رئيس التحرير
عصام كامل

السعودية نفذتها.. عقبالنا


تنتهز الجماعة الإرهابية أي حدث يمكنها من خلاله الإساءة إلى الرئيس السيسي والبلد، وقبل يومين نشطت صفحات "الإخوان" على مواقع التواصل الاجتماعي، تتهم الرئيس بالخوف وعدم الجرأة على قطع العلاقات مع إيران؛ تضامنا مع السعودية، على خلفية الأزمة بين المملكة وإيران بعد إعدام السعودي الشيعي نمر باقر النمر. 

لكن المثير للسخرية، أن مصر منذ عشرات السنين ليس لديها أي علاقات مع إيران حتى تقطعها، والعلاقة الوحيدة التي اخترقت مقاطعة مصر لإيران، حدثت في سنة حكم المعزول مرسي، الذي دعا الرئيس الإيراني حينذاك محمود أحمدي نجاد لزيارة مصر، وخلاف ذلك لا توجد ثمة علاقة مع إيران رسمية كانت أو شعبية.

"الإخوان" قارنوا مبادرات دول الخليج، وقالوا إن مصر لا تجرؤ على مقاطعة إيران، أسوة بالبحرين التي قطعت العلاقات، والإمارات التي خفضت التمثيل الدبلوماسي، والكويت التي استدعت سفيرها، وتجاهلوا أننا ليس لدينا علاقة مع إيران من الأساس.. وفي الوقت نفسه، لم يتطرق "الإخوان" إلى موقف تركيا التي ترقص على جميع الحبال، فهي شجبت إعدام السعودي الشيعي نمر النمر؛ إرضاء للفرس، ثم أدانت حرق السفارة والقنصلية السعودية في إيران وسرقة محتوياتهما؛ إرضاء للمملكة.

وسط الحزن والأسى على ما حدث من انتهاك صارخ للأعراف الدبلوماسية والدولية عند اقتحام القنصلية والسفارة السعودية في إيران، تلوح في الأفق نقطة إيجابية تتمثل في إعادة إحياء "القوة العربية المشتركة"، التي دعا إليها الرئيس السيسي وأقرتها جامعة الدول العربية، لكنها توقفت فجأة بطلب من المملكة العربية السعودية، لكن تهديدات إيران وأذنابها للمملكة، أعادت فكرة "القوة المشتركة" إلى الواجهة مجددا، عبر النقاش المصري السعودي بشأنها. 

وللحقيقة، فهذا الوقت المناسب لإعلان تشكيل "القوة العربية" في مواجهة التهديد الإيراني، الذي يمكن أن يترجم إلى استفزازات وعمليات تخريبية، سبق أن نفذتها عشرات المرات في دول عربية وغربية عدة، ما جعل نظامها الأكثر إرهابا في تصنيف معظم دول العالم.

النظام الصفوي الإيراني لا يمكن أن يحيا بعيدا عن الأزمات والحروب، وهو بعد أن أفلت من العزلة والعقوبات الأمريكية الأوربية عليه، لا بد أن يستدير على العرب في محاولة لاستعادة إمبراطورية فارس على حساب جيرانه، والتزاما بتعليمات مرشد الثورة الخميني، التي كشف عنها مطلع الثمانينيات، عندما قال: "عندما تنتهي الحرب مع العراق، علينا البدء في حرب أخرى، وهكذا حتى يرفرف علم إيران فوق الرياض ودمشق والقاهرة والكويت وعمان وبقية العواصم العربية".

إيران عندما تطأ دولة تحيلها إلى فوضى ودمار وفتنة مذهبية، ولنا عبرة فيما يحدث في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وهي الدول التي بسطت إيران هيمنتها عليها فعليا، ولا ننسى العمليات الإرهابية التي نفذتها في البحرين والكويت، وها هي تستدير الآن على السعودية بالتدخل في شأن محلي بحت؛ حيث أعدمت المملكة 47 مدانا بالإرهاب، فانفجر الغضب الفارسي من أجل الشيعي نمر النمر، رغم أنه مواطن سعودي، وهذا وحده دليل على أن النمر هو رجل إيران في المملكة، وأنها علقت عليه الآمال لتحقيق أهدافها ببث الفتنة والتحريض ضد نظام الحكم والمطالبة بدويلة شيعية في المملكة؛ ليصبح لإيران موطئ قدم تنفذ من خلاله إلى السعودية وتهيمن عليها.

الآن على العرب الإسراع بتشكيل "القوة المشتركة"؛ لمواجهة التهديد الإيراني، الذي لن يقف عند حدود السعودية بل سيشمل بقية الدول العربية بالتدخل في شئونها وإثارة القلاقل فيها، لذا لا بد من وجود قوة رادعة.. كما علينا في مصر أن نستلهم التجربة السعودية؛ حيث لم تتوان عن تنفيذ حكم الإعدام في 47 إرهابيا دفعة واحدة؛ ليكونوا عبرة لمن يفكر في المساس بأمنها، رغم أن ما ارتكبوه لا يقارن بما ارتكبه قادة "الإخوان" والإرهابيين، الذين أحالوا حياتنا جحيما في السنوات الخمسة الماضية، لكن علينا قبل تنفيذ أحكام الإعدام التأهب جيدا لما سيتبعها من تصرفات حمقاء من قبل دول ومليشيات مؤيدة للجماعة الإرهابية.
الجريدة الرسمية