رئيس التحرير
عصام كامل

وطعام الذين أتوا الكتاب حل لكم


الرحمن علم القرآن خلق الإنسان.. خلق الله الإنسان حرا.. في فكره وعمله وعبادته لله.. وترك له الحرية الكاملة في اختيار عقيدته التي هي أهم شيء في حياته.. "فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فليكفر.."، بمعنى أن الخالق أعطى عبيده حرية الفكر التي هي أم الحريات.. حرية العقل لكي يفكر ويتقدم ويتطور، ويستعمر الأرض التي خلق من ترابها ويعيش عليها ويموت فيها.. وإليه النشور.


لقد ساوى الله بين عبيده بغض النظر عن عقيدتهم، وأعطى لكل منهم فرصته في الحياة.. لكنه وعد عباده الذين آمنوا به خيرا وفيرا سواء في الدنيا أو في الآخرة أو في الاثنين معا.. وجعل الإنسان خليفة.. "إني جاعل في الأرض خليفة"، وتوالت رسل الله للإنسان مع تطوره الفكري، وظهر الفساد "أتجعل فيها من يفسد فيها"، وبعث كليم الله عليه صلاة الله وسلامه ومن بعده رسول المعجزات عيسى ابن الصديقة مريم عليه الصلاة والسلام، بنفس الرسالة "أن اعبدوا الله ربي وربكم"، ثم ختمها بعبده محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بالهدى ودين الحق، نفس الرسالة مطورة ومعها الذكر الحكيم الذي لا يأتيه الباطل لكل الناس أجمعين.

صحيح يوجد خلاف عقائدي، لكن المولى عز وجل يقول لنا بوضوح "فمنكم كافر ومنكم مؤمن، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وعلى ذلك فان العقيدة لا تمنع التعارف والتعاون لخير البشر، وقال عز من قائل "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، فطمت البشرية وعلى الإنسان أن يكمل المشوار وحيدا مسلحا بالإسلام الحنيف، وإن لم يكن فعليه أن يبحث عن حق اليقين.

وعلى ذلك لا أجد مبررا لهذه الدعوة بعدم تهنئة الإخوة والأخوات المسيحيين بعيد الميلاد.. أليس عيد ميلاد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام رسول الله المسلم الحنيف.. وأمه ابنة عمران الصديقة "وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين"؟

ألم يبح لنا المولى طعام أهل الكتاب فكيف نأكل طعامهم ولا نسلم عليهم وندعوهم إلى طعامنا؟.. لماذا هذا التطرّف والتزمت؟.. لماذا هذه الأشكال القبيحة والوجوه المتهجمة والكلام الفارغ عن المرأة؟.. لقد كان رسول الله عفيفا باسما.. جميل الطلعة.. مهندم الثياب أي أنيق.. قوي الحجة.. عليم بتفاصيل الأمور التي يتكلم عنها.

يوجد خلاف في الأصول لكنه يجب ألا يفسد للود قضية.. ويوجد خلاف بين المسلمين عن موت سيدنا عيسى وعن الشيخ محمود شلتوت قال إن من يؤمن بوفاة سيدنا عيسى لا ينقص إسلامه، ومن يؤمن بعودته لا ينقص إسلامه أيضا، لقد ترك القرآن الأمر خاضعا للنقاش، يجب أن نفخر بإسلامنا، وكذلك نفخر بأن بلدنا أصل الديانات السماوية اليهودية والمسيحية، ويجب ألا ننسى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضع أسس ومبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في خطبة الوداع، وألا ننسى أن نصلي ونسلم عليه وعلى سيدنا موسى وسيدنا عيسى الحنفاء المسلمين من تبعه وتبعهم إلى يوم الدين.
الجريدة الرسمية