رئيس التحرير
عصام كامل

المستشار جنينة وحجم الفساد


ما فتئ المستشار هشام جنينة، منذ تعيينه رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات في 6/9/2012، بقرارٍ من الرئيس المعزول محمد مرسي، يطلق تصريحاته الإعلامية والصحفية في وسائل الإعلام المختلفة حول الفساد المتوغل في جُل مؤسسات الدولة، إن لم يكن كلها.


ومؤخرًا أعلن في تصريح صحفي يوم 23/12/2015، تأكيده أن فاتورة الفساد في عام 2015 بلغت 600 مليار جنيه (ثلثي الميزانية)، وإن كان قد تراجع عن هذا التأكيد فيما بعد، عبر تصريحات أخرى فضائية وصحفية، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يشمل السنوات 2012 حتى 2015 أي خلال أربع سنوات.

وقد أدت تصريحات المستشار جنينة المتتالية، إلى حدوث مواجهات ومصادمات متعددة بينه وبين المُشار إليهم بالفساد – أفرادًا ومؤسسات -.

فقد سبق وصرح لإحدى الفضائيات في أكتوبر 2013، بأن لديه مستندات تدين المستشار أحمد الزند – رئيس نادي القضاة سابقًا، وزير العدل حاليًا – في قضايا تزوير واستيلاء على أراضي الدولة، وهاجم في حوار صحفي في يوليو 2015، وزارة الداخلية وقال إنها ترفض تقديم المستندات الخاصة بالرواتب والأجور والمكافآت التي يتقاضاها العاملون بها، وتسبب في أزمة أخرى في أكتوبر 2015، عندما صرح في حوار صحفي، بأن بعض الأجهزة السيادية بها مخالفات مالية.

كل تلك التصريحات ألقت بالشك والحيرة والقلق والإحباط في نفوس المواطنين، الذين لم يجدوا تأكيدًا لها ومحاسبة، أو نفيًا قاطعًا لحدوثها.. فإن كانت مؤيدة بالمستندات الدالة على الفساد، وجب تقديم الفاسدين للقضاء للقول الفصل، وإن كانت اتهامات مرسلة غير موثقة، وجب تقديم مُطلقها للعدالة.

غير أن المرء ليتساءل عن التصريح الأخير للسيد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وتوقيته وهدفه!.. هل يرتبط التوقيت بانتهاء السنة الميلادية 2015؛ لتوضيح أن حجم الفساد قد وصل إلى هذا الرقم بنهايتها، أم لقرب هذا التوقيت من ذكرى ثورة يناير 2011 التي تفصلنا عنها عدة أيام؟!

هل المستندات الكاشفة للفساد والمؤكدة له قد اكتملت وتوثقت وتم ترتيبها؛ لتقديمها للبرلمان القادم الذي سيعقد أولى جلساته في العاشر من الشهر الجاري؟!

هل يتم الحديث عن الفساد والكشف عنه عن طريق وسائل الإعلام المختلفة؟.. أم يجب تقديم الفاسدين للجهات المنوط بها التحقيق والادعاء والمحاكمة؟!

لقد أحسن الرئيس عبد الفتاح السيسي صنعًا، عندما وجه بتشكيل لجنة برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل والمستشار هشام بدوي نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات؛ لتقصي الحقائق ودراسة ما جاء في تصريحات المستشار جنينة.

إن الشعب يطالب بسرعة إنجاز هذه اللجنة لمهمتها؛ لكي يدرك حقائق الأمور ويعرف الأرقام الواقعية التي وصل إليها حجم الفساد في البلاد، وتلاحق العدالة الفاسدين والمفسدين، في الوقت الذي يعاني فيه نصف الشعب من الفقر والإملاق والمرض والأمية والجهل نتيجة هذا الفساد.
الجريدة الرسمية