رئيس التحرير
عصام كامل

إعدام هشام جنينة !


في اليوم الثاني لتقرير المستشار هشام جنينة، عن حجم الفساد في مصر، كان مقالنا بعنوان "جنينة هشام"، والذي طالبناه فيه بالرد على الانزعاج الحادث عقب تقريره بتفاصيل التفاصيل.. فالرقم الذي حدده لحجم الفساد في مصر رهيب، وبما لا يتخيله عقل، وقلنا حرفيا إن هذا لا يتم إلا إذا كان التقرير قام بترحيل أموال فساد متراكم من سنوات سابقة، أو مخزون سلعي لشركات القطاع العام لم يتم بيعه فتم احتساب كل ذلك كفساد في الرقم الكبير الذي ذكره، وقلنا إنه إن لم يفعل ذلك فقد حوَّل الجهاز إلى حديقة خاصة به، يفعل فيها وبها ما يشاء! وقد جاء في تقرير الرد على تقرير هشام جنينة ما قلناه تقريبا حرفيا!


وقتها، بل وقبلها، شنَّت اللجان الموالية لمنهج المستشار هشام جنينة، أو حتى الموالية لشخصه الكريم، هجوما معاكسا لإرهاب كل من سيقترب من الرجل، باعتبارهم كتبة النظام وأنهم سيتلقون الأوامر الآن - وقتها يعني - لذبح الرجل في حملة منظمة ومرتبة، لمنع الاقتراب من الرجل وتخويف البعض من مناقشته وتقريره الخطير حتى لو لم نتعرض لشخصه المحترم بأي إساءة أو حتى شبهة إساءة، لا من قريب أو بعيد، وإنما كان التناول موضوعيا يخص عمل سيادته، كما نفعل مع أي مسئول في البلاد، ولكن ما يدهشنا وبشدة هو انسياق الكثيرين خلف حملة الترهيب، وكأنهم لا يعنيهم أن يعرفوا الحقيقة، ولا كأنهم لا يريدون أيضا مثلنا معرفة تفاصيل التقرير وأرقامه وأركان الفساد التي تقف خلف الرقم الكبير، وكيفية محاسبتهم والحصول على حق المجتمع منهم، ولكن كانت "الهمبكة" للأسف فوق كل شيء، وتغلبت الهيستريا على المنطق والغوغائية على العقل ومنهج الانتقام والتشفي على الحقيقة!

الآن، وبعد التقرير المهم المفصل المدعوم بالأرقام والبيانات والأماكن والتفاصيل والتواريخ، بات موقف المستشار جنينة سيئا للغاية، والأسوأ - وهو ما لم يلتفت إليه أحد - هو اختياره لما بعد 25 يناير للرد على الرد!! لماذا هذا التوقيت؟ هل يعتقد أن شيئا ما سيتغير في البلد؟ أليست الأرقام لديه وفي دفاتره وفي مكاتبه ومكاتب مساعديه؟ إن مناقشة تقريره وتفنيده استغرق أياما قليلة، فلماذا يحتاج هو إلى أسابيع للرد والتعقيب رغم أن رده على الرد أسهل بكثير، وكان من الممكن أن يكون اليوم الأربعاء أو غدا الخميس، أو حتى على أقصى تقدير السبت أو الأحد، أو حتى قولوا الأسبوع القادم!

للأسف، يحكم هشام جنينة على نفسه بالإعدام المعنوي والأدبي، وبما لا يليق بصاحب مقام رفيع كان من المفترض أن تسبقه الحكمة وتسبق خطواته كلها وتصريحاته أيضا!

الجريدة الرسمية