سليمان خاطر.. بطل سيناء الذي لا تعرفونه!
كانت ذكراه أمس.. ثمانية وعشرون عاما بالتمام والكمال على الرحيل.. نعيد شريط الذكريات ونضبطه على أيام الدراسة، وكيف كنا ننتظر بائع الصحف في فناء المدرسة لنعرف أخبار القضية ومستجداتها وآخر تفاصيلها، وكيف كنا نبحث عن الحقيقة في صحف المعارضة وفي الإذاعات الأجنبية وفي روايات السياسيين، بعد أن حوله إعلام الدولة إلى مجنون.
ولأنه جرت في السنوات الطويلة مأساة كبيرة في مصر من جيل كامل خرج للحياة، وربما درس وتعلم وتخرج دون أن يعرف تاريخ بلاده جيدا، بفعل مؤامرة كبرى عزلته تماما عن قضايا وطنه ووضعته على مسار واحد ووحيد لا يخرج عنه وهو "الهيافة" التي خرجت جيل المتحرشين وطلبة الغش المدرسي الجماعي، فعلينا إذن أن نعيد بعض سطور التاريخ ليعرف من لم يعرف ومن لا يعرف، وخصوصا أن مثل هؤلاء الأبطال لن تراهم في الإعلام الرسمي أو ربما غير الرسمي أيضا.
تقول القصة: في الخامس من أكتوبر عام 1985، وأثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة أو بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من السائحين الإسرائيليين يزيد عددهم على العشرين شخصا يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، فأطلق رصاصات في الهواء للتحذير ثم أطلق النار عليهم؛ حيث لم يستجيبوا للتحذير فقُتل عدد منهم وأصيب الباقي!
كان سليمان محمد عبد الحميد خاطر، المولود في قرية أكياد بالشرقية عام 61، لم ينس أبدا ما رآه في طفولته عام 70، والفانتوم الإسرائيلية تقتل زملاءه أطفال مدرسة بحر البقر، إلا أنه سلم نفسه بعد الحادث ثم صدر قرار جمهوري بتحويله إلى محاكمة عسكرية، التي قال فيها أمام المحققين حرفيا: "كنت على نقطة مرتفعة من الأرض وأنا ماسك الخدمة ومعي السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عري، فقلت لهم "ستوب نو باسينج" بالإنجليزية، ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي، وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها، والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي، دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها، وده أمر، وإلا يبقى خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل إللي تورينا جسمها نعديها!
قبل أن ينطق المحقق بأمر قال لهم أخيرا "أومال أنتم قلتم ممنوع ليه.. قولوا لنا نسيبهم وإحنا نسيبهم"، سأله المحقق: لماذا يا سليمان تصر على تعمير سلاحك؟، أجاب على الفور وبتلقائية مذهلة "لأن إللي يحب سلاحه يحب وطنه ودي حاجة معروفة وإللي يهمل سلاحه يهمل وطنه"!، سألوه: بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟، فقال: "لأني بحبه زي كلمة مصر تمام!".
حوكم سليمان وصدر حكم بالسجن المؤبد ضده، ومن السجن أرسل رسائل مؤثرة منها عندما سأله أحد زملاء السجن بتفكر في أيه؟، قال: "أفكر في مصر أمي، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمي تتعب وتعمل مثلها، وأقول لها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين.. من ترابك.. ودمي من نيلك وحين أبكي أتصورها تجلس بجانبي مثل أمي في البيت في كل إجازة تأخذ رأسي في صدرها الحنون وتقول: "لا تبكي يا سليمان أنت فعلت كل ما كنت أنتظره منك يا بني"!
تضامنت المعارضة بكاملها مع سليمان وقضيته، وقطاعات واسعة من المصريين قيل إنها بلغت رجال كبار في الدولة، لم يرضِهم ما جرى مع سليمان وتشكلت في البلاد العربية لجان للتضامن معه، وكتب له أحمد فؤاد نجم وغنى له الشيخ إمام، وكتب الشاعر العربي الكبير مظفر النواب يقول في بيت منها:-
"وناداه: سليمان بن خاطر.. طهّر البيت من الأرجاس وانزل أرض مصر".
إلا أنه وفي السابع من يناير عام 87، وجد سليمان مشنوقا في غرفته، وهو ما نزل كالصاعقة على الجميع وعلى أسرته وإخوته وأمه تحديدا؛ حيث أجمعوا على تدينه وصلابته وقوته ومعنوياته المرتفعة، وقيلت الأقاويل بما لم يثبت منه شيء حتى اللحظة، ولكن يوما ما سيعرف المصريون الحقيقة، ويوم ما سيكتب التاريخ كله من جديد.. فالتاريخ الحقيقي - الحقيقي - لما جرى على هذه الأرض الطيبة المباركة في الأربعين عاما الأخيرة ويزيد لم يكتب بعد!
تقول القصة: في الخامس من أكتوبر عام 1985، وأثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة أو بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من السائحين الإسرائيليين يزيد عددهم على العشرين شخصا يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، فأطلق رصاصات في الهواء للتحذير ثم أطلق النار عليهم؛ حيث لم يستجيبوا للتحذير فقُتل عدد منهم وأصيب الباقي!
كان سليمان محمد عبد الحميد خاطر، المولود في قرية أكياد بالشرقية عام 61، لم ينس أبدا ما رآه في طفولته عام 70، والفانتوم الإسرائيلية تقتل زملاءه أطفال مدرسة بحر البقر، إلا أنه سلم نفسه بعد الحادث ثم صدر قرار جمهوري بتحويله إلى محاكمة عسكرية، التي قال فيها أمام المحققين حرفيا: "كنت على نقطة مرتفعة من الأرض وأنا ماسك الخدمة ومعي السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عري، فقلت لهم "ستوب نو باسينج" بالإنجليزية، ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي، وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها، والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي، دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها، وده أمر، وإلا يبقى خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل إللي تورينا جسمها نعديها!
قبل أن ينطق المحقق بأمر قال لهم أخيرا "أومال أنتم قلتم ممنوع ليه.. قولوا لنا نسيبهم وإحنا نسيبهم"، سأله المحقق: لماذا يا سليمان تصر على تعمير سلاحك؟، أجاب على الفور وبتلقائية مذهلة "لأن إللي يحب سلاحه يحب وطنه ودي حاجة معروفة وإللي يهمل سلاحه يهمل وطنه"!، سألوه: بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟، فقال: "لأني بحبه زي كلمة مصر تمام!".
حوكم سليمان وصدر حكم بالسجن المؤبد ضده، ومن السجن أرسل رسائل مؤثرة منها عندما سأله أحد زملاء السجن بتفكر في أيه؟، قال: "أفكر في مصر أمي، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمي تتعب وتعمل مثلها، وأقول لها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين.. من ترابك.. ودمي من نيلك وحين أبكي أتصورها تجلس بجانبي مثل أمي في البيت في كل إجازة تأخذ رأسي في صدرها الحنون وتقول: "لا تبكي يا سليمان أنت فعلت كل ما كنت أنتظره منك يا بني"!
تضامنت المعارضة بكاملها مع سليمان وقضيته، وقطاعات واسعة من المصريين قيل إنها بلغت رجال كبار في الدولة، لم يرضِهم ما جرى مع سليمان وتشكلت في البلاد العربية لجان للتضامن معه، وكتب له أحمد فؤاد نجم وغنى له الشيخ إمام، وكتب الشاعر العربي الكبير مظفر النواب يقول في بيت منها:-
"وناداه: سليمان بن خاطر.. طهّر البيت من الأرجاس وانزل أرض مصر".
إلا أنه وفي السابع من يناير عام 87، وجد سليمان مشنوقا في غرفته، وهو ما نزل كالصاعقة على الجميع وعلى أسرته وإخوته وأمه تحديدا؛ حيث أجمعوا على تدينه وصلابته وقوته ومعنوياته المرتفعة، وقيلت الأقاويل بما لم يثبت منه شيء حتى اللحظة، ولكن يوما ما سيعرف المصريون الحقيقة، ويوم ما سيكتب التاريخ كله من جديد.. فالتاريخ الحقيقي - الحقيقي - لما جرى على هذه الأرض الطيبة المباركة في الأربعين عاما الأخيرة ويزيد لم يكتب بعد!