رئيس التحرير
عصام كامل

مقدما.. هؤلاء نجوم البرلمان وهذه قضاياهم!


لا ولن تتم الديمقراطية بقرار، ولم تتم في أوربا والغرب بقرار.. الديمقراطية تتم بالتراكم، وما نراه هناك من ممارسات ديمقراطية تمت عبر سنوات طويلة.. فنحن نحتاج إلى تراكم في التعليم وتراكم في مستويات الوعي والثقافة، ونحتاج إلى تراكم في الممارسة.. ولكن يبقى الأمر الإيجابي في المشهد أكبر بكثير من السلبي فسلوك - حتى لو قلنا -ستين عضوا بمجلس النواب لا يؤثر على سلوك وأداء الستمائة عضو من باقي أعضاء المجلس.. فما بالكم أن الملاحظات كلها تنحصر في عدد أقل من ذلك بكثير.. لكن هذا العدد البسيط يتم التركيز عليه وإبراز سلوكه بالتندر عليه وكأنه سلوك البرلمان كله.

ويمكن لأي شخص أن يتكلم عن تدخل أجهزة محددة في اختيار مرشحين، لكن يجب أن يتذكر الجميع أن هؤلاء في البرلمان اليوم باختيار أبناء دوائرهم.. ولو رشحتهم الأجهزة، لكنها لم تجبر أحدا على اختيارهم بل حتى لم تميزهم بمنحهم خدمات لدوائرهم أو تهديد خصومهم، كما كان التدخل الأمني والإداري سابقا في عهود سوداء!

لا يتبقى إلا انتظار أداء النواب حقيقة ملموسة، ورغم أنه سيكون مجلسا للتحلقات النوعية مثل التفاف النائبات حول قضايا المرأة، والصحفيين حول قضاياهم، والصعايدة كذلك وذوي الاحتياجات الخاصة والشباب، وهكذا ورغم أن المجال سيكون مفتوحا للجميع للاشتباك مع كل القضايا، إلا أننا وبالتفصيل يمكننا أن نتوقع أداءً رفيعا يخص مسائل محددة سيكون لها الأولوية عند البعض، سيتقدمهم مثلا البرلماني السكندري الكبير كمال أحمد، فرغم اهتمامه بالإسكندرية ومشاكلها إلا أنه ربما التف حوله النواب الناصريون ممن سيخوضون معارك مهمة فيما يخص العدل الاجتماعي، وعدد من قضايا التعليم والإعلام وكامب ديفيد، والعلاقات والقضايا العربية، وهؤلاء سيبرز منهم الدكتور محمد عبد الغني وخالد يوسف ونشوى الديب وضياء داوود وجلال عوارة ومحمد عبد العزيز وعدد من المحسوبين على التيار الناصري.

وفي المقابل، ستكون قضايا الحريات والتعديلات التشريعية من نصيب المحامي الليبرالي والسياسي البارز إيهاب الخولي، بينما ستكون قضايا الأمن القومي وعلى رأسها الإرهاب وسيناء والعلاقة مع حماس تحديدا على جدول أعمال "جنرالات" المجلس، سيتقدمهم بكل تأكيد تامر الشهاوي وحمدي بخيت وحاتم باشات وسمير غطاس، بينما سيهتم الصحفيون - طبعا - بقضايا قانون المجلس الوطني للإعلام وقوانين الصحافة والنشر، سيتقدمهم مصطفى بكري وأسامة هيكل وأسامة شرشر وآمال طرابية ورانيا السادات، ومعهم بكل تأكيد الدكتور توفيق عكاشة وجلال عوارة أيضا.

بينما سيكون الإصلاح التشريعي واسترداد أموال مصر من اختصاص سري صيام، وسيخوض عدد من النواب معارك ضد الفساد، منهم علاء عبد المنعم ومصطفى الجندي في سد النهضة، وآمنة نصير في المناهج التعليمية، وأنيسة حسونة في الخدمات الصحية، وسيفتح عدد من نواب الصعيد مشاكل الصعيد، سيتقدمهم محمود الشريف وأحمد حلمي الشريف ومعتز محمود، وسيهتم نواب حزب النور ببعض القضايا النوعية التي ستخص التزام بعض التشريعات بالشريعة الإسلامية من وجهة نظرهم، وغيرها من القضايا الشكلية مثل تجاوز بعض الأعمال الفنية والأدبية، بينما سيتبنى هيثم أبو العز الحريري قضايا تعديل قانون التظاهر والإفراج عن النشطاء، وستحدث لذلك اشتباكات عنيفة مع مرتضى منصور وآخرين، ممن سيهتمون بقضايا يرون ارتباطها بالانضباط في الشارع المصري.

لن يخلو المجلس من اشتباكات كبيرة وفرعية، وبعضها سيكون جانبيا وشخصيا، وسيقدم الشباب أداءً مثاليا سيكون مفاجأة للجميع.

المجلس بالتركيبة السابقة سيؤثر في قضايا وقوانين عديدة تنتظرها مصر، وينتظرها شعبها، ورغم أنه سيكون أفضل من كل المجالس السابقة؛ لعدم وجود حزب مهيمن أو التحلق للدفاع عن مكاسب فئة أو مصالح طبقة كما كان يحدث، إلا أنه سيكون أيضا مجلسا انتقاليا ومقدمة ضرورية للمجلس الذي تستحقه مصر وينتظره ويحلم به شعبها!
الجريدة الرسمية