رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب بين السعودية وإيران!


إن لم يكن ما يجرى في اليمن وسوريا حربا بين السعودية وإيران، فما هو توصيفه إذن؟

نقول إن الحروب التقليدية المدمرة الكبيرة قد انتهت تقريبا، ولن تحدث إلا بين دول تريد الانتحار أو جرى في عقل قادتها شيء.. ولذلك فدرس الحرب الإيرانية العراقية المجنونة ماثل في الأذهان.. وهي التي كلفت أطرافها مليوني قتيل وملايين الجرحى والمشردين، وما يقترب من أربعمائة مليون دولار على الأقل!


اليوم ستكون الكلفة مضاعفة؛ نظرا للتقدم الكبير الذي جرى في الربع قرن الأخير في تكنولوجيا الحرب، ونظرا للبنى التحتية التي زادت في كل دول الخليج وستدخل في حال استهدافها ضمن خسائر الحرب، ولذلك فربما تهدف السعودية إلى وصول الأزمة إلى الحافة؛ أملا في مزيد من الحشد حولها من بعض الدول العربية والإسلامية، وهو ما قد ينعكس - فيما ترى - على الموقف في سوريا واليمن.. وقد توافق إيران على القبول باللعبة وتدفع بالأزمة إلى الحافة أيضا؛ لأن صمتها سيضعها في موقف حرج أمام شيعة المنطقة والعالم..

ويلفت نظرنا أن أمريكا لم تدن تنفيذ حكم الإعدام على المتهمين بالسعودية، وكذلك فعل الاتحاد الأوربي في سابقة هي الأولى تقريبا ضد حكم بالإعدام، على خلفية اتهامات سياسية وعلى عدد كبير من المتهمين.. كما يلفت نظرنا الاتفاق السعودي التركي على تأسيس مجلس تعاون "سعودي تركي" قبل أيام تجاهلته مصر تماما، رغم أنه تزامن مع مطالب بوضع قطاع غزة تحت الإدارة التركية، وهو ما رفضته مصر بحسم وبشكل قاطع، وسترفضه مصر دائما بشكل حاسم وقاطع.. والاتفاق السعودي التركي جدد موقف الدولتين في سوريا، من استمرار دعم المعارضة وضرورة رحيل الرئيس الأسد، وهو ما يعني استمرار الصراع هناك!

وصول الأزمة للحافة في أي نزاع يلجأ إليه الكثيرون لأمر من اثنين.. إما التمهيد للتصعيد العنيف أو لاستفزاز الوساطات والتدخلات من أطراف أخرى كطريق لاستعجال الحلول السلمية.. والتصعيد العنيف لن تقدم عليه السعودية؛ لأنها لن تتحمل فتح جبهة ثالثة مع سوريا واليمن، فضلا عن أعباء الميزانية السعودية وعجزها، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة المحتملة، وهناك ثمن قد يدفعه حلفاء السعودية في أماكن عديدة خصوصا في لبنان والبحرين.. وإيران تستعد لإتمام اتفاقها النووي مع الغرب، وتنتظر الإفراج عن دفعات أموالها المجمدة، وهو ما تدركه السعودية ولكن في الوقت نفسه فالشيخ الشيعي نمر النمر قد أُعدم فعلا، والحوثيون في اليمن هم من يرفضون مفاوضات السلام، وهو أحد أسباب فقدان الأعصاب السعودي، كما أن الأزمة في سوريا يحكمها واقع جديد على رأسه التدخل الروسي الفعال، وكذلك اتفاق مجلس الأمن الأخير!

الآن.. ستشعر السعودية بجرح في كبريائها إن صمتت على الهجوم على سفارتها بطهران، كما أن إيران تدخلت أيضا في شأن هو سعودي خالص من الناحية القانونية، بعد جرح كبريائها أيضا، ونبقى في انتظار تطورات جديدة كل لحظة، ولكن المؤكد الوحيد أن إسرائيل أول وأكثر المستفيدين من أي صراع من هذا النوع، وهو سبب يكفي وحده للتدخل العاجل لوقف ما يجرى وإنقاذ المنطقة من فتنة كبرى!
الجريدة الرسمية