رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الزراعة في زمن الإخوان: ما كان يقوله مرسي عن الاكتفاء الذاتي من القمح «شو إعلامي»

فيتو

  • مكتب الإرشاد كان يطرح رؤاه في اجتماعات مجلس الوزراء 
  • وزير الزراعة الحالي يترصد للفساد 
  • السياسة الزراعية قبل 25 يناير وبعدها لم تتغير
  • لم يكن في مخططي أن اصبح وزيرا 
  • الإخوان كانوا يختارون الوزراء وقيادات الحكومة من المتقاربين فكريا معهم
  • لم أحدث تغييرات واسعة في الوزارة حتى أتجنب التدخلات 
  • بعض مستشاري المعزول وقيادات الحرية والعدالة كانوا يتدخلون في اختياراتي
  • أعلنت في مجلس الوزراء أن بعض المحيطين بالمعزول غير أكفاء
  • خرجت في أول تغيير وزاري لحكومة قنديل

الصناديق السوداء صادقة تحمل حقيقة واحدة في تسجيلات ركاب الطائرة وقائديها، ماعدا صندوق السياسة الذي يحمل داخله أقاويل شتى وحقائق قليلة، في إمكاننا أن نستنبطها من أضيق الأبواب وأقصرها، لذلك كان خيارنا الدكتور صلاح عبد المؤمن، وزير الزراعة لمدة 9 أشهر في حكومة هشام قنديل، في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي.

تحدثنا مع الوزير الأسبق، الذي يبدو متحفظا ودبلوماسيا إلى أبعد حد، عن فترة تواجده داخل حكومة الإخوان وما وضع ملف الزراعة في حكومة "قنديل"، وآراء أخرى عن الزراعة وأسرار عن سياسة القصر في عهد مرسي.

* بداية كيف تم اختيارك كوزير في حكومة هشام قنديل؟
- لا يوجد أسرار في الاختيار ولكن في تلك الحالات يتم الترشيح من جانب جهات في الدولة لرئيس الوزراء وهو يختار، وأنا شخصيًا لم يكن في مخططى أن أصبح وزيرا ولكن بمجرد أن وصلنى التكليف عملت لتحقيق أهداف مهمتى.

* كيف كان يتم اختيار القيادات في فترة تولي الإخوان الدولة؟
- دعنا نتفق أنه كان هناك اتفاق ضمني بين ممثلى جماعة الإخوان في الدولة على أن يكون اختيار القيادات في الوزارات وبعض قيادات الحكومة ممن لديهم تقارب فكرى مع الجماعة ما جعلنى لا أحدث تغييرات واسعة في وزارة الزراعة، حتى اتجنب التدخلات في اختياراتي التي كانت تتم من قبل بعض أشخاص تحت مسمى مستشاري الرئيس أو قيادات في حزب الحرية والعدالة، الذين كانوا يمرون على الوزارات أو يتواجدون فيها لفرض أسماء بعينها في حالة خلو مناصب قيادية داخل الوزارة ولكنى كنت ارفض ذلك، وأعلنت في مجلس الوزراء وقتها أن بعض ممن يحيطون بالرئيس غير أكفاء ويسببون له ولنا المشاكل.

* وهل كان الأمر يسير بنفس الشكل في الوزارات الأخرى؟
- بالطبع فقد كان مستشارو الرئيس منتشرين في الوزارات كلها، ويعرفون نفسهم كمقربين منه ومستشارين له ومنتمين لحزب الحرية والعدالة، وقد يكون هذا من قبيل ما يسمى بالأخونة، ولكن لم تفلح مساعيهم في الوزارات التي كان يتولى قيادتها وزراء مستقلون لا يقبلون مثل تلك التصرفات.

* دعنا لا نخرج من تلك النقطة.. منصب نائب وزير الزراعة استحدثة "مرسي" وعين فيه من يريد؟
- بالفعل منصب نائب الوزير للطب البيطري استحدثه الرئيس مرسي ورشحت وقتها شخصية مستقلة وهو طبيب مسيحي في هيئة الخدمات البيطرية أتحفظ على ذكر اسمه، ووافق على اختيارى الدكتور هشام قنديل ولكنى فوجئت بإصدار الرئيس المعزول قرار التعيين باسم الدكتور محمد الجارحي على غير رغبتي ورغبة رئيس الوزراء.

* ماذا كانت نظرة حكومة الإخوان للزراعة؟
- كانوا ينظرون إليها كونها في غاية الأهمية؛ لأنها تستوعب 30% من القوى العاملة والريف يعيش فيه 47% من الشعب، وهي قوة سياسية وانتخابية لأي حكومة، فكان دائما لديهم ربط بين الدوافع السياسية وتنفيذ المشروعات، ففي وقت الإعداد للانتخابات البرلمانية التالية للبرلمان المنحل في 2012، تم تأجيل مشروع سد الفجوة الغذائية والمسمى الآن بالمليون ونصف المليون فدان، لطرحه وقت الانتخابات لصالح جماعة الإخوان، وكان ذلك أمرًا غريبًا.

* وهل استخدمت الحكومة وقتها المشروعات القومية للترويج لجماعة الإخوان؟
- وقت تواجدنا في الحكومة كان هناك حكومة، وبالتوازي لها كان هناك مكتب إرشاد يطرح علينا في المجلس رؤاه بطريقة غير مباشرة من خلال بعض الأعضاء، وذلك لوجود بعض المستقلين الذين يرفضون التدخل في عملهم، واتضح ذلك في تأجيل مشروع الفجوة الغذائية من الرئاسة بإيعاز من مكتب الإرشاد بعد أن تجاوزنا كل مراحل الحوار المجتمعي والتحضير للدراسات وغيرها.

* وما رأيك في اعتبار البعض مشروع الفجوة الغذائية "وهما"؟
- من يطلق على مشروع سد الفجوة الغذائية "وهم" كلامه ينطبق على مشروع المليون فدان؛ لأن كلاهما واحد بخلاف مشروع سد الفجوة الذي لم يحدد رقما للأراضي المستصلحة، وأعتقد أن هناك إمكانات لتحقيق النجاح في ذلك المشروع، بشرط أن تنسحب الدولة من تنفيذ المشروع بعد مرحلة الدراسات وتتركه للمستثمرين بعد توضيح الإطار العام والأهداف الخاصة بالمشروع.

* هل يعتبر ما قاله المعزول مرسي عن تحقيق الاكتفاء من القمح "شو إعلامي"؟
- بالفعل وقلت ذلك في مجلس الوزراء، وإن ما يدعونه مشروع النهضة هو جزء من عمل وزارة الزراعة بالفعل، لكنهم اعتمدوا على بعض الخبراء الآخرين وأقنعوهم بإمكانية الاكتفاء من القمح.

* ما أسباب خروجك في أول تغيير وزاري لحكومة قنديل؟
- خلافى مع بعض المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين وخاصة في موضوع خاص بشركة "نوباسيد" التي طالبوا وقتها بتقديم تسهيلات لمالكها فيما يخص الأراضي، وتواصل معى وقتها حسن مالك وعقدنا اجتماعا في وزارة الزراعة واستقبلته بصفته رئيس مجلس الأعمال المصرى السعودي ورفضت تقديم التسهيلات في الاجتماع؛ حرصًا على مصلحة الدولة واتصل بى مكتب الرئيس المعزول مرسي وأبلغنى بغضبه منى بسبب هذا الأمر، وقال لى "المفروض أنك ماتمشيش"، وأوصل لى رسالة مفادها أننى إذا حاولت أن أغير الوضع ففرصتى في الاستمرار موجودة.

* وهل انتهى الموضوع عند هذا الحد؟
- نعم خرجت من الحكومة وتركت منصبي، ولكن بعد فترة صدر حكم على الدكتور هشام قنديل بالحبس سنة لعدم تنفيذه حكما بعودة شركة طنطا للكتان إلى الدولة وهي كانت مملوكة لنفس المستثمر السعودي المالك لـ"نوباسيد".

* كيف تقيم حال مصر بعد 5 سنوات من 25 يناير؟
- الوضع يقاس من بعد 30 يونيو 2013 وما قبل ذلك كان فترة مرتبكة جدا، الآن نحن نعيش في فترة استقرار والرئيس السيسي يعمل بإخلاص ولكن يحتاج ممن حوله أن يعملوا بنفس الإخلاص وأن يقدموا إليه المشورة والنصح الصحيح لتتحقق التنمية.

* كيف رأيت خارطة الطريق؟
- الأمور سارت بشكل طبيعي من وجهة نظرى سواء انتخابات الرئاسة أو الاستفتاء على الدستور ولكن الانتخابات البرلمانية عبرت عن تجربة الشعب المصرى الضيقة في ممارسة الديمقراطية واظهرت تقلب مزاجه، وهذا يفرض على كل سياسي أن يكون مرنا في تعامله مع فئات المجتمع وقادرا أن يكون صوتهم ولسانهم.

* لكن يبدو أن لك ملاحظات على البرلمان؟
- ليست ملاحظات بل أدعو إلى احترام ما أفرزته الديمقراطية أيا كان من شعب ما زال في أولى خطواته، ويجب أن نترك الأمور تسير لنرى النتيجة وسيتعلم الشعب في التجارب الأخرى.

* هل رشحت مرة أخرى في الحكومات التالية لـ30 يونيو؟
- نعم تم ترشيحي في حكومة محلب الأولى عقب إقالة الدكتور حازم الببلاوى، ودارت بيننا نقاشات كمرشح لوزارة الزراعة، أنا والدكتور عادل البلتاجى الذي أسند إليه المنصب لأنه كان واضع المخططات العامة للمليون فدان، وتم ترشيحى في أوقات أخرى وتواصلت معى أجهزة رقابية مختلفة في فترات التغييرات الوزارية للحصول على معلومات عنى.

* بصفتك شغلت منصبا سياسيا.. كيف يتم اختيار الوزراء في مصر؟
- الاختيار في مصر يتم من خلال الجهات الرقابية والأمنية فقط ولا تتدخل الجهات الفنية في ذلك، فالعامل الأمني هو الأول، وكنت أتمنى أن توجد جهة فنية ترشح شخصيات مناسبة للمناصب بشكل ودي من الشيوخ في كل مجال أو مهنة ثم نفحصهم أمنيًا ورقابيًا.

* هل تعيش وزارة الزراعة في الوقت الحالي هزة بسبب قضية "صلاح هلال"؟
- الدكتور صلاح هلال حتى الآن متهم والقضاء من يحسم إدانته أو براءته، ولكنى ارى الوزير الحالى عصام فايد يترصد للفساد، ولا أعتقد أن الوزارة تعيش أي نوع من التهميش واتمنى لها أن تؤدى دور أكبر واقوى بكثير لأنها وزارة مهمة.

* بصفتك كنت وزيرا للزراعة كيف ترى حال الفلاح المصري الآن؟
- الفلاح المصري منذ فترة طويلة وحتى الآن لا يعيش حالة جيدة ويرجع ذلك للحاجة إلى آلية لتسويق المنتج الزراعي بشكل مرضٍ ومربح له، وهذا أهم عامل لاستمرار عملية الزراعة وتطورها، وعلى مستوى الدولة لم يحصل الفلاح على حقوقة كالفئات الاخرى، فخلال ثورة يناير حافظ الفلاحون على الإنتاج ولم يتوقفوا عن العمل ولم يتظاهرو، وكان لهم دور كبير في نجاح الثورة ودائما أقول إننا نحلق بأحلامنا عاليًا لتهبط على الأرض وتجد الفلاح ثابتا في مكانه كصمام أمان لتلك البلد فهو يلعب دورا هاما في استقلالية القرار المصري، وأتمنى أن تعطية الدوله حقوقه من تسويق محاصيل وضمان اجتماعي وتأمين صحي.

* ماذا قدمت للفلاح وقت توليك حقيبة الزراعة؟
- وقت تواجدي في الوزارة أهم ما فعلته أنني وضعت على السطح في مجلس الوزراء مشاكل الفلاحين وطرحنا إليه للتسويق، وكان هناك أزمة في تسويق القطن ودعمنا المحصول وقتها بالكامل وأسقطنا الديون المتراكمة على 70 ألف فلاح متعثر، بالإضافة إلى إعفاء مجموعة أخرى، وكان همنا وقتها أن نجد آليه جيدة لتسويق المحاصيل، وسعيت جاهدا لتقنين وضع اليد للملكيات الصغيرة، كما أصدرت قرارا لخدمة الصيادين بمد فترة استئجار المزارع السمكية إلى 25 سنة بدلا من 3 سنوات؛ لنخلق نوعا من الاستقرار وإتاحة الفرصة لوضع بنية تحتية.

* من واقع تواجدك في مجلس الوزراء.. هل تنحاز الدولة للتاجر على حساب الفلاح؟
ليس بالضبط ولكن التاجر يستطيع انتزاع حقوقه على حساب الفلاح وهذا يحدث لتعامل الدولة الخاطئ مع الفلاح، فيجب أن تتدخل الدولة كلاعب فاعل في السوق بإعلان سعر ضمان قبل زراعة المحصول وليس كما يحدث احيانا بإعلان القرار بعد زراعة المحصول وقبل حصاده، ويجب أن تطرح الدولة نفسها كمشترى في حالة عدم شراء التاجر، وأن تنظم عملية الإستيراد والتصدير بشكل احترافى، في هذه الحالة لن يفرض التاجر وجهة نظرة التي تساعده في تنفيذها بعض الوزارات التي تتداخل اختصاصاتها مع وزارة الزراعة مثل التموين والتجارة؛ لعدم رغبة تلك الوزارات في الالتقاء داخل مساحات مشتركة مع وزارة الزراعة.

* وما رأيك في تخفيض دعم القمح؟
- أنا لا أؤيد القرار لأنه يدعم المساحة وليس المنتج، وهو ما قد يفتح الباب أمام التلاعب وتسجيل مساحات ليست موجودة على أرض الواقع والأصح هو وضع سعر ضمان جيد قبل زراعة المحصول، فوفقا للقرار الحالي لا يوجد ما يضمن للدولة أن تحصل على مقابل الدعم الذي تقدمه إلى الفلاح، وبناء على القرار انخفضت مساحات القمح الحالية إلى 2.8 مليون فدان.

* حجم توريد القمح للحكومة العام الماضي كان 5.5 ملايين طن.. هل أنت مقتنع بالرقم؟
- من واقع مسئوليتي السابقة ليس لدينا مخازن وصوامع تستطيع تخزين هذا الكم، فأكثر مساحة للتخزين في مصر 3.8 ملايين طن، وهذه أزمة في مصر فنحن ننتج أكثر من 9 ملايين طن وهى كافية لإنتاج رغيف الخبز ولكن ليس لدينا مساحات لتخزينها، وأنا أتساءل وأتمنى أن يجيب أحد "هل نتج عن توريد الـ5.5 ملايين طن تقليل المستورد من القمح؟".

* وما مدى قدرة وزارة الزراعة على إخراج بيانات صحيحة حول المساحات والإنتاج؟
- القدرات الخاصة بوزارة الزراعة في هذا الصدد ليست كافية؛ لأن طريقة تداول البيانات غير جيدة وهذا أمر معترف به ومن لا يعترف به لديه مشكلة، والأزمة أن الأمر متروك بالكامل للعامل البشرى وهو ما يؤدى إلى أخطاء كبيرة ويجب أن ننتقل إلى وسائل حديثة كالمسح الجوى و"الجى بى إس" للحصول على بيانات صحيحة.

*ما هو الفرق بين السياسة الزراعية قبل 25 يناير وبعدها؟
- لم يحدث أي اختلاف.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو" ..
الجريدة الرسمية