رئيس التحرير
عصام كامل

كل سنة وأنت طيب يا وطن!


كل ثانية وكل ساعة، وأنت طيبة يا مصر، بشعبك المسلم والمسيحي، بأهلك كلهم، بالرجال والنساء والشباب والصبية والأطفال.

كل لحظة وكل عام وأنت موجودة وحاضرة، ولو ذهبنا كلنا فداك، ثمنا بخسا لك، فما نحن بدونك إلا فراغ وضياع، وكرة من ريح تتقاذفها أقدام الجبابرة من الأمم.


دخل علينا عام ٢٠١٦، والناس متوجسون، ولكني والله أحمل قدرا هائلا من التفاؤل والاستبشار، ولا أشعر للحظة واحدة بخوف أو ترقب مما يحرض عليه الخونة والعملاء، ضد الدولة، ضد الوطن، ضد مصر الغالية أم الدنيا.

يتزامن عيد الميلاد المجيد، وأعياد إخوتنا المسيحيين، مع مولد النبي عليه أفضل السلام، وتلك بشارة خير وعلامة سكينة ورحمات من الله، لشعب ترابط، وتعاهد، وتساند، ليصد عن العرض وعن الأرض وعن الدين، هجمة الخوارج الذين خانوا وغدروا وباعوا الوطن في سبيل العرش، وهم يرفعون رايات الإسلام زورا.

كل سنة وأنت طيب يا أخي ميخائيل ويا إسحاق ويا جورج، ويا خالتي فيكتوريا، كل سنة وكل مسيحي ومسلم في خندق واحد، وتحت راية واحدة، هي العلم المصري، يستقبلون الموت، كما يستقبلون الحياة، قد صهرتهم المحن والمعارك، وفرحوا سوية بالنصر، وبكوا سوية في النكسات؛ لأن الدم المراق على مذبح الوطن ليس فيه علامة الصليب، ولا علامة الهلال، فيه فقط ماء النيل ودفاتر ذكريات الطفولة واللعب، والصداقات ومقاعد المدرسة ومدرج الجامعة، وأمنيات المستقبل وأول قبلة، وأول حضن.

لم يفكر مسلم واحد في أنه مسلم وهو يصنع بجسده أطواقا مع المسلمين؛ لكي يحمي كنيسة المعادي، ولا الكاتدرائية ولا غيرهما، بل وقفوا ليصدوا غائلة الوحوش الضارية الجاهلة، عن بيت من بيوت الله، يذكر فيها اسم الله.

ولم يفكر مسيحي واحد في الرد على بيت من بيوت الله للمسلمين، رغم هوجة الحرائق التي أشعلها الإخوان والسلفيون الموتورون في الكنائس، بطول مصر وعرضها!

اليوم، تفرح مصر كلها مسلمين ومسيحيين بعيد الميلاد المجيد، كما فرحت بعيد مولد نبينا وشفيعنا وحبيبنا، حبيب كل البشر، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

لم يحب الرسول المسلمين وحدهم، ولم يرسله الله ليحب ويكره، ليرحم ويقسو، ليقرب وليقصي، ليجازي ويعاقب، ليأسر ويقتل، بل أرسله رحمة للعالمين، أي لكل الدنيا، من آمن ومن كفر، ولن يقبل العقل والقلب ولا العقيدة قط ترهات برهامي الذي يحرم عليك تهنئة جارك؛ لأنها من الفواحش، بل الفواحش عنده أرحم من فعل المصافحة والتهنئة لجارك!!

طيب ماذا يفعل المسلم المتزوج من مسيحية؟!.. ألا يهنئها بعيدها؟!.. ألا يصافحها؟، ألا يحتضنها؟!.. ألا ينجب منها؟!.. عند برهامي، المصافحة حرام، لكن النكاح والإنجاب حلال !

أباح له عقله أن يفتي بمصيبة، تعفي الرجل من رجولته، وغيرته، فقد أباح للرجل ترك عرضه فريسة لمن اعترضه بخطر على حياته، ومعنى ذلك أنك تترك زوجتك للصوص وقطاع الطرق، يغتصبونها ولا إثم عليك؛ لأن درء الخطر مقدم على درء الزنا.

ما علينا من مجانين الفتنة في عصر الفتنة والفتة، وسننصرف بالكلية إلى التغني بأناشيد الميلاد؛ لمشاركة إخوتنا وأحبائنا، ولندافع عن أعظم ما حبانا به الله، وهو الرباط المقدس بين أقباط مصر، مسلمين ومسيحيين.

كل سنة وكل ثانية ونحن في مصر ولمصر وبمصر، وليذهب الخونة إلى الجحيم!
الجريدة الرسمية