الأزهر باق.. ونحن زائلون!
رد أزهريون بهجوم مضاد على سيد القمني.. لم يكن متوقعا من رجال الأزهر السمح الرد على الهجوم بالهجوم، ولا على التلاسن بالتلاسن.. مفترض في رجل الدين التسامح، وفي رجال الأزهر التروي، لكن الذي حدث ليس كذلك.
وقوع أزهريون في معارك كلامية وتلاسن وتنابز بالألقاب، إشارة إلى حال المؤسسة الدينية اليوم.. مستشار الإمام الأكبر الشيخ محمد مهنى، قال إن الأزهر في جينات المصريين، فظهر أن مستشار الإمام الأكبر لا يفهم في الجينات.. ولا في القضية محل الخلاف بين مناصرين لإسلام بحيري وبين موقف الأزهريين من إسلام بحيري.
لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، وكثير من رجال الأزهر أفظاظ غليظو القلب.. وسليطو اللسان أيضا.. منذ متى ورجل الدين يرد على الإساءة بالإساءة، وعلى التجاوز بالتجاوز.. لا تزر وازرة وزر أخرى.. لكن كثيرا من رجال الأزهر يأخذون حبل الوزر ويمدوه عن آخره، ويمطوه، ثم يردوا الصاع صاعين حديثا وهمهمات وكلاما عن الجينات ما أنزل الله بها من سلطان.
موقف رجال الأزهر من إسلام بحيري ومن سيد القمني، ومن آخرين، إشارة إلى ما أصبحوا عليه الآن.. لا وسطية، ولا تسامح.. ولا قدرة على الاستيعاب.
ثم من قال إن رجال الأزهر.. هم الأزهر؟.. إذا كان الأزهر قيمة معنوية تاريخية، فهذا لا يمنع أن يضرب بعض رجاله فيروس التغيير الذي ضرب المجتمع المصري ومؤسساته وأفراده.. ليس كل التغيير للأمام.. بعض التغيير يُرجع للخلف.. وبعض رجال الدين رجعوا بنا للخلف.
منذ متى؟
منذ أن خرج الأزهري يسب ويلعن، ويغلظ في القول للمعارضين، وينهي عن الفكر، ويعتبر الاجتهاد سبة، والمنطق عته، ويحيل أمور الخلاف الفكري إلى القضاء، ويقف أمام وكيل النيابة يشكو مؤلفا، أو صاحب كتاب.
مؤخرا بدا أن علينا أن نراجع إجابات بعض الأسئلة.. أهمها: هل الأزهر مؤسسة دينية لنشر التسامح، والدعوة لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة؟.. أم أن الأزهر ورجاله مؤسسة لفرض الاعتقاد بالأحكام القضائية، والتفتيش في النوايا بقوة القانون، مع رغبة دائمة في الثأر من نتائج المناظرات التليفزيونية.. تسيطر على رجاله رغبات محمومة في إيقاف البرامج الأسبوعية على الفضائيات؟
هل الأزهر الشريف مؤسسة دعوية إيمانية؟.. أم هو مؤسسة سلطوية، لها حرية الأمر والنهي في أمور الاعتقاد، فما تراه حقا.. وما لا تراه باطلا.. وما توافقه خيرا وما لا يوافقه رجالها شرا، ومن يطيع يبني له الأزهريون قصرا في الجنة، ومن لا يرضى يدخل السجن؟
لم نعهده "أزهرا" هكذا..
مستشار الإمام الأكبر في كلام قريب من حديث الجينات اعتبر الأزهر كالكعبة، أكرم الله بها الحجاز، وأكرم المصريين بالأزهر.. على مواقع التواصل كتب بعضهم: الأزهر باقٍ ونحن زائلون.. وكانت نكتة لها ألف مغزى ومعنى.
حبس رجال الأزهر إسلام بحيري.. فهل استتب الدين، وصحت العقيدة، وانتصبت الضمائر؟
سجنوا إسلام بحيري، وتركوا نائب مجلس شعب سابقا يدور ويلف منذ أيام على قرى محافظة الشرقية لإخماد حرائق أشعلها الجن، فتباركت بالنائب السابق الأهالي ووطى الأطفال لتقبيل يديه وقدميه، وتعلقت النساء العاقرات بأرجل بنطلونه!
إسلام بحيري في السجن، بينما أصحاب بقرة قالوا إنها مباركة في المنوفية، مازالوا في الخارج.. أكثروا من إدرار بقرتهم لبنا قبل الأوان، فطالب الأهالي بإيوائها في مبنى، يتحول مع الزمن لمقام.. ويخرج إلى قريتهم آلاف يوميا من كل فج عميق يمسحون على زيل البقرة باليمين، ويمسحون نساءهم في أرجلها، ويكتبون خطابات للأولياء بأمنياتهم يلقون بها في حظيرة البقرة قبل صلاة الفجر.. إيمانا واحتسابا!
لو كان إسلام بحيري قد خرج إلى اليسار، فإن كثيرين خرجوا إلى اليمين.. إذا كان اليسار تطرفا، فاليمين تطرف أيضا.. لكن رجال الأزهر لا يرون إلا بحيري والقمني.. لا يرى رجال الأزهر تبرك أصحاب البقرة بالبقرة، ولا إطفاء حرائق العفاريت في الشرقية بالسنة النبوية وآيات القرآن الكريم، ثم يتحدثون عن تجديد الخطاب الديني.. والإسلام الوسطي!
إن جيت للحق، إسلام بحيري ليس أخطر ممن هم على استعداد للدفاع عن بركة بقرتهم بالسلاح.. ولا ممن يؤمنون بأن إطفاء حرائق العفاريت بآية الكرسي مدد من الله.. ورسوله.
لكن رجال الأزهر لا يعقلون.. لماذا؟.. لأن الأزهر باق.. ونحن زائلون!
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com