الطريق الذي يقبله العقل.. ويرفضه الرئيس؟!
لا يستطيع عاقل أن ينكر الشعبية التي حظى بها الرئيس السيسي بعد ثورة 30 يونيو.. وكذلك لا يستطيع أن ينكر حجم الكوارث الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تنتظره عند كرسي الحكم.. تلك الكوارث التي توالت على الوطن مع توالي الثوار إلى الميادين في 25 يناير.. فأحدثت "تمزقًا" كبيرا في نسيجنا الاجتماعي.. الذي يعد في تصوري هو أخطر الكوارث على الإطلاق.. وأتصور أيضا أن الرئيس نفسه جاء إلى كرسي السلطة، دون أن يملك خطة حاسمة للمواجهة.. أو إجابات قاطعة على السؤال: ما هو السبيل للخروج من أزمة الانقسام؟
بمعنى هل يملك الرئيس "السيسي" ومستشاروه خطة أو روشتة سياسية فعالة؛ لمواجهة حالة الانقسام الحاد، التي أصابت مصر بعد 25 يناير وازدادت حدة بعد 30 يونيو؟.. أم أن سيناريو الحشد والحشد المضاد الذي باتت تشهده مصر في مطلع كل عام ميلادي سوف يستمر إلى أجل غير معروف؟.. خاصة أن هناك رجالا من المقربين للرئيس وبعض القوى السياسية لا يقبلون "المصالحة"، بل يرفضون حتى مجرد الحديث عنها.
وعلى الجانب الآخر، تُصر جماعة الإخوان المسلمين بدعم "قَطَري وتركي" على حتى عدم التفكير فيها!.. والسؤال الموجه للطرفين على حدٍ سواء: متى قبلت الشعوب القسمة على اثنين؟.. ومتى استقرت دولة تقوم على الحشد والحشد المضاد؟.. ومتى انتصرت جماعة على إرادة شعب ودولة؟!
وما دامت الحروب دائما أولها كلام.. فإن السلم الاجتماعي نفسه أوله كلام!.. وإذا كان الحديث عن تحقيق السلم الاجتماعي في مصر الآن بات معقدًا.. فإن مواجهة حالات الانقسام الشعبي هي أيضًا باتت معقدة.. وإنه لا يمكننا الرهان على البعد الأمني وحده في تحقيق الاستقرار واستعادة اللحمة الشعبية.. فربما يؤدي الاعتماد عليه منفردا إلى مزيد من "الانقسام" وتكوين جبهات مضادة لأجهزة الدولة.. أو إلى التعاطف مع الجماعات المناوئة للسلطة.. وهنا يصبح اتهام النظام بأنه "قمعي" أمرا منطقيا!
وأمام هذا الكم الهائل من المحن التي يواجهها الرئيس.. ويواجهها معه الوطن.. بات الحديث عن سياسات الإقصاء والتكامل أمرًا مطلوبا.. تتطلبه طبيعة المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.. في إطار "مؤامرات" دولية كبيرة تهدد الاستقرار والهوية.. كما تهدد مأكل المصريين ومشربهم!
والتكامل الذي ننشده في هذا المقال.. لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تمكنت الدولة من إقامة كيانات "ديمقراطية" سليمة.. تتكامل داخلها كل الشرائح والتيارات والقوى الوطنية.. فإذا نجحت الدولة في إقامة تلك المنظومة الديمقراطية، استطاعت أن تضع قدميها بثبات على الطريق الصحيح لـ"التنمية".. وهنا يطرح العقل تساؤلًا: هل يعبر البرلمان المصري بصورته الحالية عن ثقافة التكامل؟.. أم أنه يعبر عن لون سياسي واحد، يرفض التكامل مع الآخر؟!.. خاصة أن ثقافة التكامل تقوم أساسا على الاعتراف بالآخر وقبوله، وتدعو إلى التعايش معه.. كما أنها تقوم على ألا تعترف بـ"التمييز" بين أبناء الوطن الواحد – إلا لكفاءة – سواء في التشارك في الإنتاج، أو في الاستفادة من عوائد التنمية.
أما ثقافة "الإقصاء" والتهميش فمصدرها دائما هو الإحساس بـ"فائض القوة"، الذي يقود إلى الإحساس بإمكانية الاستغناء عن الآخر، بل إلى الإحساس بإمكانية إلغائه أو تصفيته، خاصة إذا ظهرت منه بوادر الاعتراض على سياساته، أو عدم الاعتراف بشرعيته، أو الامتناع عن الاستسلام لأوامره!
وتجد ثقافة الإقصاء سندًا لها في بعض العقائد والأفكار، فيلجأ مؤيدوها باسم "الدين" أو المذهب إلى "التكفير"، وباسم "الوطن" إلى "التخوين"، فيبدأ الصدام عقائديًا، ثم ينمو ليتحول إلى صراع دموي بين الدولة والجماعات الشاردة.. والضحية دائما هو "الوطن"!
ولا تنطلق ثقافة الإقصاء بالضرورة من نوايا سيئة أو مصالح ضيقة، فغالبًا ما تنطلق من ضيق في الفكر أو قصر في النظر أو نقص في الخبرة أو قصور في الفَهم.. فغالبًا ما يتخيل الذين يمارسون الإقصاء في لحظة معينة، أنهم سيستمرون في قوتهم.. فيظهرون للآخر أقسى أنواع الاستغناء.. كالذين يتقلدون مناصب قيادية في الدولة.. أو كالذي فعله الإخوان إبان حكمهم، فسقطت دولتهم.. ليس فقط لكونهم "فاسدين" بل لأنهم لا يؤمنون بالتكامل.. وتترسخ بداخلهم فكرة الإقصاء!
والمصالحة التي أعنيها لا تكون مع سجناء ارتكبوا جرائم في حق الإنسانية والوطن.. بل مع أحرار غير مجيشين.. لا زالوا يتمتعون بنعمة الفَهم والتعقل.. ويعرفون عن قناعة ما تعنيه عن جدٍ كلمة "وطن"، ولم يلوثوا أيديهم بدماء أبرياء.. ولم يحرضوا يوما على هدم وطن.. ورغم أن "المصالحة" بين أطياف الشعب هي الطريق الذي يرضاه "العقل" للتعايش في المجتمع الواحد.. فهل يرغب الرئيس ورجاله والإخوان وأنصارهم في السير فيه؟
وما دامت الحروب دائما أولها كلام.. فإن السلم الاجتماعي نفسه أوله كلام!.. وإذا كان الحديث عن تحقيق السلم الاجتماعي في مصر الآن بات معقدًا.. فإن مواجهة حالات الانقسام الشعبي هي أيضًا باتت معقدة.. وإنه لا يمكننا الرهان على البعد الأمني وحده في تحقيق الاستقرار واستعادة اللحمة الشعبية.. فربما يؤدي الاعتماد عليه منفردا إلى مزيد من "الانقسام" وتكوين جبهات مضادة لأجهزة الدولة.. أو إلى التعاطف مع الجماعات المناوئة للسلطة.. وهنا يصبح اتهام النظام بأنه "قمعي" أمرا منطقيا!
وأمام هذا الكم الهائل من المحن التي يواجهها الرئيس.. ويواجهها معه الوطن.. بات الحديث عن سياسات الإقصاء والتكامل أمرًا مطلوبا.. تتطلبه طبيعة المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.. في إطار "مؤامرات" دولية كبيرة تهدد الاستقرار والهوية.. كما تهدد مأكل المصريين ومشربهم!
والتكامل الذي ننشده في هذا المقال.. لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تمكنت الدولة من إقامة كيانات "ديمقراطية" سليمة.. تتكامل داخلها كل الشرائح والتيارات والقوى الوطنية.. فإذا نجحت الدولة في إقامة تلك المنظومة الديمقراطية، استطاعت أن تضع قدميها بثبات على الطريق الصحيح لـ"التنمية".. وهنا يطرح العقل تساؤلًا: هل يعبر البرلمان المصري بصورته الحالية عن ثقافة التكامل؟.. أم أنه يعبر عن لون سياسي واحد، يرفض التكامل مع الآخر؟!.. خاصة أن ثقافة التكامل تقوم أساسا على الاعتراف بالآخر وقبوله، وتدعو إلى التعايش معه.. كما أنها تقوم على ألا تعترف بـ"التمييز" بين أبناء الوطن الواحد – إلا لكفاءة – سواء في التشارك في الإنتاج، أو في الاستفادة من عوائد التنمية.
أما ثقافة "الإقصاء" والتهميش فمصدرها دائما هو الإحساس بـ"فائض القوة"، الذي يقود إلى الإحساس بإمكانية الاستغناء عن الآخر، بل إلى الإحساس بإمكانية إلغائه أو تصفيته، خاصة إذا ظهرت منه بوادر الاعتراض على سياساته، أو عدم الاعتراف بشرعيته، أو الامتناع عن الاستسلام لأوامره!
وتجد ثقافة الإقصاء سندًا لها في بعض العقائد والأفكار، فيلجأ مؤيدوها باسم "الدين" أو المذهب إلى "التكفير"، وباسم "الوطن" إلى "التخوين"، فيبدأ الصدام عقائديًا، ثم ينمو ليتحول إلى صراع دموي بين الدولة والجماعات الشاردة.. والضحية دائما هو "الوطن"!
ولا تنطلق ثقافة الإقصاء بالضرورة من نوايا سيئة أو مصالح ضيقة، فغالبًا ما تنطلق من ضيق في الفكر أو قصر في النظر أو نقص في الخبرة أو قصور في الفَهم.. فغالبًا ما يتخيل الذين يمارسون الإقصاء في لحظة معينة، أنهم سيستمرون في قوتهم.. فيظهرون للآخر أقسى أنواع الاستغناء.. كالذين يتقلدون مناصب قيادية في الدولة.. أو كالذي فعله الإخوان إبان حكمهم، فسقطت دولتهم.. ليس فقط لكونهم "فاسدين" بل لأنهم لا يؤمنون بالتكامل.. وتترسخ بداخلهم فكرة الإقصاء!
والمصالحة التي أعنيها لا تكون مع سجناء ارتكبوا جرائم في حق الإنسانية والوطن.. بل مع أحرار غير مجيشين.. لا زالوا يتمتعون بنعمة الفَهم والتعقل.. ويعرفون عن قناعة ما تعنيه عن جدٍ كلمة "وطن"، ولم يلوثوا أيديهم بدماء أبرياء.. ولم يحرضوا يوما على هدم وطن.. ورغم أن "المصالحة" بين أطياف الشعب هي الطريق الذي يرضاه "العقل" للتعايش في المجتمع الواحد.. فهل يرغب الرئيس ورجاله والإخوان وأنصارهم في السير فيه؟
Sopicce2@yahoo.com