رئيس التحرير
عصام كامل

«السيسي» تاجر السعادة الدينية.. «الرئيس» يشدد على وطنية الكنيسة المصرية.. يلتقي سلطان «البهرة» والفتاة الإيزيدية.. يبحث سبل التعاون مع بطريرك إثيوبيا والروم..ويؤكد: مسيحي

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى خلق التلاحم الوطني بين المسلمين والأقباط بمصر؛ حيث جاءت زيارته الثانية لمقر الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية أمس الأربعاء، لتهنئة الأقباط بأعياد الميلاد، لتؤكد على أهداف الرئيس السيسي؛ حيث يرفع الرئيس السيسي شعار الدين لله ومصر لأهلها، وذلك خلال جميع لقاءاته مع الرموز الدينية؛ حيث التقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، وكلا من الدكتور نصر فريد واصل والدكتور الأحمدي أبو النور، والدكتور محمد عبد الفضيل القوصي أعضاء هيئة كبار العلماء.


مجلس حكماء المسلمين
كما استقبل الرئيس أعضاء مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في حضور أعضاء المجلس ومن بينهم المشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس جمهورية السودان الأسبق ورئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية، والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق ورئيس مركز الحوار بالأزهر الشريف، والمرجع الشيعي اللبناني علي الأمين، فضلا عن كوكبة من علماء الأمة الإسلامية من إندونيسيا ونيجيريا ودولة الإمارات وتونس والولايات المتحدة.

تصويب الخطاب الديني
وعبر الرئيس عن تطلعه لقيام الأزهر الشريف بدوره في نشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة وتصويب الخطاب الديني، سواء في المساجد أو بالمناهج التعليمية أو على مستوى كل مؤسسات الدولة، معربا عن دعمه الكامل للأزهر الشريف في الاضطلاع برسالته كاملة.

مفاهيم مغلوطة
ودعا الرئيس السيسي، إلى تجديد الخطاب الديني وإزالة كل ما علق بهذا الشرع الشريف من مفاهيم مغلوطة أو تأويلات منحرفة أو استدعاء خاطئ لآيات القرآن في غير ما قصدت إليه، وإعادة إبراز مكارم الشريعة وسمو أخلاقها ورصانة علومها وترسيخها لأدوات صناعة الحضارة وإكرام الإنسان، وجمع أسباب الرخاء والأمان والسعادة له في الدنيا والآخرة لكي يعاد إلى الدين رونقه، ويزال عنه ما علق به من أوهام، ويبين للناس صافيا كجوهره نقيا كأصله.

الإسلام الوسطي
وقد تم خلال اللقاء، استعراض جهود قوافل العلماء الدعوية التي يتم إيفادها بالتنسيق مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، إلى المحافظات المختلفة؛ لنشر الفكر الإسلامي الوسطي وتصحيح الأفكار والرؤى الدينية المغلوطة.

تعاون الأزهر والكنيسة
كما تطرقت اللقاءات إلى جهود بيت العائلة وقوافله المشتركة من علماء الأزهر ورجال الكنيسة، التي يتم إيفادها على مستوى المحافظات المختلفة في عدد من بؤر التوتر؛ لمعالجة المشكلات المجتمعية والحيلولة دون تكرارها، وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن الأزهر يشترك مع الكنيسة المصرية في تنظيم دورات تدريبية مشتركة تجمع الأئمة والقساوسة؛ لإعدادهم للتعامل مع تلك المشكلات.

مستشار الرئيس الديني
والتقى السيسي الشيخ أسامة الأزهري، عضو المجلس التخصصي لتنمية المجتمع؛ حيث طالب الرئيس بشأن ضرورة إيلاء اهتمام بالبناء الفكري للشخصية الإسلامية، بما يسمح بتكوين عقلية معتدلة ومنفتحة تعتنق القيم السمحة للدين الإسلامي.

واستعرض الشيخ أسامة الأزهري خلال اللقاء، الجهود الراهنة لتصويب الخطاب الديني؛ من أجل إرساء خطاب عصري ومستنير يراعي الواقع ويحافظ على ثوابت الدين الإسلامي، ويؤكد قيم التسامح والتعايش السلمي واحترام الآخر.

دحض الفكر المتطرف
وفي هذا السياق، أكد الرئيس أهمية إبراز قيمة إعمال العقل في الإسلام ومعالجة البناء الفكري والنأي به عن القوالب الجامدة، ودحض الفكر المتطرف من خلال إعلاء التعاليم السمحة لديننا الحنيف.

بطريرك الكرازة المرقسية
كما التقى الرئيس السيسي، البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فضلا عن رؤساء الكنائس؛ تقديرا لدور المسيحيين من جانب الرئيس؛ حيث ناقش اللقاء الماضي والحاضر والمستقبل، ما يؤكد حكمة الرئيس في خلق التلاحم الوطني بين المسلمين والأقباط.

واستمع الرئيس خلال اللقاء، إلى قضايا عديدة تخص الأقباط، منها الاختطاف وبناء الكنائس ومناهج التعليم والإعلام والخطاب الديني والمواطنة؛ حيث أعطى اللقاء رسالة قوية للداخل والخارج بأننا نسير على الطريق الصحيح.

بناء الاقتصاد المصري
وأشار تواضروس، إلى أن لقاء رؤساء الكنائس تطرق إلى كيفية المساهمة في بناء الاقتصاد المصري، مؤكدا على أنه قدم الشكر للرئيس على مشروع محور قناة السويس.

هدية الشعب المصري
ووصف البابا المشروع بأنه "هدية" للشعب المصري، معربا عن أمله في تحقيق نتائج طيبة لمصر من خلال مشروع قناة السويس، ووجه البابا رسالة للمصريين ورجال الأعمال قائلا: "يجب أن نعمل، فالعمل سيجعل مصر ثابتة قوية لتستطيع أن تكون لها كلمة مسموعة".

واستطرد "نحتاج لكل مساهمة وكل تعضيد، ونحتاج لكل المشروعات ليكون اقتصادنا على أرض صلبة قوية، تصمد ضد الرغبات الشريرة التي تحيط بنا من أي جانب"، وجدد البابا دعوته للمشاركة بإيجابية في الفترة الراهنة بعيدا عن شعار "ماليش دعوة وخليني في حالي".

الزيارة التاريخية الأولى

وقام الرئيس السيسي بزيارة تاريخية لمقر الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية؛ لتهنئة الأقباط بأعياد الميلاد لأول مرة منذ أن زارها الرئيس جمال عبد الناصر؛ حيث أثلجت الزيارة قلوب كل المصريين بالفرحة ورجعتنا إلى أصولنا وجذورنا نفرح ونعيد برفقة بعضنا، وكانت لمسة جميلة ودليلا على الرحمة والتكافل.

بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية
كما التقى الرئيس السيسي، الأنبا ماتياس الأول بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، في إطار جهود الرئيس السيسي لتعزيز التعاون بين مصر وإثيوبيا؛ حيث أكد الأنبا ماتياس الأول للرئيس السيسي عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر وإثيوبيا، وأعرب عن مدى سعادته بالزيارة التي قام بها إلى مصر، التي التقى خلالها بالرئيس السيسي وزار عددا من المدن المصرية ومنها الإسكندرية، فضلا عن لقاءاته المثمرة مع شيخ الأزهر والبابا تواضروس، مشيدا بما لمسه من رغبة حقيقية للشعب المصري في فتح صفحة جديدة من العلاقات بين مصر وإثيوبيا، واستعادتها لما كانت عليه.

كما رحب الأنبا ماتياس باسمه واسم الكنيسة الإثيوبية، بزيارة الرئيس السيسي إلى إثيوبيا، مشيرا إلى أن مصر وإثيوبيا يربطهما تاريخ عريق؛ حيث يجمعهما نهر النيل العظيم.

طموحات الشعبين
وأكد الأنبا ماتياس، أن إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بالخرطوم يعد بمثابة تعزيز للعلاقات، كما أكد ضرورة العمل على توطيدها بما يحقق طموحات الشعبين.

وتطرق اللقاء إلى الحادث الإرهابي البشع الذي راح ضحيته عدد من المصريين في ليبيا، وقال إن الأنبا ماتياس الأول أدان الحادث بشدة، ودعا إلى التصدي لمثل هذا الحادث، داعيا المجتمع الدولي للتكاتف للقضاء على ظاهرة الإرهاب.

روح التسامح
ومن جانبه، أكد الرئيس السيسي أن هذا الحادث لا يمت للدين الإسلامي بصلة، وأن الدين الحنيف عبر تعاليمه السمحة يبتعد تماما عن هذا الفكر المتطرف، وشدد الرئيس على أهمية إحلال روح التسامح وتقبل الآخر والعيش بسلام، مشيرا إلى أن ذلك هو ما يقوم بها حاليا من خلال إدارته لشئون البلاد.

كما شدد على ضرورة أن تسود روح المحبة والتسامح بين الشعبين المصري والإثيوبي.

طائفة البهرة
استقبل الرئيس السيسي أيضًا بمقر قصر الاتحادية الرئاسي، سلطان طائفة البهرة بالهند مفضل سيف الدين، رافقه نجلاه الأميران جعفر الصادق وطه سيف الدين، والأمير عبد القادر نور الدين زوج كريمته، ومفضل حسن ممثل سلطان البهرة بالقاهرة.

ورحب الرئيس بسلطان البهرة في زيارته الأولى إلى مصر منذ توليه المنصب في يناير 2014، خلفا لوالده، مشيدا بالجهود التي تبذلها طائفة البهرة لترميم المساجد الأثرية في مصر، ومنوها إلى الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الدولة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات، في ضوء اشتغال طائفة البهرة بالتجارة واهتمامها بالاستثمار في مصر، خاصة في مجال المنتجات الغذائية وصناعات الورق والرخام.

صندوق تحيا مصر
من جانبه، أكد سلطان البهرة على دعمه وتأييده لإرادة الشعب المصري، متمنيا لمصر كل التوفيق في المضي قدما لتنفيذ المشروعات الاقتصادية الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة وتنمية محورها، منوهًا إلى العديد من الجهود التي تبذلها الطائفة في مصر في مجال ترميم المساجد الأثرية والأعمال الخيرية، وتبرع بـ١٠ ملايين جنيه لصندوق "تحيا مصر" عقب لقائه الرئيس.

رئيس أساقفة بريطانيا
كما التقى الرئيس السيسي بجاستن ويلبي، رئيس أساقفة كانتربري بالمملكة المتحدة، وذلك بحضور نيافة المطران منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية بمصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، والدكتور سامي فوزي عميد الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، وستيفن هيكي القائم بأعمال سفارة المملكة المتحدة بالقاهرة.

المسيحيون مواطنون مصريون
ونوه الرئيس إلى أن مصر لا توجد بها أقلية مسيحية، فالمسيحيون مواطنون مصريون لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات إزاء الوطن، مشيرا إلى أن مصر الجديدة تحرص على تقديم خطاب للإنسانية يعبر عن قيمة المشاركة والعدالة والتعاون وقبول الآخر، وهي القيم التي حث عليها الإسلام وأوصى بالتعامل بها.

وطنية الكنيسة المصرية
وأشاد الرئيس بدور ووطنية الكنيسة المصرية، منوها إلى أهمية ثقافة التعدد في شتى مناحي الحياة، باِعتبارها سنة كونية، فضلا عن كونها إثراءً للحياة الإنسانية.

الفتاة الإيزيدية
والتقى الرئيس السيسي المواطنة العراقية الإيزيدية نادية مراد، التي استطاعت التخلص من أَسر تنظيم داعش لها؛ حيث أعربت المواطنة العراقية خلال لقائها مع الرئيس عن خالص شكرها وتقديرها باِسم المواطنين الإيزيديين لاستجابته لطلبها الالتقاء به خلال يومين، مؤكدة على تقديرها لدور مصر الكبير في العالم الإسلامي، وفي مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف. 

ورحب الرئيس بالمواطنة العراقية في القاهرة، مؤكدا إدانة مصر القاطعة لكل أشكال وصور الإرهاب والممارسات الآثمة التي يقوم بها تنظيم داعش باِسم الدين الإسلامي وهو منها براء، مشددًا على إعلاء الدين الإسلامي لقيم الرحمة والتسامح وقبول الآخر. 

وأكد الرئيس خلال اللقاء، على وقوف مصر إلى جانب الشعب العراقي، وحرصها على تقديم كل أشكال الدعم له.

مكافحة الإرهاب
كما أكد الرئيس، أن مصر ستظل داعمة لجهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، مشيرا إلى أن الأزهر الشريف يبذل جهودًا دءوبة للتعريف بصحيح الدين وتفنيد التفاسير الملتوية التي يستند إليها البعض لتبرير أعماله الوحشية باِسم الدين، الذي هو أبعد ما يكون عنها، بل حرمها تحريمًا قاطعًا.

وذكر الرئيس، أن الحضارة الإسلامية استوعبت كل المواطنين من مختلف الديانات والأعراق، وقدرت إسهاماتهم في شتى مناحي الحياة، واعتمدت على النابغين منهم في الإدارة وغيرها لتقدم للبشرية نموذجًا واقعيا للتعايش السلمي بين مختلف الأديان والمذاهب والأعراق.

بطريرك الروم الكاثوليك
كما التقى الرئيس السيسي جريجوريوس الثالث، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الكاثوليك، وذلك بحضور المطران جورج بكر النائب البطريركي العام لمصر والسودان، والأب رفيق جريش الناطق باسم الكنيسة الكاثوليكية.

تهنئة عيد الميلاد
ومن جانبه، رحب الرئيس السيسي بغبطة البطريرك، وهنّأه بأعياد الميلاد والعام الجديد.

قيم المحبة والتسامح
وأشار الرئيس السيسي، إلى حرص مصر على إعلاء قيم المحبة والمودة والتسامح، والتعاون مع الديانات المختلفة.

تعاليم الدين الإسلامي
وأكد الرئيس السيسي، أن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف توصي بالبر والتقوى والابتعاد عن الإثم والعدوان، فضلا عن ضرورة المعاملة الطيبة مع أصحاب الديانات السماوية، مشددا على أن أعمال القتل والإرهاب التي تمارسها جماعات متطرفة باسم الدين الإسلامي تُعد انتهاكًا صارخًا لتعاليم الإسلام وهو منها براء.

الديانات السماوية
كما تناول اللقاء كذلك سبل وآليات تعزيز الحوار بين الأديان ونشر التسامح، لاسيما في ضوء دقة المرحلة الحالية، وما تستوجبه من تكاتف لترسيخ قيم قبول الآخر والبناء على القواسم المشتركة التي تنطلق منها الديانات السماوية، فضلا عن تدعيم جهود مواجهة الأفكار المتطرفة.
الجريدة الرسمية