلاف القائم وفي حدود فهمي هو على تفاصيل وقائع الفساد وعلى أرقامه وعلى طريقة الإعلان عنه وعلى طريقة التعامل معه والتحدث عنه وفهمه!
يبقي القول إن الدبة قتلت صاحبها فعلا، في المثل الشهير، وبعض المعالجات عندما تفتقد للحكمة تضر أكثر مما تنفع.. وأمور كثيره تحتاج إلى ذكاء وحصافة في التعامل، ويبقي السيسي وحيدا بغير إعلام حقيقي مهني وذكي وفعال!
.. إلا من رحم ربي!

الجريدة الرسمية