لو أني أعرف خاتمتي
هو واحد من الشباب الواعدين والعاشقين لبلدهم، وأصبح خبيرا متميزا في الضرائب.. وعندما احتاجت له الحكومة ترك عمله بشركة عالمية متخصصة في هذا المجال، وقبل بأقل من ربع مرتبه في القطاع الخاص، ورضى عن طيب خاطر بالمرتب الميري ليتفرغ بوقته وخبرته لوطنه.
شارك مع غيره من الشباب أصحاب الخبرات العالمية بمجال الضرائب، في صياغة مشروعات قوانين هامة من المنتظر أن يناقشها مجلس النواب؛ لتصدر خلال الأشهر القادمة، وتشكل عصبا مهما للاقتصاد المصري، وترتبط بمعيشة المواطن مثل قانون القيمة المضافة.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، تغلب الفكر العقيم على إبداعات هؤلاء الشباب، فخرجت قوانين وقرارات عدة أربكت الأداء الاقتصادي، رغم أن الهدف منها كان تحسين الأوضاع الاقتصادية والأحوال المعيشية.. لكن تجاهل طرح هذه القوانين للنقاش العام أدى إلى خروجها مشوهة، لا تخدم الصالح العام بقدر ما تحقق منفعة ثلة من المستفيدين.
وسألني الشاب هل البرلمان الجديد مؤهل لمناقشة القوانين المهمة.. ولديه الاستعداد لطرحها لحوار مجتمعي حقيقي للأخذ بكل الآراء قبل إصدارها؟
طبعا الإجابة معروفة، ومن يراهن على غيرها سيكون خاسرا دون شك.. لا أعضاء البرلمان مؤهلين ولا المناخ العام يساعد على النقاش العام.. وربما يصل الأمر إلى توجيه تهمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية لهذا الشاب إذا تبنى رأيا معارضا لأحد بنودقانون ما وقدم مقترحات أكثر فائدة للاقتصاد وللناس.
هذا الشاب يشعر الآن بالندم على اختياره ولا يجد غير كلمات نزار قباني "لو أني أعرف خاتمتي ماكنت بدأت"؛ للتعبير عن حالته.. وشعور مؤلم بالفعل عندما ترى إصرارا على التمسك بإجراءات خاطئة لا تخدم الأهداف المرجوة منها.. وتجاهلا للصحيح منها الذي يحقق المصلحة العامة ويلبي متطلبات الشعب.
وسواء حدث ذلك عن عمد أو جهل.. فالنتيجة واحدة وهي صدور تلال من القرارات والقوانين.. والحصيلة صفر كبير.
وهذا الصفر يحدث فقط عندما تغلب نزعة الرأي الأوحد، ويعم التعتيم وتخوين الرأي المعارض.. ولا يمكن أن يحدث مع وجود الشفافية وتهيئة المناخ للتعاطي مع كل الآراء بإيجابية؛ للاستفادة منها، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بقضايا تحتاج لمشاركة الخبراء والمتخصصين فيها!!