السنوات العجاف في «التربية والتعليم».. ٧ وزراء يلاحقهم الفشل في 5 سنوات.. «أخونة وتسريبات وغش إلكتروني» تعكر صفو الدراسة.. احتجاجات المعلمين مستمرة.. و«الشربيني» يحاول اس
في الخامس والعشرين من يناير الجاري، تكون قد مرت 5 أعوام تستحق أن يطلق عليها «السنوات العجاف» في تاريخ التعليم المصري، فمر التعليم قبل الجامعي خلال هذه السنوات الخمسة بواحدة من أسوأ فتراته، فقد كانت وزارة التربية والتعليم أكثر الوزارات تأثرًا بالأزمات المتلاحقة التي مرت بالبلاد منذ 25 يناير عام 2011، وحتى بدأت الوزارة تستعيد توزانها مع بدء العام الدراسي الجديد، على أمل أن يستطيع الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم الحالي، الخروج بالتعليم قبل الجامعي من كبوته التي يعانيها منذ 5 سنوات.
7 وزراء
خلال السنوات الخمسة، تعاقب على منصب وزير التعليم 7 وزراء، وكان أكثر وزير مكث في الوزارة مدة عام، ومنهم من لم يستمر أكثر من أشهر قليلة، كانت البداية في أعقاب ثورة يناير مع وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور أحمد زكي بدر، الذي جاء في حكومة رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، ولم يستمر زكي بدر وزيرا سوى أيام.
أحمد جمال الدين
بعد إقالة «زكي بدر»، تولى حقيبة التربية والتعليم في عام 2011 الوزير الأسبق الدكتور أحمد جمال الدين موسى، وظل وزيرًا للتربية والتعليم بعد استقالة حكومة شفيق، وتشكيل حكومة الدكتور عصام شرف، وشهدت الوزارة في عهده واحدة من أسوأ فتراتها في المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات التي بدأها المعلمون في كل أنحاء الجمهورية، بالإعلان عن إضراب عام في المدارس مع أول أيام الدراسة التي كان مقررًا لها السبت 17 سبتمبر عام 2011.
تجدد الاحتجاجات
وتواصلت الاحتجاجات ضد جمال الدين موسى، الذي كان يتولى مسئولية التربية والتعليم في ذلك التوقيت للمرة الثانية، حتى تمت إقالته؛ استجابة لمطالب المعلمين الذين حاصروا مقر مجلس الوزراء في نهايات شهر سبتمبر من عام 2011، وطالبوا بأن يتولى أمر الوزارة واحد من المعلمين، ليشعر بمعاناتهم، ورفعوا مطالب عدة على رأسها إقالة الوزير، وتحديد حد أدنى لرواتب المعلمين لا يقل عن ألفي جنيه، وتحت سطوة الاحتجاجات التي شارك فيها آلاف المعلمين من مختلف المحافظات، استجابت الحكومة وقتها لمطالب المعلمين، وأقالت الدكتور أحمد جمال الدين موسى، واختار رئيس الوزراء وقتها جمال العربي وزيرًا للتربية والتعليم، وكان يشغل قبل ذلك منصب رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي بالوزارة بدرجة وكيل وزارة.
جمال العربي
كان أداء الوزارة في عهد جمال العربي مهتزًا، خاصة فيما يتعلق بملف التعليم العام؛ حيث كان يؤخذ على الوزير أنه يقع تحت سطوة عدد من قيادات الوزارة أمثال الدكتور رضا مسعد رئيس قطاع التعليم العام وقتها، الذي كان يرأس "العربي" قبل أن يصبح العربي وزيرًا عليه، استمر "العربي" وزيرًا للتربية والتعليم في ظل حكومة الدكتور كمال الجنزوري، التي تم تعيينها كحكومة إنقاذ وطني في 7 ديسمبر 2011، وقدمت استقالتها 25 يونيو 2012 للمجلس العسكري، بعد أول انتخابات رئاسية عقب ثورة يناير.
الوزير الإخواني
وفي أعقاب 30 يونيو عام 2012، وهو التاريخ الذي تم فيه تنصيب محمد مرسي الرئيس الإخواني رئيسًا للجمهورية، جاءت حكومة الدكتور هشام قنديل بانتماءاتها لجماعة الإخوان الإرهابية، وتولى أمر وزارة التربية والتعليم في ذلك التوقيت الدكتور إبراهيم غنيم، الذي وقع تحت سطوة الإخوان ومكتب الإرشاد، وأجبر على تعيين المهندس عدلي القزاز أحد قيادات مكتب الإرشاد، في منصب مستشار الوزير لتطوير التعليم، كذلك تم تعيين القيادي الإخواني محمد السروجي، في منصب المستشار الإعلامي للوزير، وتحولت الوزارة في ذلك التوقيت إلى فرع لمكتب الإرشاد، وكانت الجماعة تمرر ما تريد إلى عقول التلاميذ عن طريق رجالها، وتحول الوزير في ذلك التوقيت إلى معبر لتمرير وتصعيد الإخوان إلى المناصب القيادية داخل الوزارة، حتى أنه في أقل من 3 أشهر تم تعيين نحو 400 إخواني في مناصب قيادية في مختلف قطاعات الوزارة والمديريات والإدارات التعليمية.
معركة الإخوان
خاض الإخوان في تلك الفترة معركة كبيرة للسيطرة على عقول التلاميذ، وبدأ منهج "غسيل الأدمغة" بالتوسع في المدارس الإخوانية الخاصة، وبعد أن كان الرقم المعلن عن وجود نحو 40 مدرسة مملوكة للجماعة الإرهابية، قبل 2011، بدأ الحديث عن وجود أكثر من 103 مدارس إخوانية مملوكة لقيادات من الجماعة في مختلف محافظات الجمهورية.
أزمة المناهج
الملف الآخر الذي أثار أزمة كبيرة وقت تولي جماعة الإخوان إدارة الأمور في التربية والتعليم، ما يتعلق بالمناهج الدراسية؛ حيث ظهرت أزمة كتاب "التربية الوطنية" للصف الأول الثانوي، الذي تم تحويله إلى كتاب يدرس أفكار الجماعة ويتناول تاريخها وفق رؤية الإخوان، ويحمل صورًا لحزب الحرية والعدالة، ومكتب الإرشاد، وبدأت الوزارة في تقليص الدروس التي كانت تتحدث عن الرموز النسائية المصرية، وحجب صور الرائدات النسائيات من كتب الدراسات الاجتماعية، وتم تطعيم المناهج بالعديد من الأفكار الإخوانية التي أثارت أزمة مجتمعية كبيرة في وقتها، بل زاد الأمر سوءًا بظهور أزمة كتاب دليل تقويم الطالب للصف الثالث الثانوي، الذي تضمن قطعا باللغة الإنجليزية تنال من الجيش والقضاء، وتتهم من ينتمون إلى تلك المؤسسات بالعلمانية والإلحاد، وهو الكتاب الذي أثار أزمة كبيرة فور الكشف عن محتواه، ودفع وزارة التربية والتعليم إلى أن تسحب النسخ الموجودة منه في مخازن قطاع الكتب وتقوم بإعدامها في جنح الليل.
تسريب الامتحانات
كذلك فإن الفترة التي كانت الوزارة فيها تحت إدارة الإخوان، شهدت واحدة من أسوأ سنوات الثانوية العامة، وبدأت أزمة تسريب الامتحانات، وزادت حالات الغش الإلكتروني حتى تحولت إلى ظاهرة ملازمة لامتحانات الثانوية العامة في كل عام منذ ذلك التاريخ، كما أن هذا العام شهد تخبطًا في القرارات؛ حيث لجأ وزير التعليم وقتها إلى إصدار قرار بإلغاء مسمى الشهادة الابتدائية، وهو القرار الذي أثار ضجة واسعة في وقتها، واتهمه خبراء تربويون بأنه غير مدروس ويحتاج إلى مراجعة، وأصبح لدى المجتمع التربوي يقين أن الوزارة تعمل لصالح جماعة الإخوان فقط وأنها تنفذ أجندتها بالكامل.
غضب التلاميذ
مع مرور الوقت، تزايدت حدة الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان الإرهابية، وقامت ثورة 30 يونيو عام 2013، وسقط حكم الإخوان، وتولى أمر التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، واستمر أبو النصر وزيرا للتربية والتعليم حتى بعد إقالة الببلاوي ومجيء المهندس إبراهيم محلب، عمل أبو النصر على مواجهة كل ما هو إخواني في الوزارة.
المدارس الإخوانية
ونجح «أبو النصر» في إبعاد عدد كبير من قيادات الجماعة، وفي عهده تم وضع المدارس الإخوانية تحت إشراف الوزارة، ولكن خلال العام الذي قضاه أبو النصر داخل ديوان عام الوزارة، شهد التعليم المصري العديد من الأزمات، فقد جاءت مصر في التصنيف الأخير في تقرير دعم التنافسية، كما أن الوزير الأسبق كان سببًا في تصعيد عدد من القيادات التي أثبتت فشلها، التي أضرت بالعملية التعليمية كثيرًا، خلال فترة وجود أبو النصر على رأس العمل في التربية والتعليم.
خناقة حريم
وظهرت العديد من المعارك النسائية؛ بسبب ميل الوزير إلى القيادات النسائية، فكان عدد من سيدات الديوان يتنافسن في التقرب من الوزير والحصول على أكبر مساحة من المناصب، أقال أبو النصر عددا من قيادات الوزارة، وقام بحركة تنقلات كبيرة داخل الديوان، وفي المديريات التعليمية، وفي عهده أثيرت العديد من الأزمات، منها أزمة التابلت التي تحولت إلى قضية كبيرة، فيها اتهامات بإهدار مئات الملايين من الجنيهات على صفقة مشبوهة.
مسابقة الـ30 ألف معلم
كذلك فقد شهدت الوزارة في عهده، أزمة كبيرة تتعلق بمسابقة الـ30 ألف معلم، وهي المسابقة التي ما زالت مشكلاتها وأزماتها قائمة حتى الآن، وتم استبعاد أبو النصر في عهد المهندس إبراهيم محلب، وجاء رئيس الوزراء السابق بالدكتور محب الرافعي، الذي كان يتولى رئاسة الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار، الذي وصف بأنه كان أضعف وزير للتربية والتعليم، وقد كانت الأمور تدار وهو آخر من يعلم، وفي عهد "الرافعي" تحول عدد من قيادات الوزارة إلى ما يشبه مراكز القوى، وجاء الرافعي بالدكتور عماد الوسيمي رئيسا لقطاع التعليم العام، وقد أثار "الوسيمي" العديد من الأزمات داخل الوزارة، وفرغ القطاع من الكفاءات، وتدخل في المناهج الدراسية فنتج في عهده أسوأ منهج يمكن تدريسه للطلاب، وهو كتاب الفلسفة للصف الثالث الثانوي، فضلا عن أنه أصر على فتح 7 مدارس للعلوم والتكنولوجيا، دون أن تكون قد اكتملت تجهيزاتها، وترتب عليها مشكلات كبيرة تعاني منها الوزارة حتى الآن، واستمر الرافعي في منصبه حتى تم استبعاده مع تشكيل حكومة المهندس شريف إسماعيل الحالية، الذي جاء بوزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني، الذي يعمل حاليًا على تصحيح الأوضاع، ويواجه مشاكل كبيرة مع عدد من قيادات الوزارة.
ومع مرور كل هذا العدد من الوزراء على التربية والتعليم في هذه المدة الزمنية، فقدت الوزارة استقرارها، وفقد منصب الوزير هيبته في المديريات والإدارات التعليمية، وأصبحت القرارات الوزارية غير ملزمة ولا يتم تفعيلها وتنفيذها بالشكل المطلوب، الأمر الذي زاد من المشاكل الإدارية داخل الإدارات والمديريات التعليمية بالمحافظات.