رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية عودة الجيش لثكناته!


قضيت في باريس عدة أيام وشهدت فيها الاحتفال بحلول العام الجديد في شارع الشانزلزيه.. وكان أمرا عاديا طوال هذه الأيام أن أشاهد جنودا تابعين للجيش الفرنسي يتمركزون في مواقع شتى في العاصمة الفرنسية.. ومع ذلك لم أسمع أو أقرأ أو أشاهد أحدا في فرنسا يطالب الجيش بالعودة إلى ثكناته، والتفرغ لحماية الحدود والأراضي الفرنسية، كما يتردد هنا لدينا في مصر منذ يوم ٢٨ يناير ٢٠١١.


وفي كل بلاد العالم - بلا استثناء - تحتفظ المؤسسة العسكرية باستثمارات ومشروعات غير عسكرية خاصة بها، حتى الولايات المتحدة الأمريكية للبنتاجون له مشروعاته الاقتصادية والتكنولوجية الخاصة به، ومع ذلك لا يخرج أمريكيٌّ يتهكم على الجيش الأمريكي بسبب ذلك، ويطالبه بالتفرغ فقط للمهام العسكرية والقتالية، مثلما حدث ومازال يحدث في بلدنا، التي لا يكف فيها البعض عن مطالبة الجيش بعدم المشاركة في عمليات التنمية الاقتصادية، بدعوى التفرغ لحماية وتأمين حدود البلاد.

والغريب أن ذلك يحدث في وقت تخوض فيه القوات المسلحة المصرية، حربا ضارية وشرسة ضد تنظيمات إرهابية في سيناء، وأيضا على حدودنا الغربية؛ حيث تتمركز تنظيمات إرهابية أخرى في ليبيا المجاورة لنا وتسيطر على ثلث مساحة أراضيها.. إذن فإن مساهمة القوات المسلحة في المشروعات الاقتصادية «مشروعات الطرق وزراعة المليون ونصف المليون فدان، وقناة السويس، وغيرها»، لا يشغلها عن حماية وتأمين حدود وأراضي البلاد، بل لعله يساعد أكثر في ذلك؛ لأنه يسهم في توفير مقومات القوة الشاملة والإستراتيجية لبلدنا، التي تحميه من أي مخططات إقليمية أو دولية تستهدف فرض الهيمنة علينا وتقويض كيان دولتنا الوطنية.

كما أن قواتنا المسلحة تشهد في هذا الوقت تحديدا، الذي تسهم فيه بقوة وهمة ونشاط في عملية البناء والتنمية الاقتصادية، التزود بأحدث الأسلحة القتالية؛ حيث أبرمنا عدة اتفاقات للتزود بطائرات وبارجات وصواريخ حديثة.. أي أن قواتنا المسلحة رغم مساهمتها في عملية البناء والتنمية الاقتصادية للتسريع بخطاها، تستعد وبقوة «تسليحا وتدريبا» لحماية حدودنا وأرضنا.. بل إنها تقاتل فعلا لتوفير الأمن لنا في مواجهة إرهاب ما زال حتى الآن يلقى دعما إقليميا ودوليا.

إذن.. فإن من يخرج علينا اليوم للمطالبة بأن تتوقف القوات المسلحة عن المساهمة في عملية البناء؛ للتفرغ لمهمتها الأساسية وهي حماية الحدود، إنما هو بذلك سواء بقصد أو بدون قصد، لا يريد لبلدنا أن تستعيد عافيتها الاقتصادية سريعا، وبالتالي لا يريدها قوية في مواجهة المخططات الأجنبية.
الجريدة الرسمية