رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي في المخابرات العامة.. المعنى والرسائل !


أول ما يلفت النظر في زيارة الرئيس للمخابرات العامة، أمس، واجتماعه برئيسها وقياداتها ورجالها، هو الإعلان عنها.. إذ كان من الممكن أن تكون الزيارة سرية.. دون إعلان، كمهام كثيرة تجري هنا وهناك ولا يتم الإعلان عنها.. وكان من الممكن أيضا أن يذهب رئيس الجهاز وقياداته الكبار وعدد من رجاله إلى الرئيس للاجتماع معه في الرئاسة.. ولذلك فثاني ما نستنتجه من الزيارة أنها ليست لأمر طارئ، ولا لمناقشة معلومات خطرة وردت على التو ولا غيره.. إذن، لماذا الزيارة ولماذا الإعلان عنها؟


هل هي للرد على كلام حازم عبدالعظيم، وتجديد الثقة في الجهاز من هذه الزاوية؟ بالطبع لا، ولا يمكن أصلا وضع موضوع "عبدالعظيم" في الحسبان.. (نتوقف قليلا عند حازم عبدالعظيم ولم نناقش مقاله الطويل العريض في حينه لأنه وبمجرد النظر لو ناقشناه لمدحناه.. لأن كلامه عن المخابرات العامة - إن صح - يحسب لها وليس العكس، فالملحوظة الأساسية في مقاله أن التواريخ التي تحدث عنها قديمة، تعود إلى يناير وفبراير من العام الماضي، أي في ظل موجة الحديث عن الأموال القادمة من الخارج لدعم مرشحي الصفين الثاني والثالث من الإخوان للترشح في الانتخابات البرلمانية، ولم يكن مقبولا أن يقف الجهاز ليتفرج من بعيد بل قبلوا أعباء جديدة - إن صح كلام عبدالعظيم - في مواجهة العبث الخارجي بالانتخابات وتوقف دور الجهاز عند حدود التنسيق المباح وليس التزوير المشين، وكان التنسيق لا يخص حزبا ولا تيارا بعينه، وإنما لأسماء من كل الاتجاهات، وبما يرفع عنه أي شبهة)، إنما، وفي تقديرنا المتواضع، أن الزيارة، وهي الثالثة للسيسي إلى الجهاز في أقل من عام ونصف العام، تعكس الثقة المطلقة في الجهاز ورجاله، وتعكس إدراك السيسي نفسه لنوعية المخاطر التي تواجهها مصر الآن.

وهي مخاطر تلعب فيها أجهزة مخابرات أخرى معادية دورا شريرا وجهنميا، أثبتت الأيام والأحداث قدرة جهاز مخابراتنا على مواجهتها والسيطرة عليها وإفسادها وإفشالها جميعها، قدم فيها جهاز المخابرات ورجاله أدوارا بطولية، رغم تصديهم للعديد من عشرات الأجهزة المعادية، وفي وقت واحد.. وكذلك تعني الزيارة رغبة السيسي في الاتصال المباشر بأبناء الجهاز وتوسيع دائرة الحوار معهم.. كما تعني الزيارة أيضا تجديد حالة الاستنفار الدائمة في الجهاز أصلا، ودعمها، في مواجهة حروب العقل والذكاء والأعصاب الهادئة، القادم منها وغيره، مما لم يتوقف أصلا!

جهاز المخابرات العامة المصرية أكثر الأجهزة احتراما وحبا لدى المصريين والعرب، نظرا لطبيعة دوره، التي تحمي الوطن وليس الأنظمة الحاكمة، كما أن أبناءه يعملون في صمت لا يعرفون الأضواء ولا يريدونها، وهي ممنوعة عنهم أصلا.. ومعظم الشعب العربي يعتبرونه جهاز مخابرات العرب جميعهم، ويتحدثون عنه ويذكرونه في بلدانهم بفخر شديد.. وهو فخر يستحقونه ويستحقهم!

الجريدة الرسمية