الهروب من مسؤولية بقعة الزيت.. "الرى": تخلّصنا من الأولى ولا وجود لأخرى.. و"الزراعة" تنتظر تحقيقات النيابة العامة.. و"البيئة": مراكز رصد لعدم تكرار حدوثها.. وخبراء: نفوق 70% من الأسماك
تنصّلت الحكومة من مسؤولياتها فى التعامل مع أزمة انتشار بقعة الزيت الأخيرة، وجاء تعاملها مع الأزمة باهتًا بلا ملامح. الجهات الحكومية كل يلقى بحجر المسؤولية على الآخر، وباتت بقعة الزيت "لقيطة" بلا أب أو أم ، لا أحد يعرف كيف تم التعامل معها، وهل انتهت أم ما زالت مستمرة، بعد أن انتشرت شائعات عن وصولها إلى البحر الأبيض المتوسط، وأكد خبراء الأسماك أن بقعة الزيت تسبّبت فى خسائر فادحة فى الاستزراع السمكى، وغابت الشفافية تمامًا.
بدأت البقعة من أسوان ولا أحد يعرف أين وصلت، تلك هى حركة البقعة الزيتية التى أصابت المصريين بالذعر خلال الأيام القليلة الماضية، وبلغ قطرها 5 كيلومترات.
قال المهندس علاء رشاد رئيس قطاع حماية النيل بوزارة الموارد المائية والرى، إن بقعة زيت أسوان تم التخلص منها نهائيّا، ونفى وجود أى بقعة أخرى، مضيفا أن وزارته تعاملت معها بشكل آمن ولم يظهر لها أى توابع أو آثار أخرى.
وأكد أن الحديث عن ظهور أى بقع زيتية أخرى بالمجرى الملاحى لمياه النيل بخلاف تلك السابقة بأسوان ما هو إلا شائعات تهدف إلى إثارة البلبلة والخوف بين المواطنين، كما حذّر رئيس قطاع حماية النيل كل مَن يستمع إلى تلك الشائعات، مطالبًا إياه بأن يراها بعينه ولا يسهم فى انتشارها.
ونفى المهندس أسامة مصطفى رئيس هيئة الشواطئ بوزارة الموارد المائية والرى ما تردد حول التخلّص من البقعة الزيتية التى ظهرت فى المجرى الملاحى لمياه النيل بأسوان، وذلك بتسربها إلى شواطئ البحر المتوسط بالإسكندرية.
وأكد أنه لا وجود لأى بقع زيتية بالشواطئ المصرية سواء البحر الأحمر أو المتوسط، مضيفًا أن آخر ما ورد إليه من معلومات عن انتشار بقعة الزيت أنها وصلت إلى مدينة طوخ بالقليوبية.
وأضح العميد ياسر خليل رئيس الإدارة المركزية لشؤون البيئة، أن وزارة البيئة اتخذت عدة إجراءات تحسبًا لتكرار أزمة تسرّب بقعة زيت مرة أخرى فى مياه النيل من خلال إنشاء مراكز رصد ثابتة لمراقبة المنشآت الواقعة على شاطئ نهر النيل وتقوم بأعمال المراقبة على مدار 24 ساعة.
وأفاد أن الوزارة وقّعت بروتوكول تعاون مع وزارة البترول لإنشاء وحدتين للرصد البيئى، إحداهما بالأقصر والثانية بالقاهرة، بتكلفة 40 مليون جنيه، لافتًا إلى مسؤولية قطاع حماية النيل بوزارة الرى عن حماية النيل من أعمال الوحدات النهرية المنتشرة بطول نهر النيل.
وأشار الدكتور عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل السابق بوزارة الموارد المائية والرى والمسؤول السابق عن إدارة ملف السياسة المصرية المائية، إلى أن تحرّك البقعة الزيتية من أسوان إلى البحر المتوسط ينم عن كارثة بيئية وإدارية من قبل الحكومة الحالية ولا يبشر بأى خير قادم، فالمسافة مبالغ فيها.
وقال إنه حتى تتحرك البقعة من أسوان حتى البحر المتوسط فلا بد أن تمر على 6 قناطر، هى إسنا ونجح حمادى وأسيوط والدلتا وإسفينا وسد فراسكور، فكيف للبقعة أن تمر على كل هذه القناطر ولم ينتبه إليها المسؤولون ولم يتم التعامل معها.
وأضاف أن ظهور البقعة فى الصف بالجيزة يعنى أن البقعة تحرّكت من خلال ترعة الإبراهيمية، ومنها إلى أسيوط، ثم ألمنيا وبنى سويف والفيوم، وأخيرًا إلى الجيزة، وأن ظهور بقعة بالجيزة سواء كانت جديدة أو امتداد للبقعة الأولى التى ظهرت بأسوان يعنى تراخى أجهزة الدولة والحكومة الحالية فى القيام بمهامها، مما يدل على أن الحكومة غير مسؤولة وغير قادرة على مواجهة مثل هذه العقبات.
وأضاف مطاوع أن البقعة الزيتية التى ظهرت فى النيل مسؤولية وزارة البيئة والصحة والمرافق ومياه الشرب والصرف الصحى، أى أنها مسؤولية مجلس الوزراء بالكامل، الذى كان من المفترض أن يخرج علينا ببيان لتوضيح حجم الكارثة البيئية التى لحقت بنا، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل، خبير فى شؤون المياه والتلوث وكذلك أمين عام مجلس الوزراء، فكيف لكل هؤلاء لم يستطيعوا التصدى لهذه الكارثة البيئية. ويؤكد مطاوع أن تباطؤ الحكومة الحالية فى توضيح حجم المشكلة أو إلى أى مرحلة وصلت سواء كانت من التفاقم أو العلاج يؤكد غياب الشفافية عن الحكومة الحالية.
وأضافت الدكتورة لبنى نعيم أستاذ الثروة السمكية، أن الشفافية غابت تمامًا فى تعامل الحكومة مع أزمة بقعة الزيت الأخيرة، وتردد بعض الشائعات عن وصول البقعة إلى البحر الأبيض المتوسط، إلا أن الجميع أكد عدم معرفة طريق البقعة.
وأشارت إلى أن الأصل فى الموضوع هو معرفة مصدر البقعة ومحاولة عدم تكرار حدوثها مرة أخرى، وتتبّع البقعة الأولى والقضاء عليها تمامًا، وأضافت أن الخسائر كبيرة جدّا فى قطاع الاستزراع السمكى وأن مظاهر تأثير التلوث النفطى على الثروة السمكية تتمثل فى انخفاض إنتاجية المصائد التى تؤدى إلى انخفاض فى العمليات الحيوية كالنمو أو قد يتسبب فى عزوف الناس عن شراء الأسماك خوفًا من أخطار التلوث، أو أن الصيادين أنفسهم يتوقفون عن الصيد فى المناطق الملوثة، خشية تلف معداتهم، مما يزيد النقص الغذائى.