رئيس التحرير
عصام كامل

د. مصطفى محمود.. ومدعي النبوة وإثارة الجن جنسيا!


رحم الله د. مصطفى محمود، الذي يبدو أنه كان يقرأ المستقبل العربي عامة والمصري خاصة، قال: سيأتي وقت يكون الفرق بيننا وبين الدول المتقدمة مثل الفرق بين الإنسان والقرد!!

وما نراه ونسمعه يبدو أنه يؤكد أن الوقت الذي تحدث عنه المفكر الإسلامي د. مصطفى محمود بات قريبا.. وربما قريبا جدا أكثر مما نتوقع أو كما توقع مفكرنا الكبير.

ففي الوقت الذي يتنافس العالم في الفضاء والوصول إلى حقائق وحكمة الخلق في الكون، مازلنا في بلادنا المتخلفة نتحدث عن العفاريت والجن والعالم السفلي، والسؤال الذي طرحه أحد الأصدقاء: لماذا يسكن العفاريت والجن بلادنا - مصر - فقط؟.. لماذا لا يذهب العفاريت والجن إلى أوربا والعالم المتقدم؟

سؤال منطقي، والذي جعلني أتطرق إلى هذا الأمر السخيف عدة نماذج ظهرت هذا الأسبوع؛ لتقدم للناس أفكارا غير منطقية بل متخلفة، ودعوة ليست للعبثية فقط بل للبعد عن اليقين الإيماني المترسخ داخل الوجدان الديني - سواء المسلم أو المسيحي - وبكل جهل أو غباء أو تعمد يروج الإعلام لهذه الخزعبلات، بدعوى أنه يناقشها ويتحاور حولها، في حين أنه يثير قضايا لا فائدة منها ولا طائل سوى خلق حالة القلق والتشكيك في الثوابت العقائدية.

فمثلا عندما تستضيف القنوات الفضائية من يطلق عليه نائب الجن - لأنه كان نائبا برلمانيا - ويبرر الحرائق في إحدى القرى، بأن قبيلة أحد زعماء الجن تثأر لزعيمها!.. لماذا سيادة النائب؟.. يبرر ذلك بأن زعيمهم كان قطة أو كلب واعتدى عليه أهل القرية وبالتالي قبيلة الزعيم تثأر له!

يا مثبت العقل يا رب.. والرجل قال إنه سيذهب لمنع الحرائق في قرية المناصفور، وصرح بأن الحرائق لن تعود مرة أخرى، ويفاجأ الجميع بأهل القرية يؤكدون أن الحرائق توقفت قبل ذهاب الأخ علاء حسنين نائب الجن!، ولم يكتفِ فقط هذا المخبول، فقد حذر نساء مصر من الجن؛ لأنه يثار جنسيا مثل الإنسان، ولا يجب خلع الملابس أمام المرايا!

والأسوأ هو من يدعي النبوة، وينتقل من قناة إلى أخرى، وتنشر تخريفاته، وأنه أُسري به إلى السويد ليرى الجنة، والكلام الغريب عن خوفو وخفرع ومنقرع، وأن الأهرامات أعز عند الله من الكعبة، ما هذا بحق السماء؟.. تخاريف يرفضها كل صاحب عقل سواء كان يتبع دينا أو لا، والإعلام يثير الناس ويشغلهم بتوافه الأشياء.

هذه الخزعبلات اختفت، وهي تعود إلى التطرّف الديني والاتجاهات المتخلفة، لدرجة أن الكتب الصفراء يعتبرها البعض من المراجع، وهنا يأتي دور المؤسسة الدينية في ضرورة مراجعة التراث بشكل علمي وأمين، يتفق مع الدين والعقل وليس مجرد النقل.

أعود مرة أخرى للمفكر الراحل د. مصطفى محمود، عندما كان يحارب الضلالات والدجل في المجتمع، فكان يقول: اعملوا وتقربوا إلى الله بطلب العلم وليس بتربية اللحى وتقصير الجلاليب ولبس القباقيب وتفصيل الفتاوى، فإن أول آية نزلت في القرآن هي "اقرأ"!.. ويضيف إذا رأيت الناس تخشى العيب أكثر من الحرام وتحترم الأصول قبل العقول وتقدس رجل الدين أكثر من الدين نفسه، فأهلا بكم في الدول العربية!

أين نحن من فكر هذا العالم الكبير؟.. الدنيا تتقدم وترى اليوم أفضل من الأمس، والغد سيكون أفضل من اليوم، إلا نحن نرى الماضي أفضل واليوم سيئ، والغد أسوأ.. لماذا؟.. لأننا لا نعمل ونضيع الزمن في مهاترات لا تفيد ولا قيمة لها، مجتمع بلا رؤية متقلب المزاجع منعدم الوعي والثقافة، وهنا لا بد من أن أختم بكلمات للدكتور مصطفى محمود قالها ونغمة "لا إسلام بدون الدولة الإسلامية" منتشرة، قال: "لا تخدعونا بهذا الزعم الكاذب، أنه لا إسلام إلا بحكم إسلامي، فهي كلمة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، والإسلام موجود بطول الدنيا وعرضها، وهو موجود كأعمق ما يكون الإيمان، أغلقوا هذه الأبواب التي يدخل منها الانتهازيون والمتآمرون، إنها كلمة جذابة وكذابة يستعملها الكل، ولكنها يمكن أن تكون الثياب التنكرية للأعداء الجدد"!!

الله عليك وصدقت يا أيها المفكر رحمك الله، أين أنت من كلام عن نبوة والجن وإثارة المرأة للجن وأيضا داعش الأمريكية التي ارتدت الثياب التنكرية ونحن ندفع الثمن؟!

أيها المفكر رحمك الله.. ويرحمك من الجهل والتخلف.
الجريدة الرسمية