رئيس التحرير
عصام كامل

«السيسي» والعفو عن إسلام بحيري !


ننتقل إلى صلب الموضوع مباشرة.. هل يمكن أن يفرج الرئيس السيسي عن إسلام بحيري على الأقل ليثبت أنه فعلا مع تجديد الخطاب الديني ؟ هنا نسأل عدة أسئلة موضوعية وواقعية ومنطقية تحتاج إلى الإجابة الصريحة والواضحة والمباشرة عنها وهي:

هل يملك الرئيس السيسي الإفراج القانوني عن إسلام بحيري ؟ المادة 155 تمنح الحق للرئيس بالفعل للعفو عن المسجونين بعد الحكم عليهم إذا اقتضت مصلحة البلاد ذلك..

لكن تتبقى لإسلام بحيري درجة أخرى من التقاضي ليكون الحكم باتًا ونهائيًا فهل يليق العدوان على السلطة القضائية وضرب أحكامها هكذا والاستهانة بها ؟ والسؤال أيضا: كيف يتم العفو عن شخص محكوم عليه لم يقض من عقوبته شيئًا ؟ فالعفو يكون بالإفراج دون استكمال باقي مدة العقوبة أو للتبادل مع آخرين مسجونين في دولة أخرى كالعفو عن الجواسيس أو عند التنازل عن الجنسية أو لمصلحة البلاد العليا وهي جميعها لا تنطبق على حالة بحيري..

إذًا فالسؤال أيضًا: هل المشكلة أصلا في الحكم ؟ في الحقيقة المشكلة أصلا في التشريع الذي يجد البعض في مواده القدرة على رفع دعاوى للحسبة يقومون بها نيابة عن المجتمع رغم وجود تشريع يضع الحسبة في يد النيابة وحدها وكان ذلك بعد التفريق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس وهو ما رفضاه وقاوماه معا !

نسأل أيضًا: بعد الحديث عن حقه القانوني في العفو.. هل يستطيع الرئيس العفو أدبيًا عن إسلام بحيري ؟ نرى أنه لا يصح لأن الخصومة مع بحيري تمت مع قطاع في المجتمع المصري تقدم منهم واحد أو مجموعة من المجتمع واختصمت بحيري قانونا وهنا يكون الرئيس منحازا لفريق في مجتمعه ضد فريق وهذا نقله دون النظر إلى صحة مخاصمة بحيري ولا شرعيتها ولا أحقية أصحابها ولا صحة موقفهم إنما نقول ذلك بشكل مجرد.. وهنا يبدو السؤال: هل سجن بحيري لأنه يجدد في الدين ؟ نقول وللأمانة لا.. سبب السجن هو سبه التابعين أو إهانتهم.. إذ كان يمكنه- وقد قلنا ذلك سابقًا وقبل الحكم بل قبل الدعوى بحالها- إنه يمكنه أن يشرح أفكاره دون تجريح أو إهانة لأحد.. وقد كانت نقطة ضعف في حلقاته وفي خطابه استغلها خصومه..

وهنا يبدو سؤال جديد: من يقف خلف مطالب الإفراج عن بحيري ؟ نقول: يقف خلفها بصدق كل الداعين لتجديد الخطاب الديني والمقاتلين من أجل إنجاز المهمة المقدسة التي يعتبرونها ونعتبرها معهم من أهم أسباب تخلف الأمة كلها.. فإغلاق باب الاجتهاد والتجديد هو بإجماع مفكري الأمة سبب التخلف والانحطاط الذي نعيشه.. لكن هؤلاء انفعالهم دفعهم للمطالبة بتدخل السيسي للإفراج عن بحيري دون دراسة أبعاد الأزمة كلها.. لكن هناك كثيرون يطالبون بتدخل السيسي ليس حبًا في إسلام ولا ثقة في السيسي إنما ليضربون عصفورين بحجر واحد وهما إبراز فشل السيسي في دعوة التجديد وإنه غير قادر على حمايتها، والثاني الدفع في توريط السيسي في الإفراج عمن سب شيوخ الأمة كما يقولون وكما هو الاتهام ليكون السيسي بعدها بدقائق خصمًا لشيوخ الأمة بشخصه وبصفته!

الحل إذًا كيف يكون: استمرار بحيري في إجراءات النقض مع طرح التشريعات كلها للمراجعة في البرلمان ليستبين فيها حدود مراجعة آراء السابقين والاختلاف معها ومعهم !

تتبقى قضية التجديد نفسها.. ولها مقال مستقل.. باعتبارها أشرف معارك السيسي على الإطلاق وتكفي وحدها إن لم يدع أو يفعل غيرها تكفي لدعمه والوقوف معه حتى إنجازها مهما كلف الأمر ذلك!
الجريدة الرسمية