رئيس التحرير
عصام كامل

لكِ الله يا مصر!


كما تعودت باريس مع بداية كل عام جديد، على تدفق آلاف الفرنسيين ومن يعيشون فيها من غير الفرنسيين على أشهر شارع فيها وهو شارع الشانزلزيه؛ للاحتفال بقدوم عام ٢٠١٦.. لكن هذا العام كان ثمة اختلاف واضح عن احتفالات السنوات السابقة.. ولا يقتصر الاختلاف فقط على إلغاء الألعاب النارية التي كانت تضيء سماء العاصمة الفرنسية، أو إطفاء الأنوار في الشانزلزيه في الثواني الأولى لاستقبال العام الجديد، وإنما كان هناك التواجد الأمني المكثف في منطقة الشانزلزيه وكل باريس؛ حيث تم نشر نحو مائة ألف جندي وشرطي؛ لتأمين احتفالات العام الجديد.


كل الطرق التي كانت تصب في شارع الشانزلزيه، كان يوجد فيها رجال أمن ورجال جيش ورجال إسعاف أيضا.. بل إن بعض الطرق الجانبية المتفرعة من الشانزلزيه كانت مغلقة وممنوع المرور أو السير فيها.. وكان ثمة تفتيش عن الأسلحة النارية أو المتفجرات والحقائب سواء كانت حقائب للسيدات أو غيرها.

أما شارع الشانزلزيه ذاته، فقد انتشر في كل أرجائه رجال الشرطة يتابعون ويراقبون؛ وذلك لتأمين الآلاف الذين تدفقوا على الشارع الشهير؛ للاحتفال باستقبال العام الجديد في لحظات ميلاده الأولى، ومن أجل ذلك تم حقيقيًا وقف سير السيارات فيه ابتداء من الساعة الحادية عشرة مساء.

وكل ذلك لم يحد من سعادة وسرور المحتشدين في شارع الشانزلزيه، ولم ينل من فرحتهم أو يسبب لهم أي ضيق أو يغضبهم.. بل على العكس تماما، تعاملوا معه بكل الرضا والاقتناع بأنه يستهدف حمايتهم وتأمينهم.. ولم نقرأ في صحيفة فرنسية أو نشاهد في فضائية فرنسية، انتقادا صريحا أو غمزا ولمزا على هذا التواجد الأمني أو رفع درجة الاستعداد الأمني، خاصة أن من يعيشون في باريس تعودوا منذ الأحداث الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها مثل نهاية العام الماضي، على بعض الإجراءات الأمنية التي لجأت إليها محال تجارية سواء في الشانزلزيه أو في غيره من الشوارع الرئيسية لتأمين روادها.

الحياة في باريس لم تتوقف.. وممارسة الفرحة لم تتوقف أيضا.. والإجراءات الأمنية الاستثنائية لم تنغص هذه الحياة على الناس.. بل على العكس تماما منحتهم الثقة في ممارسة الفرحة في أمان، ولم يدفع أو يتهم أحد الحكم الفرنسي بخرق الديمقراطية أو عسكرة فرنسا!.. ولكِ الله يا مصر!
الجريدة الرسمية