الفاشلون الذين لا يعلمون
وجاء الدور على القوات المسلحة بتصريحات أطلقها من يرشدهم إلى طريق اللاعودة الذى تطاول على قادة الجيش بعبارات لم يجرؤ عليها أحد من قبل ولا حتى إسرائيل.
ومن قبل فشلوا فى كسب ثقة الإعلام وسعوا إلى عدائه، وفشلوا فى كسب ثقة قضاة مصر وحرصوا على استعدائهم، والآن يكررون محاولاتهم مع القوات المسلحة التى نرى أنها أكبر من أن تناصبهم العداء.
وكما فشلت من قبل محاولاتهم دفع القضاة إلى خارج دائرة العدل برفض الأحكام القضائية وطعن القضاة فى ضمائرهم، فشلوا الآن فى أن يجعلوا من أنفسهم ندًّا للقوات المسلحة، لكنهم نجحوا فى كسب عداء النخبة وأهل العلم الذين كانوا أول من تنبه إلى جهلهم وأميتهم السياسية، وعجزهم عن إدارة دولة فى حجم مصر، أو إدارة محافظة واحدة من محافظاتها، كما نجحوا من قبل فى كسب عداء الثوار بعد أن سطوا على ثورتهم، وتأكدت أميتهم السياسية بعدائهم للإعلام والإعلاميين، فلم يعرف التاريخ سياسيا ناجحا يناصب الإعلام العداء.
ونحن لن نتهمهم فى دينهم مثلما اتهموا غيرهم بالكفر بسبب الاختلاف فى الرأى، ولكننا نؤكد فشلهم فى كل المجالات، ذلك الفشل الذى يأتى من رحم الجهل والأمية السياسية وانعدام الخبرة الإدارية.
واليوم توجوا ذلك بالتطاول على قادة قواتنا المسلحة، ولم يعد هناك من يعتمدون عليه بعد أن فقدوا ثقة القضاة وخسروا دعم الصحفيين وسائر الأجهزة الإعلامية.
وتكتمل دائرة الجهل وما تبعه من فشل باعتمادهم على نسبة من الأميين ونساء العشوائيات وفقراء القرى والنجوع ممن يقعون ضحية الإتجار بالدين، ويضعفون أمام رشاوى الأرز والسكر وبطاطين الشتاء.
والأسابيع القليلة المقبلة ستريهم كيف سينقلب عليهم هؤلاء عقب تنفيذ قرارات رفع الأسعار التى أعلنوا عن تطبيقها عقب إجراء الاستفتاء على الدستور، ولن تفلح كل المسكنات التى قد يلجئون إليها، كما لن تتوقف آثار هذه القرارات على القادرين فقط؛ لأن الأسعار تخضع لقانون الأوانى المستطرقة التى لا يمكن لها الاحتفاظ بالسوائل على ارتفاعات متساوية، وهذه قاعدة علمية يعرفها الاقتصاديون ويجهلها الفاشلون الذين لا يعلمون.
والمؤشرات التى تكشفت عنها نتائج الاستفتاء على الدستور أثبتت أن المناطق التى تقيم بها نسبة أكبر من المتعلمين رفض أصحابها مشروع الدستور فى حين صوّت معظم المقيمين فى المناطق العشوائية بنعم، وهذا يعنى أن الأقل تعليما هم الأكثر تأثرا بدعاوى الربط بين الموقف السياسى وحرية الرأى، وبين التبشير بالجنة والتحذير من الخلود فى نار جهنم وبئس المصير.
وتأكد أن نسبة كبيرة من النساء وقعن فى ذلك وكن ضحية لهذا الخلط، ونحن نرى أن ذلك يبدو طبيعيا في ضوء أرقام الجهاز المركزى للمحاسبات، والتى جاء بها أن النساء يشكلن النسبة الأكبر من الأميين، وأن عدد الأميين فى مصر يقترب من نصف عدد السكان، وإذا أضفنا الأمية السياسية إلى الأمية الأبجدية وارتفاع معدلات الفقر لوجدنا أن نسبة كبيرة من أهلنا وعشيرتنا فى مصر غير مؤهلين لإقرار دستور البلاد، بل يعجزون عن فهم معنى الدستور، ومنهم من يعجز عن قراءته، أو قراءة أى شىء.
وقد نذهب لأكثر من ذلك ونقول: إن من بين الذين استمروا داخل الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور غير مؤهلين لهذا العمل.
ونسأل الله لنا ولهم العافية.