رئيس التحرير
عصام كامل

شهادات للبيع.. واختراعات «مضروبة»


نشهد هذه الأيام ما يشبه "الهوجة" من الاختراعات، وطوابير من المخترعين.. أو من يصفون أنفسهم بذلك.. السبب مجهول.

عقارات لمداواة أمراض مستعصية مثل السرطان، والالتهابات الكبدية، والكلوية.. "روبوت".. سيارات تسبح في الماء، وتحلق في الهواء، حسب الأحوال والظروف المرورية والجوية.. أجهزة توفر الطاقة النظيفة.. صديقة للبيئة.. بدون مصدر أساسي لتلك الطاقة من الهواء، وبخار الماء وغيرهما.. مثلا تم الإعلان عن مشط "فرعوني" يعيد الحيوية للشعر، ويمنحه قوة وطولا!!


أيضا انتشرت الدرجات العلمية الماجستير والدكتوراه، بلا ضابط ولا رابط.. آلاف من الدكاترة.. ومسئولين، وإعلاميين، ومدربين.. لا أحد يستوقفهم ليسألهم عن المكان الذي أتوا منه بتلك الشهادات.. أحدهم أُلقي القبض عليه متلبسا بحمل 11 دكتوراه "مضروبة"، ونال عشرات التكريمات، وشهادات التقدير من مسئولين ووزراء!.. والله أعلم فيما استخدمها – ونظراؤه - من أوجه التكسب غير المشروع، و"هبر" المال الحرام!

مصر تتفوق على الولايات المتحدة في سرعة البحث العلمي، هكذا قال الدكتور مصطفى السيد، صاحب مشروع علاج السرطان عن طريق محاصرته بجزيئات الذهب.. كما يتجاوز عدد حاملي الدكتوراه نظراءهم الأمريكان.. وعدد الاختراعات "الفكسانة" لا نظير له في العالم!

في اعتقادي، أن السبب في الظاهرة يرجع إلى أننا نعتبر "مصر بلد شهادات" كما يقولون.. وأن الشخص تتحدد قيمته ومكانته في المجتمع، بما حصل عليه من شهادات، وألقاب.. فمثلا نخجل من أن نخاطب السباك والميكانيكي، وغيرهما بلقبهما الأساسي "أسطى فلان.. أو عم فلان"، بل نناديهما "يا باشمهندس".. كما ننادي التومرجي بـ"دكتور"!

ينال أصحاب الألقاب فرصا للتقدم والترقي، والحصول على مزايا هائلة، بمجرد ذكر لقب فخم، مثل.. سيادة المستشار، دون أن يكون له نصيب من اللقب في قليل أو كثير!

صارت الكارنيهات حقا للجميع بجنيهات قليلة، والدكتوراه ببضعة آلاف؛ لينال أصحابها حظوظهم من الوجاهة الاجتماعية، والصدارة، والترشح للمناصب القيادية، والمراكز التنفيذية، والمقاعد النيابية، بدون حدود.

مطلوب إعادة الاعتبار للتعليم الفني، وغرس أسس البحث العلمي والتكنولوجي لدى الطلاب منذ الصغر، والتأكيد على روح الإبداع والابتكار، ورعاية المواهب وتنميتها.. والتواصل مع العقول المهاجرة؛ للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم في التنمية الداخلية.. يقينا، لن نتقدم خطوة إذا استمرت هذه المهزلة.
الجريدة الرسمية