رئيس التحرير
عصام كامل

كابتن جابر.. «نسر الكونغ فو»

جابر كحلاوى جابر
جابر كحلاوى جابر

طفل مفعم بالحيوية.. مشبع بحب الاستطلاع، شغوف بالتعرف على تفاصيل كل ما تقع عليه عيناه.. مملوء بالنشاط والحماس اللذين جعلاه يشبه الطائر الذي يأبى البقاء في بيت والديه.. فقد رأى من جدران المنزل قيودًا تكبل طموحاته التي ليس لها حد.

نشأ هاويًا للمرح مع أقرانه الصغار، إلا أنه اختلف عنهم حين مزج اللهو بنظرة الثقة في القدرة على صنع مستقبل مختلف عن الآخرين، وقد كان له ما أراد.. فبعد 24 عامًا أصبح جابر كحلاوى جابر، هو «نسر الكونغ فو» في الوطن العربى، بعد أن دخل موسوعة الأرقام القياسية «جينيس» في عام 2015، من أوسع الأبواب.

ولد جابر كحلاوى جابر، الشهير بـ«كابتن جابر»، في الـ21 من شهر سبتمبر، من العام 1991، في قرية المنوات بمحافظة الجيزة، لأسرة متوسطة الحال، تعود جذورها إلى محافظة سوهاج، وتتكون من ثمانية أفراد – ثلاثة أولاد وثلاثة بنات والأبوين –، وكان ترتيب نسر الكونغ فو، هو الثالث بين إخوته.

اضطر "جابر" وهو لا يزال طفلا صغيرا، إلى أن ينهى يومه الدراسى، ثم يذهب إلى امتهان بعض الأعمال التي تدر عليه دخلًا وإن كان ضئيلًا إلا أنه يعين والده على تدبير نفقات الأسرة المتوسطة الحال، وفى فترة الإجازة الصيفية كان يعمل ببعض الأعمال الشاقة التي لا تتناسب مع عمره الصغير، مثل: انضمامه إلى عمال التراحيل ليكابد معهم مشاق العمل في مجال المعمار، أوالتحاقه بالعمل في صناعة المعادن، متكبدًا ما يقاسيه العاملون بها من التعرض لدرجات حرارة محرقة إثر تعرضهم للهيب الأفران الحديدية التي تصهر بها المواد الداخلة في تلك الصناعة.

بداية دخول كابتن جابر إلى عالم الرياضة، كانت من خلال ممارسته للعبة كرة القدم، ولأنه كان منذ الصغر مميزًا فقد سطع نجمه كواحد من أمهر اللاعبين في خطى الدفاع والوسط، ولكنه لم يكن عاشقًا لكرة القدم بل مارسها لأنها الرياضة الأكثر انتشارًا والتي لا يعرف أقرانه في القرية غيرها من الرياضات، لذلك سرعان ما عزفت نفسه عن الاستمرار فيها وقرر تغيير وجهته.
بحث نسر الكونغ فو بعدها عن رياضة تناسبه وتحقق ما يهفو إليه من تميز، فتوقف كثيرًا عند معدل الطاقة المضاعف الذي وهبه الله له، والذي اكتشفه هو ولاحظه المحيطون به أثناء ممارسته لرياضة كرة القدم، وكيف أن الجميع يرون فيه لاعبًا عنيفًا، وقوى البنيان، ويمتاز بسرعة فائقة.. فكان قراره دخول عالم «الكونغ فو».

على طريقة الفنان الراحل أحمد زكى، في فيلم «مستر كارتيه»، بدأت علاقة كابتن جابر برياضة الكونغ فو، من خلال مشاهدته للأفلام التي تعرض قواعد اللعبة وتشرح كيفية ممارستها، وتسرد تاريخ الأبطال الأشهر فيها، وكان كما أطلقوا عليه شبيهًا للنسر وهو يشاهد كل حركة ويحاول تنفيذها، ورغم أن الأمر في بدايته كان شاقًا إلى الحد الذي لا يطاق، إلا أنه لم يعرف منذ الصغر مصطلحًا يسمى «الفشل»، فسار في طريقه محلقًا بجناحى النسر وبغيته تحقيق هدف واحد.. الوصول إلى العالمية.

وكما أطلق عليه لاحقًا، فقد كان نسرًا عنيدًا يتحدى كل شيء في سبيل تحقيق هدفه، واستمر يشاهد العديد من الحركات في الأفلام التي يتابعها ويحاول تنفيذها بدقة وبراعة.. فشل في البعض ونجح في الأخرى.. إلا أنه وبمرور الوقت كان مؤشر الفشل ينخفض، ومعدل النجاح يسير في طريق الصعود.. وداوم على هذا الحال بشكل يومى ولمدة أعوام، ولأنه كان في مرحلة المراهقة – آنذاك - وأقرانه ممن بدءوا خطاهم تحبو في مرحلة الشباب يميلون أكثر إلى اللهو والعبث، فقد كان حريصًا على الابتعاد عنهم، ووضع لنفسه برنامجًا اعتمد خلاله على إنهاء يومه الدراسى، ثم مواصلة تمارينه الشاقة في سرية تامة ومعزل عن أعين الجميع، حيث كان يذهب ليلًا إلى فناء المدرسة التي يتلقى فيها تعليمه، ليتدرب على رياضته المفضلة.

ولأن الطرق ليست دومًا مفروشًة بالورود، فكان من الطبيعى أن يستعصى تنفيذ بعض الحركات على نسر الكونغ فو، ما اضطره إلى البحث عن مدرب خاص، يعينه على إتقان ما استحال عليه - بعد أن كان قراره منذ بداية ممارسته لهذه الرياضة هو الاعتماد على النفس لأن ظروفه المادية لا تسمح له بأن يكون له مدرب خاص كغيره من لاعبى الكونغ فو - وكأن القدر كان يرسم له أن يسير في طريقه وحيدًا ومعتمدًا على نفسه كما بدأ، فلم يجد كابتن جابر، مدربًا يقوده على طريق الوصول إلى العالمية، فقرر أن يكمل كما بدأ وأخذ يتمرن بشكل مكثف وأكثر تركيزًا من الأول وبدون مدرب.

بعد فترة زمنية من محاكاة التمارين الشاقة التي كان يشاهدها في الأفلام، وتنفيذها ببراعة، أصبح للنسر طريقته الخاصة في التحليق بسماء لعبة الكونغ فو، معتمدًا في ذلك على الحركات المتناسقة والمنقولة من رياضات مختلفة ليتميز بممارسة الأسلوب الحر الذي يعتمد على الركلات الأرضية والهوائية، والفنون القتالية المختلطة، والجمباز الأرضى، والجرى الحر، والباكور، والكابويرا، والبريك دانس، والبوبينج.

وفى نهاية شهر مارس من عام 2015، استطاع «نسر الكونغ فو»، تحطيم الرقم القياسى المسجل عالميًا بموسوعة جينيس في رياضة الجمباز، لما يسمى بـ«الكرت وييل» أو «CARTWHEEL»، والذي يبلغ 63 شقلبة جانبية في دقيقة واحدة، حيث استطاع كابتن جابر، اجتياز هذا الرقم حين حقق 74 لفة في الدقيقة من الشقلبة الجانبية، أمام لجنة حكام دوليين من الاتحاد المصرى للجمباز.

وبعد هذا الإنجاز العالمى بات جابر كحلاوى جابر، بطلًا ولد من رحم المعاناة، ومثالًا وقدوة يحتذى به ملايين الشباب المصرى، خاصة أنه حقق هذا السبق معتمدًا على نفسه ودون أن يخضع لتدريبات أي مدرب، وهو الآن يعمل كمؤسس لفريق إيجى ستورم، بجانب عمله كمذيع لأكبر برنامج تعليمى للحركات على موقعى البحث «جوجل»، و«يوتيوب» مدعومًا من شركة ايرلندية، ومدربًا للكونغ فو، ومتطوعا في فريق الأحلام للأعمال الخيرية، وقبل كل هذا طالبًا متفوقًا في كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
يطمح البطل المصرى، بعد تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق، في نشر الكونغ فو، بصفة خاصة، وجميع أنواع الرياضات بصفة عامة في شتى أرجاء الوطن العربى، قائلًا «إن سبيل نهضتنا ورقينا، وطريق تمكننا من الحفاظ على رشاقة أجسامنا، هو ممارسة الرياضة، فمن خلالها تتشبع نفوسنا بالروح الرياضية، ونتمسك أكثر بأخلاقنا الحميدة».

وبجانب طموحه في نشر الرياضة، فإنه يهفو لأن يصبح مالكًا لقناة فضائية، ينصب عملها على نشر مختلف أنواع الرياضات، وتبنى المواهب من الشباب، وتأسيس شركة إنتاج سينمائي، تعمل على إنتاج أفلام متخصصة في المجال الرياضى لإلقاء الضوء على النابغين في هذا المجال، وإشهار مجموعة من الجمعيات الخيرية في كل مدن مصر، ترفع الجهد والعناء عن كواهل المهمشين من أبناء هذا الوطن، وآخر طموحاته شئ إدخره لنفسه كأى شاب لم يتجاتوز عمره الـ24 عامًا بعد، وهو القدرة على زيارة جميع دول العالم.
الجريدة الرسمية